3 أشهر مهلة لإنسحاب المقاتلين الأجانب من ليبيا فماذا عن المرتزقة السوريين؟ ـ فادي عيد وهيب

الأربعاء 28 تشرين الأول , 2020 10:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بعد حوارات سياسية بين الفرقاء الليبيين في العديد من المدن والعواصم العالمية، جاء إتفاق جنيف برعاية الامم المتحدة، كي تفتح ليبيا صفحة جديدة دون دماء وحرب منذ عام 2011م.

وجاءت أبرز تصريحات مبعوثة الأمم المتحدة لليبيا بالإنابة الأميركية ستيفاني ويليامز لتؤكد ذلك بأن جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من المفترض أن يغادروا ليبيا في غضون ثلاثة أشهر من توقيع إتفاق وقف إطلاق النار في جميع أنحاء ليبيا.

وحقيقة الأمر، فإن كل ما تم الإتفاق عليه بخصوص ليبيا في لقاء 5+5 بجنيف لا خاسر منه سوى روسيا وتركيا، لذلك كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف موفق لافتاً جدا عندما وبخ دور تركيا في حرب أذربيجان- أرمينيا، وأشاد بها في ليبيا، فقال وهو يدافع عن دور تركيا في ليبيا: "واشنطن لا تخفي رغبتها في تهميش الدور التركي والروسي في ليبيا.

هنا صار خروج الروسي من ليبيا (وهو هدف الولايات المتحدة الأول) مرتبط بخروج التركي أيضا، وهو ما قد يجبر الولايات المتحدة على التخلي عن أردوغان مستقبلا في الملف الليبي، فروسيا وتركيا هما الوحيدان اللذان لهما قوات عسكرية على أرض ليبيا، فروسيا تتواجد عبر عناصر الفاجنر المتمركزة بحقول النفط في شرق وجنوب البلاد، بينما الجيش التركي يتمركز بكثافة غير عادية في مطارات مصراتة وطرابلس وقاعدة الوطية، وبعد أن أصبح لتركيا سيطرة تامة على القوات البحرية التابعة لحكومة الوفاق، بعد أن أنقض أردوغان على دور الجيش الأيطالي بموانئ الغرب الليبي، عبر تبني الجيش التركي مشروع إعداد العناصر البحرية لحكومة الوفاق بإستخدام نفس نقاط المراقبة والزوارق التي أهدتها روما لفايز السراج بعد أن أدخلته إلى طرابلس في مارس/ آذار 2016م على متن فرقاطة إيطالية في وقت لم يكن يعرفه أحد، كي يتم تنصيبه بمنصب رئيس حكومة الوفاق أو بالأدق حامد كرزاي ليبيا.

اذا جاء أبرز ما نتج عن إتفاق جنيف هو إعطاء مهلة ثلاثة أشهر لإنسحاب الفاجنر الروسي ومرتزقة أردوغان من ليبيا،واذا كانت الولايات المتحدة ستفرض كل ما جاء بإتفاق جنيف دون التساهل مع أي طرف يخرق تلك الإتفاقات، فهل سينسحب حينها هولاء المرتزقة حقا، كي تخرج كل من روسيا وتركيا بالمحصلة صفر من ليبيا ؟، فإن انسحب الفاجنر والمرتزقة السوريون، فمكان عودة الفاجنر الروسي معروف، ولكن الي أي منطقة سيذهب إليها المرتزقة السوريون ؟، فالعودة إلى شمال سورية باتت صعبة الآن على تركيا في ظل موقفها الصعب هناك، بعد إنسحابها من أكبر نقاطها في مدينة مورك بريف حماة على أثر محاصرة الجيش العربي السوري لأكبر نقاط المراقبة التركية بريف حماة بداية الأسبوع، قبل أن يصفي الطيران الروسي عشرات التكفيريين المحسوبين على تركيا في إدلب مؤخراً، في صفعة لتركيا، ورسالة كانت لـ أذربيجان، كي يعيد بوتين أردوغان للمستنقع السوري مجددا، بعد أن صب التركي كل إهتمامه بليبيا وناغورنو كاراباخ قبل اي شئ.

ولا ننسى رغبة الرئيس الأميركي ترامب بالتواصل مع نظيره السوري، واللقاء السري الذي دار بين وفد أميركي رفيع المستوى مع الجانب السوري في دمشق الأسبوع الماضي، والذي على أثره عادت حركة الخطوط الجوية بين دمشق والدوحة، بعد أن أصطدم الوفد الأميركي الذي حضر إلى دمشق لمناقشة ملف الأميركيين المحتجزين في سوريا منذ سنوات، بتشبث موقف اللواء علي مملوك مدير مكتب الأمن الوطني بالإنسحاب الأميركي أولا من شرق سوريا قبل أي شئ، في مشهد أعاد الأميركي بالذاكرة لموقف بشار الأسد مع وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول، أثناء محاولة الأخير إقناع الرئيس السوري بالتوقيع على مذكرة شروط لإبقاء تحييد سوريا عن إيران وحزب الله.

كما أن ذهاب هؤلاء المرتزقة إلى أذربيجان سيغضب روسيا، في ظل إستعدادها للتدخل في ناغورنو كاراباخ ان تطور الأمر أكثر من ذلك، كما أن حضانات تدريب وإعداد وتفريغ الإرهابيين في شرق تركيا لن تستوعب هذا العدد الضخم من المرتزقة السوريين المتواجدين حاليا بغرب ليبيا، وتلك هي المعضلة الأكبر أمام تركيا في ليبيا، لذلك كان أردوغان الوحيد المشكك في نجاح إتفاق جنيف، وهو يتمنى ذلك بداخله، في الوقت الذي رحب فيه العالم بما جاء بالإتفاق.

لذلك كان من الطبيعي في ظل كل ما سبق أن يفكر أردوغان بإجراء إنتخابات مبكرة بعد شعوره بأن هناك شيئاً ما يحضر له خارج حدود تركيا، سواء كان هذا الشئ مشابه لما تم في منتصف تموز 2016م، أو بطريقة أخرى قد لا يجعله متواجداً بقصر يلدز حتى عام 2023م موعد الإنتخابات الرئاسية القادمة، لذلك تم إستدعاء الرجل الثاني للدولة الأميركية العميقة بتركيا أحمد داوود أوغلوا للظهور مجددا، كي يدعو أوغلو بلسان المعارض في الظاهر لإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، وهو في الأصل مطلب أردوغاني بإمتياز، فأحمد داوود أوغلو لم يختلف مع أردوغان بسبب سياسته الخارجية كما زعم، ولكن على نصيبه من كعكة الداخل التي سيطر عليها أردوغان وحده تماما بعد محاولة إنقلاب منتصف يوليو/ تموز2016م، فخرج أوغلو مرغما من دائرة حزب العدالة والتنمية، وليكون الإحتياطي البديل في حال سقوط أردوغان، كي يكون الأقرب لقلب الدولة العميقة بواشنطن، هو البديل المناسب في حال سقوط أردوغان، فالدولة العميقة بواشنطن لا ترغب في خروج تركيا عن سيطرة الإسلام السياسي، وهو أيضا هدف بريطاني بالأساس، فسقوط شخص أردوغان عن الحكم لا يمثل مشكلة لدى الولايات المتحدة وبريطانيا، ولكن الازمة لديهم في سقوط تيار "الإسلام السياسي" بأخر دار للخلافة، ولذلك ومنذ 2003م لدى المخابرات المركزية قائمة طويلة يتم تعديلها من حين إلى آخر بأسماء أفضل من يمثلهم في إسطنبول من الإسلاميين.

خلاصة القول أن تعامل أردوغان بإستخفاف مع إتفاق جنيف كما فعل بعد برلين، واستمراره في دعمه للمليشيات بغرب ليبيا، بحجة الإتفاقات السرية التي عقدها مع حكومة الصخيرات، فحينها ستكون الكلمة للسلاح، وستكون الحرب هي العنوان، ووقتها ستكون النتيجة اما القضاء على كل الأتراك والموالين لهم في ليبيا، لتكتب حينها نهاية مغامرات أردوغان الخارجية ومسيرته الداخلية، أو الذهاب نحو تقسيم ليبيا.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل