دعوات مغربية إلى جعل رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية

الخميس 30 كانون الأول , 2021 09:20 توقيت بيروت منــوّعــــات

الثبات ـ منوعات

ما إن يقترب موعد رأس السنة الأمازيغية في المغرب، حتى يبادر ناشطون إلى مطالبة الحكومة بجعل يوم الاحتفال في 13 يناير من كل عام، يوم عطلة رسمية ومدفوعة الأجر، نظرا لرمزيته التاريخية والثقافية.

ولم يتضح إلى الآن ما إذا كانت الحكومة التي يرأسها عزيز أخنوش، تنوي الإقرار بترسيم ما يعرف بـ "إيخف أوسكواس" (أي رأس السنة بالأمازيغية) عيدا وطنيا، رغم أن البرنامج الحكومي تضمن التزاما بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وخصص صندوقا بميزانية مليار درهم بحلول 2025 ( نحو 108 ملايين دولار).

وعلى الرغم من مرور 10 سنوات على دسترة اللغة الأمازيغية كلغة رسمية للبلاد، لكن عدة مبادرات ومرافعات أخفقت في جعل رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية في المملكة.

"سنحتفل بقوة"

وبدا الموقف الحكومي غير واضح بخصوص رأس السنة الأمازيغية، لأن الوزير باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، سئل حول الموضوع، فاكتفى بقول "سنحتفل برأس السنة الأمازيغية كما يجب وبقوة"، دون أن يوضح شكل هذا الاحتفال.

وأكد الوزير، في مؤتمر صحفي، الخميس الماضي، أن "هناك إرادة قوية للانخراط في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بكل جدية، وهذه الإرادة ستستمر إلى غاية نهاية الولاية الحكومة".

كما أشار إلى أن الحكومة "خصصت 220 مليون درهم لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجموعة من المؤسسات، حتى لا يبقى هذا الملف موضوع مزايدات".

وسبق للوزير الحالي، عندما كان نائبا برلمانيا في الولاية التشريعية السابقة، أن قدم مقترح قانون يطالب بترسيم "إيض يناير"، عيدا وطنيا وعطلة مؤدى عنها.

لا مُبرر لتأخير الترسيم

في تعليقه على تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، اعتبر الناشط والباحث في الشأن الأمازيغي، عبد الله بادو، أن الأمر "يترجم غياب إرادة حقيقة للدفع بملف الأمازيغية، لأن الوزير تهرب من الإدلاء بموقف الحكومة تجاه مطلب ناضل من أجله المدافعون عن الأمازيغية طيلة عقود".

ويرى بادو، أنه "لا يوجد شيء يُبرر تأخر الحكومة في ترسيم رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا؛ لأن الخطوة لن تكلف الدولة الشيء الكثير، بل ستساهم في تعبئة كل المواطنات والمواطنين للانخراط في الجهود والمبادرات الوطنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية".

كما يرى الباحث أن ترسيم يوم الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، تمليه "اعتبارات سياسية وثقافية واجتماعية، تتمثل أساسا في جعل المكتسبات مناسبة لتقييم التقدم الحاصل في ملف

ويعتقد عضو "منظمة تماينوت" الأمازيغية (غير حكومية)، هشام المستوري، أن عدم إعلان الحكومة لرأس السنة الأمازيغية عيدا رسميا ويوم عطلة كباقي الأعياد، يضر بالبلاد وبمصالحها أكثر من أي شيء آخر، "مما يستدعي استحضار الحكمة".

في حديثه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، ذكر المستوري أن "خطاب الحركة الأمازيغية مؤسس على العقلانية وليس الأوهام، وبفضله تحققت تحولات مهمة على مستويات مختلفة ذات وقع إيجابي في البلاد".

وأوضح المتحدث ذاته أن " الأمازيغية هي صلب الهوية بالمغرب وصمام الأمان الحقيقي الذي يضمن التعدد ويحقق العيش المشترك، اعتبارا لأصليتها وأصالتها على مستويات متعددة".

ويضيف المستوري "المطلب الشعبي الذي يقابله عدم التزام رسمي، يجد أحقيته في التخليد استنادا لاعتبارات كثيرة جدا؛ يتداخل فيها التاريخي بالأنثروبولوجي والسوسيولوجي، بالإضافة إلى رمزيته في منطقة شمال إفريقيا وجنوب الصحراء".

ويؤكد الباحث الأنثروبولوجي الأمازيغي، الحسين آيت باحسين، أن "الاحتفال بالسنة الأمازيغية انتعش مع التجديد الثقافي الأمازيغي وعمل الحركة الأمازيغية على إكساب المناسبة دلالة رمزية ثقافية واجتماعية".

ويضيف باحسين أن ذلك يتأتى من خلال "ضرورة الحفاظ على هذا الاحتفال كتراث غير مادي، مع السعي إلى تطويره ليساهم في الدينامية الجديدة للثقافة الوطنية ، فضلا غت تثمين الذاكرة الجماعية والتاريخ الوطني".

وأبرز ذات المصدر، أن للاحتفال برأس السنة الأمازيغية "دلالات كثيرة وعميقة من الناحية الرمزية والأنثروبولوجية، على رأسها التعود على تدبير الندرة أو القلة، والوعي بضرورة خلق الانسجام مع البيئة، والاعتزاز بالخصوصيات الثقافية والهوياتية، وتمرير الذاكرة التاريخية للأجيال المستقبلية".

وأضاف آيت باحسين، أن "كل المغاربة تقريبا، سواء من الناطقين بالأمازيغية أو غير الناطقين بها، يحتفلون برأس السنة الأمازيغية ليلة 13 يناير، مع تنوع في عادات وتقاليد وطقوس الاحتفال، ويتم إعداد أطباق بالمناسبة مما تجود به الطبيعة ومما يتوفر لدى ساكنة كل منطقة من تلك المناطق".

وخلص الباحث الأنثربولوجي إلى أنه "إذا تجاوزنا مشكلة الجذور التأريخية للتقويم الأمازيغي، باختيار فترة ساهم فيها الأمازيغ في الحضارة المصرية الفرعونية بوصول شيشانق الأول إلى السلطة السياسية سنة 950 قبل الميلاد، سنلاحظ بأن الاحتفال برأس السنة الأمازيغية مدني بامتياز؛ لأنه يكاد يكون الاحتفال الوحيد الذي يقام خارج فضاءات ذات وظيفة تعبدية".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل