أحكام رمضان .. الإفطار في نهار رمضان لأصحاب المهن الشاقة

الإثنين 27 نيسان , 2020 01:22 توقيت بيروت الفقه الإسلامي والفتاوى

الثبات - علوم إسلامية 

 

أحكام رمضان

الإفطار في نهار رمضان لأصحاب المهن الشاقة

 

 المهن الشاقة مثل الخباز وعامل الباطون وغيرها من المهن التي يعمل بها كثير من الناس كي يكفوا أنفسهم وأهلهم من الحلال، وفي رمضان مع صعوبة العمل وطول ساعات الصيام ربما يشق على أصحاب هذه المهن الصيام.

وحكم صيام أصحاب المهن الشاقة أنَّ على أصحاب المهن الشاقة لا يجوز لهم أن يبدأوا يومهم مفطرين من غير صوم؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، فإذا تيسر لهم صيام أول النهار قبل أن تلحقهم المشقة فلا يجوز لهم الفطر بسبب المشقة ، التي لم تدركهم بعد؛ لذلك قال الفقهاء: 'يجب عليهم تبييت النية بالصوم؛ لأنَّه ربما لا تلحقهم مشقة شديدة'.

 إنَّ الشريعة الإسلامية هي رحمة وتيسير، جاءت برفع الحرج عن الناس وتخفيف المشقة عنهم، كما قال عز وجل في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِم}.

وصاحب الصنعة الشاقة الذي يحتاج حرفته لتحصيل نفقته ونفقة عياله يجب عليه أن يشرع في الصيام وقت الفجر بعد تحقيق النية، ثم يشرع في عمله وتكسبه، فإذا لحقته مشقة شديدة غير معتادة تمنعه من إتمام صومه جاز له الفطر ذلك اليوم، ويلزمه قضاؤه في مستقبل أيامه حين يتيسر له القضاء.

لذلك عليهم الحرص على نية الصيام والشروع فيه،ويتذكرو بأنَّ الله عز وجل مطلع على أحوالهم، ويكتب لهم أجرهم مضاعفاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "إن لك من الأجر على قدر نصبك" رواه الحاكم وأصله في 'الصحيحين'.

من نصوص العلماء في هذه المسألة:

قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 420): [والذي ينبغي في مسألة المحترف أن يقال: إذا كان عنده ما يكفيه وعياله لا يحل له الفطر؛ لأنه يحرم عليه السؤال من الناس فالفطر أولى وإلا فله العمل بقدر ما يكفيه، ولو أداه إلى الفطر يحل له إذا لم يمكنه العمل في غير ذلك مما لا يؤديه إلى الفطر، وكذا لو خاف هلاك زرعه أو سرقته ولم يجد من يعمل له بأجرة المثل وهو يقدر عليها؛ لأن له قطع الصلاة لأقل من ذلك، لكن لو كان آجر نفسه في العمل مدة معلومة فجاء رمضان، فالظاهر أن له الفطر وإن كان عنده ما يكفيه إذا لم يرضَ المستأجر بفسخ الإجارة كما في الظئر؛ فإنه يجب عليها الإرضاع بالعقد، ويحل لها الإفطار إذا خافت على الولد فيكون خوفه على نفسه أولى. تأمل. هذا ما ظهر لي، والله تعالى أعلم] اهـ.

وقال العلامة الحطَّاب المالكي في "مواهب الجليل شرح مختصر خليل" (2/ 441): [وقال البرزلي: مسألة: الحكم في غبار الكتان وغبار الفحم وغبار خزن الشعير والقمح كالحكم في غبار الجباسين قال: وعلى هذا يقع السؤال في زماننا إذا وقع الصيام في زمان الصيف فهل يجوز للأجير الخروج للحصاد مع الضرورة للفطر أم لا؟ كانت الفتيا عندنا إن كان محتاجًا لصنعته لمعاشه ما له منها بد فله ذلك، وإلاكره، وأما مالك الزرع فلا خلاف في جواز جمعه زرعه وإن أدى إلى فطره، وإلا وقع في النهي عن إضاعة المال وكذا غزل النساء الكتان وترقيق الخيط بأفواههن، فإن كان الكتان مصريًّا فجائز مطلقًا، وإن كان دمنيًّا له طعم يتحلل فهي كذوي الصناعات إن كانت ضعيفة ساغ لها ذلك، وإن كانت غير محتاجة كره لها ذلك في نهار رمضان] اهـ.

وقال الشيخ ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (3/ 429-430): [ويُباح تركُه أي رمضان، ومثله بالأَوْلى كل صوم واجب للمريض أي: يجب عليه، ويباح تركه لنحو حصَّاد أو بنَّاء لنفسه أو لغيره تبرعًا أو بأجرة -وإن لم ينحصر الأمر فيه؛ أخذًا مما يأتي في المرضعة- خاف على المال إن صام وتعذر العمل ليلًا أو لم يُغْنِه فيؤدي لتلفه أو نقصه نقصًا لا يتغابن به. هذا هو الظاهر من كلامهم، وسيأتي في "إنقاذ المحترم" ما يؤيده. قال الشيخ عبد الحميد الشرواني في "حاشيته" عليه: قوله: ويباح تركه لنحو حصاد... إلخ. أفتى الأذرعي بأنه يجب على الحصادين تبييت النية في رمضان كل ليلة، ثم من لحقه منهم مشقة شديدة أفطر، وإلا فلا. نهاية. زاد "الإيعاب": وظاهر أنه يلحق بالحصَّادين في ذلك سائرُ أرباب الصنائع المشقة، وقضية إطلاقه أنه لا فرق بين المالك والأجير الغني وغيره والمتبرع، ويشهد له إطلاقُهم الآتي في المرضعة الأجيرة أو المتبرعة وإن لم تتعين، نعم يتجه أخذًا مما يأتي فيها تقييد ذلك بما إذا احتيج لفعل تلك الصنعة بأن خيف من تركها نهارًا فوات مال له وقع عرفًا] اهـ.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل