الثبات ـ دولي
نشر موقع حلف "الناتو" الرسمي مقالاً تحليلياً أعده غيرغوري ويفر، أحد كبار موظفي الحلف السابقين، دعا فيه إلى ضرورة تعزيز "الردع النووي".
يعتقد كاتب المقال أنه في حال نشوب حرب مع الحلف، فإنّ روسيا ستبادر إلى استخدام الأسلحة النووية، مشيراً إلى أنّ موسكو كرّرت، خلال الفترة الماضية، أنّ "الناتو" هو الذي يسعى للمواجهة.
وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في أكثر من مناسبة، إنّ "المزيد من توسع الحلف شرقاً لن يجلب مزيداً من الأمن إلى أوروبا"، مشيراً إلى "الطبيعة العدوانية لـلناتو".
وبالإضافة إلى أصوات في الغرب تقول إنّ سياسات واشنطن وحلف شمال الأطلسي هي التي تؤدي إلى مواجهة مباشرة مع روسيا، اتهم المرشح الرئاسي الأميركي السابق، والسياسي المعروف في ولاية هاواي، تولسي غابارد، الرئيس الأميركي جو بايدن بـ"التحريض على حرب نووية".
وبناءً عليه، يؤكد غيرغوري ويفر أنه "في حرب مستقبلية افتراضية مع حلف (الناتو)، من المرجح أن تشعر روسيا بالحاجة إلى استخدام الأسلحة النووية، في وقت مبكّر من الصراع".
ووفقاً له، فإنّ هذا يعني أنّ "ردع التصعيد النووي الروسي سيصبح أكثر أهمية من ردع العدوان الروسي التقليدي".
الدفاع البيلاروسية: النووي الروسي سيُستخدم في حال تعرّضنا لعدوان الناتو
ويعبّر الخبير غيرغوري ويفر عن ثقته بأنّ "أولئك الذين يعتقدون أنّ التهديد الروسي للحلف يمكن احتواؤه بسبب تفوق "الناتو" في الأسلحة التقليدية، مخطئون على نحو خطير". ويشير إلى أنّ تعزيز الردع النووي يجب أن يصبح أولوية للحلف.
وتابع مؤكداً أنه "لا ينبغي لحلف شمال الأطلسي أن يفترض أن روسيا لن تستخدم الأسلحة النووية ضد الناتو (عند اندلاع مواجهة معه) بما أنّها لا تستخدمها في أوكرانيا".
ويفترض الكاتب أنّ الصراع في أوكرانيا سينتهي "من دون انتصار روسي حاسم"، لكنه يحذّر من أنّ "كلّ شيء سيعتمد على النتيجة، التي يمكن أن تتخذ أشكالاً متعددة".
ويخلص الخبير غيرغوري ويفر إلى أنّ حلف "الناتو" يحتاج إلى تعزيز الردع النووي، مشيراً إلى أنه "من أجل تلبية هذه المتطلبات، يحتاج الحلف إلى عدد من الأسلحة النووية المنتشرة بصورة دائمة، والتي تتمتع بقدر كبير من البقاء، والتي يمكنها اختراق دفاعات العدو الجوية والصاروخية بصورة موثوق بها، مع نتائج تفجيرية متفاوتة في إطار زمني مهم من الناحية التشغيلية".
ووفقاً له، فإنّ "القوات النووية الاستراتيجية، في حدّ ذاتها، لا تتمتع بالمرونة والعملياتية الكافيتين، من أجل إقناع روسيا بأنّ حلف شمال الأطلسي مستعد تماماً لمواجهة الاستخدام المحدود للأسلحة النووية التكتيكية".
ويعتقد المحلل أنه "بالنظر إلى ذلك، وبالإضافة إلى الوضع المحتمل مع مواجهة الناتو لخصمين نوويين (روسيا والصين)، فإنّ الحلف يتطلب قدرات نووية تكتيكية إضافية".
واشنطن: لا مؤشرات على عزم روسيا استخدام أسلحة نووية
ويشير إلى أن "تحديث طائرات الحلف المقاتلة، وذات الدور المزدوج (القيام بمهمات قتالية تقليدية ونووية)، أمر ضروري ويحرز تقدماً، إلا أنه ليس كافياً. فالقوات النووية التكتيكية لحلف الناتو صغيرة للغاية، وغير قابلة للمواجهة بما فيه الكفاية، وتفتقر إلى المرونة الكافية للتعامل مع مجموعة من السيناريوهات العسكرية المرتقبة. وكي تكون قادرة على ذلك، يتعين تحسينها بصورة ملحوظة".
وبحسب ويفر، يحتاج "الناتو" في أوروبا إلى "إضافة نوع واحد آخر على الأقل من قدرات الأسلحة التكتيكية"، كخيار محتمل لمثل هذا النظام الإضافي، بحيث يستشهد بصاروخ كروز الأميركي، الذي يُطلَق من البحر، SLCM-N، برأس حربي نووي، والمصمَّم للغواصات الأميركية الهجومية.
وكان الأمين العام لـ"الناتو"، ينس ستولتنبرغ، قال، في وقت سابق، إنّ الحلف "سيظلّ نووياً، لكنه يدافع عن الحد من الأسلحة وتوازن القوى، ويعتزم العمل في هذا المجال على نحو يعكس تصرفات روسيا".
وأضاف أنّ "الحلف لا يزال يقظاً، ويراقب من كثب تصرفات روسيا فيما يتعلق بإمكاناتها النووية، لكنه لم يشهد بعدُ أي تصرفات مثيرة للقلق من جانب روسيا، والتي يمكن أن تتطلب تعزيزاً من قبل الناتو".
وكانت روسيا نشرت، نهاية عام 2021، مسودّات معاهدة مع الولايات المتحدة الأميركية، واتفاقية مع حلف "الناتو" بشأن الضمانات الأمنية. وفي 26 كانون الثاني/يناير، قدّمت الولايات المتحدة وحلف "الناتو" ردوداً مكتوبة على هذه المقترحات إلى موسكو.
وفي مسودّة اتفاق الضمانات الأمنية مع حلف "الناتو"، اقترحت روسيا استبعاد مزيد من التوسع في الحلف وانضمام أوكرانيا إليه، والتخلي عن الأنشطة العسكرية في أراضي أوكرانيا، ودول أخرى في أوروبا الشرقية ومنطقة القوقاز وآسيا الوسطى.
وفي 26 كانون الثاني/يناير 2022، أرسل وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، رسالة إلى نظرائه في حلف "الناتو" ودول الاتحاد الأوروبي، بلغ مجموع المخاطبين فيها 37 دولة وجهة، تضمنت شرحاً عن نيات هذه الدول في الممارسة العملية للوفاء بالالتزامات التي تعهدتها في إطار منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، على أعلى مستوىً، بشأن عدم تجزئة الأمن، والفشل في تعزيز أمنها على حساب الآخرين، والإبلاغ بشأن سبب عدم نيتها ذلك.
وفي وقت لاحق، أعلن لافروف أن أياً من نظرائه الوزراء لم يردّ على هذه الرسالة.