84 عاما على استشهاد عز الدين القسام ... فمن هو ؟

الأربعاء 20 تشرين الثاني , 2019 02:37 توقيت بيروت من ذاكرة التاريخ

الثبات  ـ من ذاكرة التاريخ

إستشهد الشيخ عزّ الدين عبد القادر مصطفى يوسف محمد القسام 1935 بعد معركة غير متكافئة مع الاحتلال البريطاني لفلسطين بقرية الشيخ زايد.

وتحول الشيخ القسام منذ ذلك الحين إلى علم من أعلام الجهاد والمقاومة، حيث ازداد اسم الشيخ ذيوعًا بعد أن أطلقت حركة (حماس) اسمه على ذراعها العسكري الذي لا يزال يرعب المحتل الإسرائيلي.

والشيخ القسام يعد أحد كبار المقاومين للاحتلال البريطاني لفلسطين استطاع بقدراته على التعبئة والتوعية والتجنيد والتنظيم ثم باستشهاده أن يشعل ثورة عام 1936 في فلسطين ويظل رمزا للمقاومة.

المولد والنشأة

ولد الشيخ القسام عام 1882 في بلدة جبلة جنوبي اللاذقية بسوريا في بيت متدين، وكان والده يعمل معلمًا للقرآن الكريم في كتَّاب كان يملكه.

وسافر القسام وهو في الـ14 من عمره مع أخيه فخر الدين لدراسة العلوم الشرعية في الأزهر بمصر، وعاد بعد سنوات يحمل شهادة الأهلية.

وتركت تلك السنوات في نفسه أثرًا كبيرًا حيث تأثر بكبار شيوخ الأزهر من أمثال الشيخ محمد عبده، وبالحركة الوطنية النشطة التي كانت تقاوم المحتل البريطاني ونشطت في مصر بعد فشل الثورة العرابية.

التوجه الفكري

كان القسام يعتبر الاحتلال البريطاني هو العدو الأول لفلسطين، ويدعو أيضًا إلى محاربة النفوذ اليهودي الذي كان يتزايد بصورة كبيرة، وظل ينادي الأهالي إلى الاتحاد ونبذ الفرقة والشقاق حتى تقوى شوكتهم.

وكان يردد دائمًا أن الثورة المسلحة هي الوسيلة الوحيدة لإنهاء الانتداب البريطاني والحيلولة دون قيام دولة يهودية في فلسطين، في وقت لم يكن فيه أسلوب الثورة المسلحة أمرًا مألوفًا للحركة الوطنية الفلسطينية آنذاك، حيث كان نشاطها يتركز في الغالب على المظاهرات والمؤتمرات.

التجربة السياسية

عاد الشيخ القسام إلى جبلة عام 1903، واشتغل بتحفيظ القرآن الكريم في كتَّاب والده وأصبح بعد ذلك إماما لمسجد المنصوري في جبلة بسوريا، وهناك ذاع صيته بخطبه المؤثرة وسمعته الحسنة.

وقاد أول مظاهرة تأييدًا لليبيين في مقاومتهم للاحتلال الإيطالي، وكوَّن سرية من 250 متطوعًا، وقام بحملة لجمع التبرعات لهم ولكن السلطات العثمانية لم تسمح له ولرفاقه بالسفر لنقل التبرعات.

باع بيته وترك قريته الساحلية وانتقل إلى قرية الحفة الجبلية ذات الموقع الحصين ليساعد عمر البيطار في ثورة جبل صهيون (1919-1920)، وقد حكم عليه الاحتلال الفرنسي بالإعدام غيابيًا.

وبعد إخفاق الثورة فرَّ الشيخ القسام عام 1921 إلى فلسطين مع بعض رفاقه، واتخذ مسجد الاستقلال في الحي القديم بحيفا مقرًا له حيث استوطن فقراء الفلاحين الحي بعد أن نزحوا من قراهم.

ونشط القسام بينهم يحاول تعليمهم ويحارب الأمية المنتشرة بينهم، فكان يعطيهم دروسًا ليلية ويكثر من زيارتهم، وكان ذلك موضع تقدير الناس وتأييدهم.

التحق بالمدرسة الإسلامية في حيفا، ثم بجمعية الشبان المسلمين هناك، وأصبح رئيسًا لها عام 1926.

وكان في تلك الفترة يدعو إلى التحضير والاستعداد للجهاد ضد الاستعمار البريطاني ونشط في الدعوة العامة وسط جموع الفلاحين في المساجد الواقعة شمالي فلسطين.

استطاع تكوين خلايا سرية من مجموعات صغيرة لا تتعدى الواحدة منها خمسة أفراد وانضم في عام 1932 إلى فرع حزب الاستقلال في حيفا، وأخذ يجمع التبرعات من الأهالي لشراء الأسلحة.

وتميزت مجموعات القسام بالتنظيم الدقيق، فكانت هناك الوحدات المتخصصة كوحدة الدعوة إلى الجهاد، ووحدة الاتصالات السياسية، ووحدة التجسس على الأعداء، ووحدة التدريب العسكري.

ولم يكن في عجلة من أمر إعلان الثورة، فقد كان مؤمنًا بضرورة استكمال الإعداد والتهيئة، لذا فإنه رفض أن يبدأ تنظيمه في الثورة العلنية بعد حادثة البراق عام 1929 لاقتناعه بأن الوقت لم يحن بعد.

تسارعت وتيرة الأحداث في فلسطين عام 1935، وشددت السلطات البريطانية الرقابة على تحركات الشيخ القسام في حيفا، فقرر الانتقال إلى الريف حيث يعرفه أهله منذ أن كان مأذونًا شرعيًا وخطيبًا يجوب القرى ويحرض ضد الانتداب البريطاني.

وأقام الشيخ القسام في منطقة جنين ليبدأ عملياته المسلحة من هناك، وكانت أول قرية ينزل فيها هي كفردان، ومن هناك أرسل الدعاة إلى القرى المجاورة ليشرحوا للأهالي أهداف الثورة ويطلبوا منهم التطوع فيها، فاستجابت أعداد كبيرة منهم.

الشهادة

اكتشفت القوات البريطانية مكان اختباء عز الدين القسام في قرية البارد يوم 15 تشرين الثاني 1935، لكنه استطاع الانسحاب هو و15 فردا من أتباعه إلى قرية الشيخ زايد ولحقت به القوات البريطانية في 19 من الشهر نفسه، فطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات، وأوقع فيها أكثر من 15 قتيلا، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين لمدة ست ساعات سقط الشيخ عز الدين القسام وبعض رفاقه شهداء في نهايتها يوم 20، وجرح وأسر الباقون.

وكان لمقتل الشيخ القسام الأثر الأكبر في اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 وكانت نقطة تحول كبيرة في مسيرة الحركة الوطنية الفلسطينية بعد ذلك.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل