لبنان... آن أوان الانقاذ الشجاع ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 27 كانون الثاني , 2020 02:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تشكّلت حكومة الرئيس حسان دياب، ودخل لبنان مع تشكيلها مرحلة جديدة عنوانها "محاولة الانقاذ" لبلد نخره الفساد حتى العظم، وتراكمت المديونية وازدادت البطالة فيه حتى وصل الأمر الى انفجار في الشارع في 17 تشرين الاول في صرخة شعبية لم تنتهِ فصولها لغاية اليوم.

واقعيًا، إن محاولة الانقاذ هذه ليس بالأمر الهيّن وهي تتطلب شروطًا وحلولاً صعبة، منها ما يلي:

- أولاً؛ تغيير الذهنية السابقة التي تعتبر الدولة هي "البقرة الحلوب" أو "الدجاجة التي تبيض ذهبًا"، والتي حاول كل طرف سياسي أن يستثمر في هذه الدولة الى الحد الاقصى، من خلال التوظيف العشوائي والسرقة والاحتكارات والاختلاسات والعقود الوهمية أو العقود بالتراضي الخ... من هنا، لا بد من ورشة حكومية تستعمل مبضع الجرّاح لتستأصل ما تستطيع استئصاله مما سبق.

- ثانيًا؛ السير نحو الانقاذ المالي بشجاعة وجرأة، فما تتهرب من فعله الحكومة اليوم سيواجه لبنان مستقبلاً. علمًا أن الاتكال على المزيد من الاستدانة لسدّ ديون لبنان من دون اجراءات اصلاحية واستراد ما يمكن استرداده من الأموال المنهوبة، ووقف النزيف في الداخل لن يكون سوى وصفة لإنهيار لبنان المؤجل.

نعم، سيكون هناك بعض التأثير على مختلف الشرائح الاجتماعيةخصوصا الفقيرة، ولكن على الحكومة أن تحرص على أمور عدّة في هذا الإطار وهي:

- التأكد من أن الفئات الأغنى والأكثر اقتدارًا يجب أن تكون هي المعنية الاولى في التقديمات والتضحيات التي ستقدم للانقاذ.

- قيام الحكومة بمواجهة المحميات التي يديرها سياسيون وقوى حزبية تحكم لبنان منذ التسعينات ولغاية اليوم، وتحميلها المسؤولية الأكبر في الانقاذ المفترض القيام به.

لا يُعقل ان تقوم هذه الحكومة كما فعلت الحكومات المتعاقبة على اختيار الخطوات الأسهل، وهي المسّ بجيوب الفقراء والموظفين، والتهرب من اتخاذ الخطوات الأصعب وهي إزالة المحميات السياسية، والتعامل مع أرباح المصارف الخيالية، ومواجهة ملف الأملاك البحرية وسواها...

- الجرأة والشجاعة في فتح جميع الملفات القضائية المرتبطة بالفساد والإثراء غير المشروع، ومواجهة كافة المحميات الطائفية والسياسية... وعلى الحكومة التحضّر الى هجمة سياسية واعلامية في هذا المجال، إذ أن قول الحريري علنًا "خليهم يسترجوا... انا مش حبتين" تشير الى عقلية متجذرة في ذهن السياسيين، بوضع مظلة فوق رؤوس المرتكبين من خطهم السياسي والتهديد بعظائم الأمور فيما لو تمّ التفكير بمحاسبتهم ومساءلتهم أو إقالة من يخصّهم من الإدارات.

في المحصلة، الإنقاذ ليس أمرًا مستحيلاً، وبما أن الامور المالية والاقتصادية هي مرتبطة بالأساس بالأمور السياسية، فإن الأسماء التي تضمنتها التشكيلة الحكومية، تشي بالكثير اقليميًا ودوليًا.

ليس صحيحًا أنها حكومة اللون الواحد أو أنها حكومة مواجهة، بل هي حكومة تأخذ بعين الاعتبار حاجة لبنان ليكون جزءًا من محيطه الاقليمي، وتعكس واقعية مَن شكّل الحكومة بأن لبنان لا يمكن له أن يقود مواجهة مع الاميركيين والغرب، فكانت حكومة مرضية لهم أيضًا...وعليه، لا يمكن للحكومة أن تتذرع بالأسباب السياسية الداخلية (المفترض أن لا تعطيل في داخلها)، ولا الخارجية للتهرب من مسؤولية الانقاذ ولو المؤلم ـ.. فلتذهب هذه الحكومة الى قرارات الانقاذ بشجاعة ومسؤولية، غير آبهة بفيتو طائفي من هنا، ولا حملة إعلامية من هناك، وإلا على لبنان السلام.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل