الثبات ـ دولي
كشفت صحيفة الجارديان البريطانية، عن مفاجأة تتعلق بتلقي أعضاء الكونجرس الأمريكي دعمًا ماليًا أكثر من 100 ألف دولار من المانحين المؤيدين للكيان الصهيوني خلال انتخاباتهم الأخيرة.
وأظهر تحليل أجرته الصحيفة لبيانات الحملة الانتخابية أن الأعضاء الحاصلين على المزيد من الأموال كانوا في أغلب الأحيان يطالبون بالدعم العسكري الأمريكي وضمان حق "إسرائيل" في الرد، حتى مع ارتفاع عدد الشهداء المدنيين في غزة إلى 23 ألف شهيد.
وبيّن التحليل أن المواقف التي اتخذها أعضاء الكونجرس خلال الأسابيع الستة الأولى من الحرب، لم تتغير، في حين يرى بعض خبراء تمويل الحملات الانتخابية الذين اطلعوا على البيانات أن إنفاق المانحين ساعد في تعزيز الدعم الساحق الذي يقدمه الكونجرس للكيان الإسرائيلي.
ويقارن التحليل الذي أجرته الصحيفة مساهمات الحملات الانتخابية من الجماعات والأفراد المؤيدين للكيان الصهيوني إلى كل عضو في الكونجرس الحالي تقريبًا مع تصريحات كل مشرع حول الحرب حتى منتصف نوفمبر.
وأوضح أن حوالي 82% من أعضاء الكونجرس كانوا أكثر دعمًا للكيان، و9% فقط أكثر دعمًا لفلسطين خلال هذه الفترة، أما البقية فكانت لهم وجهات نظر مختلطة.
وحصل المشرعون المصنفون كمؤيدين للكيان على حوالي 125 ألف دولار في المتوسط خلال انتخاباتهم الأخيرة، في حين حصل المؤيدون لفلسطين في المتوسط على حوالي 18 ألف دولار.
* ما يزيد عن 58 مليون دولار.. حجم ونطاق إنفاق المانحين لأعضاء الكونجرس
قالت الصحيفة إن التحليل يشتمل على 33 مجموعة من المؤيدين للكيان وعدد من الأفراد الذين يعملون على تعزيز الدعم السياسي الأمريكي وتأمين المساعدة العسكرية وتوجيه الحوار الوطني، وتشمل الجهات الفاعلة البارزة في تمويل الحملات لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيليية (إيباك)، والأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل (DMFI)، وجي ستريت.
وذكرت أن حجم ونطاق إنفاق المانحين كان كبيرا خلال الحملات الانتخابية للكونجراس، فقد ذهب ما يزيد عن 58 مليون دولار إلى أعضاء الكونجرس الحاليين، وتلقى جميعهم تبرعات باستثناء 33 منهم.
وقال جون ميرشايمر، أستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو والمؤلف المشارك لكتاب "اللوبي الإسرائيليي والسياسة الخارجية الأمريكية" عام 2006، إن النتائج لها "آثار عميقة على ما تبدو عليه السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل".
وتابع ميرشايمر: "إذا لم يكن هناك لوبي يدفع الكونجرس في اتجاه معين وبطريقة قوية حقًا، فإن موقف الكونجرس الأمريكي بشأن الحرب في غزة سيكون مختلفًا بشكل أساسي".
* مواقف أكثر توضيحًا
أشارت الصحيفة إلى أن النائب بيكون، الذي حصل على حوالي 250 ألف دولار، أظهر دعماً كاملاً للكيان، فيما وجه كارسون، الذي حصل على 3 آلاف دولار، انتقادات إلى تل ابيب، مستنكرا حكمها غير العادل للشعب الفلسطيني مطالبا بوقف إطلاق النار.
*جهات مانحة ليست متجانسة أيدلوجيا
وأضافت الصحيفة أن الجهات المانحة ليست متجانسة أيديولوجياً، فإن منظمة "جي ستريت"، التي تطلق على نفسها اسم "مؤيدة للكيان الإسرائيلي ومؤيدة للسلام" وتعتبر من بين أكثر لجان العمل السياسي ليبرالية، لم تقدم الدعم سوى للديمقراطيين، وفي بعض الحالات دعمت المرشحين التقدميين الذين تستهدفهم لجان العمل السياسي الأكثر تحفظًا، مثل إيباك أو DMFI.
وفي حين ضغط المانحون من مختلف الأطياف على المشرعين لدعم إسرائيل بعد 7 أكتوبر، كانت "جي ستريت" من بين المجموعة الوحيدة التي أثارت القلق بشأن الأزمة الإنسانية في غزة وأعربت عن دعمها لشروط المساعدات المقدمة للكيان الإسرائيلي.
وفي تصريح لصحيفة الجارديان، قال المتحدث باسم إيباك، مارشال ويتمان، إن: "فخورين بمشاركتنا في العملية الديمقراطية - كما هو حقنا كأمريكيين - لتعزيز العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
* ما وجدته الصحيفة
لتحديد ما إذا كان المشرعون داعمين للكيان الإسرائيلي أو فلسطين أو كانت لديهم ردود فعل متباينة، راجعت صحيفة الجارديان التصريحات الإعلامية للمسؤولين وحسابات تويتر والرسائل الموجهة إلى جو بايدن في الفترة من 7 أكتوبر حتى منتصف نوفمبر.
وقد ساعدت هذه اللحظة غير المسبوقة في العلاقات الأمريكية الإسرائيليية على كشف مدى دعم الكونجرس الإسرائيلي، بحسب الصحيفة.
ووجد تحليل ردود أعضاء الكونجرس في هذه الفترة ما يلي :
93% دعوا إلى دعم عسكري أو مالي أمريكي للكيان الإسرائيلي.
81% يؤيدون الرد الإسرائيلي.
17% انتقدوا الكيان الإسرائيلي أو دعوا إلى وقف إطلاق النار.
17% وضعوا الحرب في سياقها، مما يعني أنهم أثاروا قضايا مثل التوسع الاستيطان الإسرائيلي أو انتهاكات حقوق الإنسان في غزة التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.
وتغيرت مواقف بعض المشرعين مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتسبب الهجمات الإسرائيليية في سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بين المدنيين. في أعقاب الغارة الإسرائيليية القاتلة على مخيم جباليا للاجئين ، على سبيل المثال، دعا السيناتور ديك دوربين والنائب ماكسين ووترز ، اللذان أظهرا في السابق دعمًا أقوى للكيان الإسرائيلي، إلى وقف إطلاق النار.
* حجب المساعات الأمريكية للكيان الإسرائيلي ضرب من الخيال
وقال ستيفن والت، أستاذ الشؤون الدولية بجامعة هارفارد الذي شارك في تأليف الكتاب مع ميرشايمر، إن أنماط الإنفاق المفصلة في التحليل تساعد في تفسير سبب انفجار الحرب في غزة.
وأضاف أنه على مدى العقود الأخيرة، لم تكن إسرائيل على الأرجح قادرة على تنفيذ العديد من سياساتها التحريضية، مثل التوسع الاستيطاني، دون وجود "لوبي مؤيد للكيان الإسرائيلي" للمساعدة في تأمين الأسلحة والدعم السياسي الأمريكي.
وتابع: أفكار مثل العقوبات الأمريكية، أو حجب المساعدات العسكرية، أو رعاية الولايات المتحدة لقرار حاسم من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، هي "خيال علمي كامل" ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تأثير هذه الجماعات.
وقال ميرشايمر إن العديد من الجماعات المؤيدة للكيان الإسرائيلي عارضت إقامة دولة فلسطينية، ولعبت دورا هاما في عرقلة عمليات السلام.
* تغير موقف بعض النواب المؤيدين لفلسطين
تحول أعضاء الكونجرس الذين كانوا أكثر دعمًا للقضايا الفلسطينية أو أكثر حيادية قبل انتخابهم، مثل السيناتور جون فيترمان، والنائب ماكسويل فروست والسيناتور رافائيل وارنوك، إلى اتخاذ مواقف أكثر تأييدًا للكيان الإسرائيلي بعد أن قدمت الجماعات المؤيدة للكيان الإسرائيلي تبرعات لحملاتهم، ووجدت صحيفة الجارديان أن فيترمان ووارنوك أكثر دعمًا للكيان الإسرائيلي بعد هجمات 7 أكتوبر، في حين كان لدى فروست ردود فعل متباينة ووقع على قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار.
وقال رئيس DMFI، مارك ميلمان، إن التحليل لا يثبت أن مساهمات المانحين المؤيدة للكيان الإسرائيلي أثرت على موقف الكونجرس أو تسببت في تغيير أي مشرع لوجهات نظره بشأن إسرائيل. وقال إن أي شخص يفترض ذلك هو "مدافع وليس محللا".