ليبيا .. تداخل الصراع بين الحلفاء! ـ يونس عودة

الثلاثاء 23 نيسان , 2019 12:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

​دخلت ليبيا مجددا اتون صراع اقليمي - دولي، مع تقدم الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر باتجاه العاصمة طرابلس، التي تدور المعارك على تخومها مع اختراقات بسيطة للضواحي، كان من المأمول الا يتوقف الهجوم او يراوح بعد الاندفاعة الاولى والوصول الى مطار العاصمة ومن ثم الانكفاء عنه.

​لقد احدث عملية التحرير التي ارادها حفتر فرزا بين حلفاء الامس الذين غطوا عدوان الحلف الاطلسي بقيادة الولايات المتحدة لاسقاط نظام معمر القذافي، ونشر الفوضى في الدولة الغنية بمواردها الطبيعية، كالنفط والغاز وغيرهما من المواد الخام، ربما هي الاجود في العالم.

فالصراع في شقه الاقليمي تبلور الى  الصدام بين السعودية والامارات العربية من جهة وتركيا وقطر من جهة اخرى، مع  اعادة تكليف الولايات المتحدة للفريق الوهابي بالملف، بعد فشل تجربة الاخوان المسلمين في السيطرة على ليبيا بعد ان كانوا الرافعة لغزو الاطلسي. ولذلك انضمت مصر عبد الفتاح السيسي الى محور السعودية الامارات، سيما ان امن مصر القومي فضلا عن العداء للاخوان، يرتبط بعرى وثيقة مع امن واستقرار ليبيا، ومن هنا جاء تأييد السيسي لحفتر الخارج من ضلع القذافي، في عملية تحرير طرابلس باعتبار ان من يسيطر على العاصمة بعد السيطرة على المثلث النفطي يصبح بلا شك هو المتحكم بنواصي العملية السياسية.

وبالطبع فان هذا الوضع ليس منفصلا ايضا عن الصراع الدولي، الذي تداخلت الصورة فيه الى حد التصادم الكبير، فالاتحاد الاوروبي الذي رفض عملية حفتر حدثت انقسامات في صفوفه بعد الدعوة لوقف العملية التي واكبها الموفد الدولي غسان سلامة بادانة الهجوم على طرابلس، ونعي الانتخابات التي لم ينجح في تنظيمها، كما فشل في فكفكة العقد بين المجلس الرئاسي بقيادة فايز السراج الذي نصبه الغرب قبل الخلافات على انه السلطة الشرعية مع "حكومة الوفاق"، وبين حفتر المصرعلى اقتلاع "الارهاب" من طرابلس باعتبار ان اللقاءات التي عقدها مع السراج في الامارات  وايطاليا وفرنسا لم تنتج اي اتفاق بشأن العملية السياسية.

في الواقع ظهر الانقسام الاوروبي بين ايطاليا وفرنسا خصوصا بعد تضارب المصالح الاقتصادية والجيوسياسية، فايطاليا اكثر المتضررين من عمليات اللجؤ بحيث يقصدها الفارون من الحرب، وضمنا خلايا من الارهابيين، وهي الاقرب جغرافيا، فضلا عن الروابط التاريخية بين ايطاليا وليبيا منذ القدم والاطماع الاقتصادية في الثروة الليبية، ولذلك لا تزال في الموقف الداعم لحكومة الوفاق التي شكلت بدعم الغرب، اما فرنسا فلها اصول نفطية لشركاتها في برقة فاعلنت مواربة تعاطفها مع حفتر، وهذا الامر انعكس في ملفات اخرى مثل اعلان مسؤولين ايطاليين دعم مناهضي الحكومة الفرنسية - اي "السترات الصفراء".

اما العامل الرئيسي فكان في عودة روسيا التدريجية الى الساحة الليبية، وموسكو كانت اول من استقبل حفتر، وهو الذي يتكلم لغتها اذ انه خريج كلياتها العسكرية، وقد راهنت على نجاحه منذ  لحظة اعلانه نيته في اعادة تشكيل الجيش وقيادته لتحرير كل الاراضي الليبية من الارهاب، وهو بدأ فعلا من الشرق، وعمل جيشه على تحرير مناطق حيوية وهامة من داعش والقاعدة وفصائل اخوانية.

العودة الروسية بقوة الى الساحة الليبية، اثارت الولايات المتحدة، وقد عبر عن ذلك بصلف يثير الاشمئزاز مساعد وزير الخارجية ديفيد ساترفيلد، بقوله ان على موسكو التوقف عن التدخل في الشؤون الليبية، وكأن ليبيا محمية اميركية، وان اميركا لا تتدخل باي شأن داخلي في الكرة الارضية التي تعتبرواشنطن نفسها وصية عليها.

ليس هذا فحسب فان الرئيس الاميركي شخصيا اتصل بالمشير حفتر مؤيدا العملية لتحرير طرابلس لقطع الطريق على روسيا، وهذا الامر فاجأ السراج ومجلسه الايل الى  التفكك.

من الواضح ان التداخل الجديد في الصراع  سيؤدي الى موجة جديدة من القتال بعد اسبوعين من المراوحة الميدانية على تخوم طرابلس، مع اصرار حفتر على دخول المدينة التي تفصل مسافة عشرة كيلومترات قواته عن مركزها - اي الساحة الخضراء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل