"قهقهات" الأميركي والحلفاء التعساء - محمد شهاب

الخميس 25 تموز , 2019 01:30 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

واضح أن الإنكيلز منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945)، قد اتخذوا قراراً بعد أن خرجوا من هذه الحرب منهكين، رغم انتصار الحلفاء على دول المحور، وخروج الولايات المتحدة من هذه الحرب التي دخلوا إليها في نهاياتها، كقوة عظمى وحيدة، حيث انحسر نفوذ القوى الأوروبية.

طوال فترة ماتبقى من أربعينيات القرن الماضي وخمسينياته، كانت بريطانيا تحاول أن تلملم قوتها، وسطوتها، فكانت البداية في محاولة الحلول مكان فرنسا في الدول التي للأخيرة فيها نفوذ أو بقايا نفوذ.. ولهذا اشهدت الدول التي كانت مستعمرة من فرنسا أو تحت انتدابها هجوماً بريطانياً متعدد الأوجه، وكان للبنان وسورية حصة من هذا الهجوم الإنكليزي، بشكل دعا أول رئيس استقلالي في لبنان بشارة الخوري لأن يطلق مقولته الشهيرة، بعد استقالته في منتصف ولايته الثانية في أيلول 1952، "الحق على الطليان"، حين كان يسأل عن الأسباب التي أدت إلى هذه النهاية، وهو كان يقصد بذلك الإنكليز.

لكن الإنكليز الذين كانوا يحاولون أن يحافظوا بأسنانهم على ماتبقى لهم من مصالح ونفوذ ومستعمرات في العالم، تأكدوا منذ لقاء الملك السعودي عبد العزيز مع الرئيس الأميركي روزفيلت في 14 شباط عام 1945 على متن سفينة في البحر الأحمر، أن مستعمراتهم وأماكن نفوذهم ستؤول للأميركيين.

ولهذا حينما أمم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قناة السويس شنت لندن مع "اسرائيل" وفرنسا عدوانها الثلاثي على مصر عام 1956، الذي حقق فيه عبد الناصر والجيش والشعب المصري صموداً أسطورياً، وكان ذلك إيذاناً بنهاية الاستعمار القديم.

منذ ذلك العدوان قررت المملكة المتحدة أن تكون ظلاً للولايات المتحدة، ولم تعد تبتعد عن واشنطن قيد شعرة في قرارات أسياد البيت الأبيض المتعاقبين.

اليوم مع وصول بوريس جونسون إلى رئاسة الحكومة البريطانية، قد تكون بريطانيا أكثر التصاقاً بواشنطن، فهذا الرجل المعجب بجنون، بمهرج البيت الأبيض، ويشبهه بالشكل والتكوين وحتى بالهوس الجنسي وزلات اللسان، قد يقدم ببريطانيا على أعمال جنونية بناء لطلب ملهمه ومثاله، ترى ماذا لو طلب نزيل البيت الأبيض، من نزيل "10 داوننغ ستريت" مايفرضه على بائعي الكاز في الخليج؟، لأنه من المعروف عن الأميركي أنه يلقي بحلفائه، بعد انتهاء خدماتهم في "المزبلة" أو يدفع بهم إلى المقبرة.

هو فعلها في أكثر من مكان، في فيتنام، منع كبار عملائه حين هزم، من ركوب الطائرات مع جنوده الذين سارعوا إلى الهروب الكبير.. ورمى بكثير من حلفائه في كوريا الجنوبية إلى مزابل التاريخ، وفعلها مع شاه إيران، وأنور السادات وحسني مبارك وزين العابدين بن علي والقافلة تطول.

اللص – الغول، أو "المرتزق الكبير" كما يصفه روبرت فيسك، خاطب صديقه بائع الكاز العربي الكبير بالقول: " حميناكم دون مقابل كل تلك السنوات، الآن: ادفعوا أو تدبروا أمركم".

مامعنى هذا الكلام؟ الذي طاول أخيراً حلفاء نزيل البيت الأبيض في الاتحاد الأوروبي.

ترامب الذي يظهر وكأنه يعربد في وجه إيران ويرغي ويزبد، يكلف لندن باحتجاز ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق، وطهران بهدوئها وديبلوماسية النفس الطويل تجيد وتعرف الرد، في أكثر من اتجاه.. وهاهي لندن عاصمة الإمبراطورية التي كانت يوماً لاتغيب عنها الشمس، تأتي بالظل الهش إلى قيادتها، فإلى أين سيقودها؟

ربما في تساؤل ساسة وخبراء بريطانيون، الجواب المر، والخوف أيضاً، حيث يجمع كثير من هؤلاء: "أن أحلام القرون الغابرة انتهت، وميزانية وزارة الحرب البريطانية بالكاد تفي بمتطلبات الحفاظ على ماتبقى من بريطانيا واحدة مع اسكتلندا وإيرلندا الشمالية.

ببساطة فمحاولة لندن أن تظهر قوية لم يعد لها وجود، وبالتأكيد لن تسمع في أي مواجهة قد تخوضها لندن في أي مكان من العالم، وخصوصاً مع إيران، هدير المقاتلات الإميركية القاذفة، ربما قد نسمع قهقهات دونالد ترامب على جدته الانكليزية العجوز... فأوروبا المتعبة كلها لاتغنيه.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل