الثبات ـ عربي

يُجمِع الخبراء الأمنيين والسياسيين في إسرائيل على أنّ اتفاقيات التطبيع التي تمّ التوقيع عليها مع كلّ من مصر (1979) ومع المملكة الأردنيّة الهاشميّة (1994)، لم تتمكّنا رغم مرور عشرات السنوات، من إقناع الشعبيْن العربييْن في كلٍّ من مصر والأردن بقبولهما، لا بلْ بالعكس، يؤكّد المحللون، أن الشعبان المصريّ والأردنيّ، يُصعّدان نضالهما ضدّ الاتفاقيات مع دولة الاحتلال ويرفضون أيّ شكلٍ من أشكال التطبيع، بالرغم من أنّ النظامين الحاكميْن فيهما، انخرطا في عملية تطبيع مع إسرائيل، ويعقدان المؤتمرات المُشتركة في كلٍّ من القاهرة وعمّان.

وفي هذا السياق، بينّ مؤشر التعاطف مع إسرائيل زيادة في الدول العربية خلال عام 2021 مقارنة بالعام الذي سبقه، وذلك وفقًا لتقرير يستند إلى نتائج استطلاع للرأي العام أجرته وزارة الخارجية في تل أبيب، ومؤسسة “كونراد أديناور” في تشرين الثاني (نوفمبر) الأخير، ونُشِرت نتائجه في صحيفة (ماكور ريشون) العبريّة.

وبحسب التقرير في الصحيفة العبريّة، الذي اعتمد على مصادر إسرائيليّةٍ رسميّةٍ، فقد اشتركت بالاستطلاع خمس دول عربية هي: الإمارات، قطر، المغرب، المملكة العربيّة السعودية والبحرين، وتطرّق الاستطلاع إلى تأثير حملة “حارس الأسوار” على صورة إسرائيل في هذه الدول، و”حارس الأسوار” هي التسميّة الإسرائيليّة للعدوان الأخير الذي شنّه جيش الاحتلال ضدّ قطاع غزّة في أيّار من العام الماضي.

ووفقًا للمعطيات التي ظهرت في الاستطلاع، فإنّ نتائج التعاطف لم تكن مرتفعةً منذ البداية، لكن اللافت أنّها مستقرة فيما سجلت زيادة في بعض البلدان، حيث تصدّرت الإمارات العربيّة المُتحدّة بنسب التعاطف المرتفعة مع إسرائيل وقال 55 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أنّهم “يحملون أفكارًا إيجابية عن إسرائيل”، والمُفارقة في هذه النسبة أنّها تتجاوز نظيرتها وسط الأمريكيين المشاركين في الاستطلاع، فهناك 53 بالمائة من المستطلعة آراؤهم قالوا: “إنّهم يتعاطفون مع إسرائيل”.

وبحسب التقرير، فإنّ 60  بالمائة من القطريين لا يؤيدون إسرائيل، لكنّه من المدهش أنْ نجد أنّه في بلد يقوم بتحويل الأموال إلى “حماس”، أعرب 38 بالمائة من المستطلعين عن تعاطفهم مع إسرائيل، حيث أجاب 2 بالمائة بأنهم ليس لديهم رأي.

أمّا “أسوأ” مفاجأة بين الدول العربيّة فكانت في مملكة البحرين، التي وبالرغم من توقيعها على اتفاقيات التطبيع في العام 2000، فقد قال 17 بالمائة فقط من المستطلعين إنّهم يدعمون إسرائيل ما يعني حدوث انخفاض كبير عن عام 2020، عندما أجاب 31 بالمائة أنّهم “يدعمون إسرائيل”.

وحقّق التعاطف مع إسرائيل نموًا في الدول الغربية التي شملها الاستطلاع، ففي ألمانيا (40 بالمائة) وفرنسا (34 بالمائة)، وتعتبر هذه النسبة في كلا البلدين زيادة لافتة عن السنوات الأخيرة، وشدّدّ التقرير في الخلاصة على أنّه “كلّما كان هنالك تواصل ومعرفة بين الدول المشمولة في الاستطلاع وبين إسرائيل فإنّ نسبة التعاطف تزداد”، على حدّ تعبيره.

وكانت المستشرقة الإسرائيليّة سمدار بيري قد أقرّت في تحليلٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أقرّت بأنّ السلام مع مصر ما زال باردًا جدًا وبحاجةٍ ماسّةٍ للإنعاش، خصوصًا من طرف صُنّاع القرار في القاهرة، لافتةً في الوقت عينه إلى أنّ ما أسمته بـ”شهر العسل” الإسرائيليّ مع دول الخليج يزداد حدّةً بالتزامن مع “السلام البارد”، التجاريّ والمدنيّ، مع مصر، الأمر الذي يتطلّب من إسرائيل دفع الباب إلى الأمام لإدخال مصر ضمن هذا السلام الدافئ الحاصل مع الدول العربيّة في الخليج، على حدّ تعبيرها.