الثبات ـ عربي
نفذ الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، أخيرا، تعهده السابق بأن تكون تونس أول وجهة خارجية له بعد وصوله إلى الرئاسة.
وإذ قرئت زيارته، الآتية في توقيت حساس، على أنها انتقال في مسار الدعم المسدى للرئيس قيس سعيد إلى مستوى أعلى وأكثر وضوحا، فقد أدرجها مراقبون أيضا في إطار سعي الجزائر إلى تشكيل حائط صد قوي عنها، بوجه الرياح الآتية من كل من المغرب وليبيا.
على نحو مباغت، أُعلن في الجزائر، يوم الإثنين الماضي، عن زيارة للرئيس عبد المجيد تبون إلى تونس، في توقيت تزامن مع خطاب الرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي كشف فيه عن خارطة الطريق التي يقترحها لحل الأزمة السياسية والدستورية التي تواجهها البلاد منذ 25 تموز الماضي. لم تكن الزيارة في حد ذاتها مفاجئة، إذ إنها مبرمجة منذ وقت طويل، فيما لم تسعف الظروف الصحية لتبون في إتمامها، لكن توقيتها اليوم هو ما فتح الباب على القراءات والتأويلات، التي رأى بعضها في خطوة تبون دعما علنيا وواضحا لسعيد، في هذه المرحلة الحساسة من رئاسته، والتي يقبل فيها على تغيير نظام الحكم في تونس. ولعل ما يعزز تلك القناعة، أن السلوك الجزائري ظل ثابتا منذ بداية الأزمة التونسية؛ فبمجرد إعلان سعيد تعطيل البرلمان، كان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، أول مسؤول أجنبي رفيع يزور تونس ويلتقي رئيسها، في زيارة تكررت مرتين في ظرف قصير، ما أوحى بتزكية جزائرية لخطوات سعيد. تزكية تنتقل اليوم إلى مستوى أعلى، من خلال زيارة تبون نفسه، غداة الإعلان في تونس عن قرارات مصيرية - بغض النظر عن توصيفها الديموقراطي-، من شأنها إذا ما نفذت تغيير شكل الخارطة السياسية التونسية التي أرسيت بعد انتفاضة 2011، والتي سيطرت عليها حركة «النهضة» بشكل رئيس. وكانت تصريحات تبون، منذ بدء الأزمة التونسية، توحي بتفهمه قرارات سعيد، التي قال إن الأخير أطلعه عليها، واصفا إياه بـ«الصديق المثقف». كما صدرت تصريحات عن تبون فهم منها أن الجزائر ستتعامل مع طرف واحد في تونس، وهو الرئيس.