الثبات ـ عربي
اتجه بيان صدر الخميس الماضي في العاصمة الأردنية عمان باسم ثمانية من أحزاب المعارضة لأسوأ سيناريو محتمل تحت عنوان عودة الحراك الشعبي والعودة إلى الشارع تحت يافطة لها علاقة بالوضع المعيشي والاقتصادي هذه المرة وليس بأي مطلب سياسي.
ثمانية أحزاب معارضة أعلنت عن برنامج تصعيدي يبدأ الأحد المقبل ويتكرس الجمعة التي تليه تحت عنوان إسقاط نهج الحكومة في سياسات رفع الأسعار، والبيان تحدث عن ارتفاع أسعار المحروقات بصورة قياسية جعلت أسعارها للمواطنين الأردنيين هي الأغلى في المنطقة وقد تكون الأعلى بين دول العالم.
وتلك حقيقة لا يناقشها من أصدر البيان ولا ترد عليه الحكومة التي تلتزم الصمت بعد معادلة تسعير المحروقات الأخيرة التي استفزت الشارع الأردني عمليا وعشرات المواطنين وانتهت بالدعوة إلى مقاطعة التحرك بسيارات ومحطات الوقود بعد الانتهاء من حملة نجحت نسبيا في لفت النظر تحت عنوان مقاطعة الدجاج بعد ارتفاع أسعاره.
البرنامج التصعيدي الجديد وقعت عليه ثمانية أحزاب من بينها حزب المعارضة الأكبر في البلاد بالتأكيد جبهة العمل الإسلامي وهو الذراع الخاص بجماعة الإخوان المسلمين لكن من بين الأحزاب الموقعة أيضا حزب الأردن أقوى وحزب الجبهة الأردنية الموحدة وحزب الشراكة والإنقاذ مع خمسة أحزاب أخرى جميعها بميول وطنية وأحيانا إسلامية ودون وجود النكهات الحزبية اليسارية أو القومية.
المثير واللافت للنظر في البيان الذي يعلن التصعيد لإسقاط سياسات رفع الأسعار هو تلك اللغة السياسية العميقة التي استخدمت مع أن المسألة تتعلق بشعارات وهتافات معيشية ليس أكثر.
في البيان المشار إليه حديث عن أسوأ نتائج يتعرض لها الشعب الأردني جراء ما أسمته الأحزاب الثمانية بالنهج المنحرف في إدارة كل شؤون الأردنيين وهي عبارة تعني بلغة السياسيين تجاوز مسألة رفع الأسعار حصريا، كما تحدث البيان عن فساد المنظومة وتدوير المسؤولين بعيدا عن إرادة الشعب واتخاذ إجراءات وقرارات لتغطية الفشل.
وأشار إلى أن الحكومة عليها أن تتراجع وفورا عن سياسة قرار رفع أسعار المحروقات ووصف البيان الوضع الاقتصادي الداخلي بأنه مريع ومتردٍ ثم دعا الشعب إلى التصدي لهذه الحالة.
وربط المسألة باستمرار ما أسمته الأحزاب الثمانية بنهج الاستبداد الذي يحرم الأردنيين من مشاركتهم في تقرير حقوقهم.
لغة البيان هجومية وحادة جدا وغير مسبوقة لكن الحكومة حتى الآن صمتت ولم تعلق على مسار الأحداث فيما لم تشرح وزارة الطاقة التفاصيل.
الأهم هو وجود الإسلاميين على رأس الأحزاب التي وقعت هذا البيان وأعلنت الاعتصام أمام مجمع النقابات المهنية الأحد المقبل ثم مسيرة أمام المسجد الحسيني وسط العاصمة عمان الجمعة التي تلي ذلك بمعنى برنامج تصعيدي على أكثر من جبهة، ولافت جدا للنظر أن التيار الإسلامي يعلن ضمنيا هنا وقف سياسته بعدم النزول للشارع تحت عنوان خدمي أو معيشي وبالتالي الفرصة قد تكون متاحة لمشاهدة محطات في غير وقتها من الإثارة بالشارع الأردني مع أن آلية تسعير المحروقات تحديدا لا تزال غامضة وفيها من الألغاز والأسرار ما يثير سخط الأردنيين عموما.
في السياق أيضا نفسه أن الفعالية الأولى في التصعيد الجديد باسم أحزاب المعارضة وبعض الأحزاب الوسطية وتحت عنوان المعيشة الاقتصادية يبدأ قبل 24 ساعة من موعد مقرر لإعلان رؤية اقتصادية جديدة تحظى بإرادة سياسية وملكية حيث اجتماع ضخم في البحر الميت لعقد جلسات حوار وللإعلان عن إطلاق رؤية لتحديث المنظومة الاقتصادية الجديدة ووثيقة عابرة للحكومات كما وصفت لكن مضمونها لا يزال غامضا بالنسبة للرأي العام وحتى بالنسبة للأحزاب السياسية.
كما صدر هذا التصعيد في لهجة الأحزاب الأردنية بعد أو بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الشراكة الأوروبية في الأردن والحديث عن ضمانات أمريكية وأوروبية لإسناد ملفات الطاقة والأمن المائي في الأردن.
وفي الوقت الذي انطلقت فيه مشاريع تكامل صناعية ثلاثية وأخرى زراعية مع الإمارات ومصر بمعنى أن المؤسسات الأردنية تجتهد وبحزم وقوة باتجاه التفعيل الاقتصادي والبحث عن شراكات، وبالمقابل لا ترى أحزاب المعارضة الثمانية في تلك الخطوات إلا محاولة للتغطية على ما تسميه بأسوأ سيناريو بنتائج الانحراف في إدارة كل شؤون الأردنيين.