40 عاماً خلف القضبان.. نائل البرغوثي أقدم أسير في العالم

الجمعة 08 تشرين الثاني , 2019 12:29 توقيت بيروت فـلـســطين

الثبات ـ فلسطين

ستكون بخير بإذن الله أنت وباقي الأسرى، وإن شاء الله نحتفل قريباً بحريتك وعودتك إلينا سالماً ومنتصراً، بهذه الكلمات خاطبت الأسيرة المحررة أمان نافع زوجها نائل البرغوثي، أقدم أسير في العالم بمناسبة عيد ميلاده الـ62 وعشية دخوله عامه الـ40 خلف القضبان بعدما أعاد اعتقاله إثر تحرره في صفقة "وفاء الأحرار".

في سجن بئر السبع، أضاء نائل الشمعة الجديدة في عمره المديد والمليء بالقصص والحكايا والذكريات والصور، وتلك الصور تتكرر بشكل يومي أمام رفيقة دربه الصابرة أمان لتستمد منها العزيمة والأمل.

فبعد اعتقال نائل الثاني، اعتُقل العديد من ابناء العائلة والقرية الذين قاوموا الاحتلال واستشهد بعضهم، كانوا أطفالاً وُلدوا ونائل في السجن خلال اعتقاله الأول، وكان للقائهم بعد تحرره أثر كبير على نفوسهم، فاعتقال نائل بالنسبة لأهالي قرية كوبر كان مؤذياً لمشاعرهم ومؤثراً جداً، فطوال حياتهم سمعوا وعرفوا حكاية الشاب الفلسطيني الذي اعتقل وعمره 19 عاماً وخرج وعمره 57 عاماً، وتخيلوا أنه سيعيش حياته بشكل طبيعي، إلا أن الاحتلال أبى إلا أن يُنغص عليهم فرحتهم، ويُعيد اعتقال نائل ظلماً وقهراً.

في قرية كوبر بمحافظة رام الله والبيرة، أبصر عميد الأسرى الفلسطينيين والعرب نائل صالح عبد الله برغوثي (أبو النور) النور في 23/ 10/ 1957، نشأ وتربى وسط عائلة فلاحة بسيطة ومناضلة، مكونة من الوالدين والابن البكر عمر الذي يكبر نائل بست سنوات، وهو والد الشهيد صالح البرغوثي والأسير عاصم، وشقيقته تصغره بسبع سنوات "أُم عناد"، وهي والدة لثلاثة أسرى.

ينحدر نائل من عائلة مناضلة ومكافحة لها تاريخ في النضال الفلسطيني منذ بداياته، فابن عمه ربحي انضم لصفوف الثورة فور انطلاقتها واستشهد في حرب الكرامة، وفي ريعان الشباب انضم نائل وعمر مع ابن عمهم فخري البرغوثي إلى خلية فدائية قاومت الاحتلال وما زالت تقدم الشهداء والجرحى.

ومن الروايات التي يتناقلها أهالي كوبر ما حدث في نكسة عام 1967، عندما احتلت إسرائيل الضفة بما فيها القدس، ففي تلك الفترة، اقتحمت دوريات الاحتلال وآلياته القرية وطلبت من الأهالي رفع الأعلام البيضاء كإشارة على الاستسلام والقبول بالواقع، لكن عائلة أبو عمر رفضت ذلك، وتمردت على الاحتلال وخلال مرور الدوريات في الشوارع، فوجئ الجميع، بصعود نائل الذي كان بعمر 10 سنوات وشقيقه مرّةً إلى سطح منزلهما، ورشقا بالحجارة أول دورية للمحتل دنست كوبر.

تلقى نائل وعمر تعليمهما الابتدائي في مدارس قريتهم كوبر، وأكملا المرحلتين الإعدادية والثانوية في مدرسة الأمير حسن في مدينة بير زيت، وعلى مقاعد الدراسة، برزت روحهما النضالية والوطنية العائلية، ونائل كان يتزعم المظاهرات الطلابية للمطالبة بالحرية، وفي إحدى المرات اشتباك بالأيدي بشكل مباشر مع أحد جنود الاحتلال، وتمكّن من انتزاع الهراوة التي اعتدى بها الجندي على المتظاهرين، وإثرها اعتقل نائل وصديقه عبد الكريم للتحقيق وأُفرج عنهما، وبقي يحتفظ بهذه العصا حتى صادرها الاحتلال بعد اعتقال نائل وعمر وفخري.

خلال دراسته في المرحلة الثانوية، اعتقل الاحتلال نائل للتحقيق لمدة اسبوعين لمشاركته في الفعاليات الوطنية، ولم يؤثر ذلك على عزيمته ومعنوياته، فانضم لمجموعة فدائية مع شقيقه عمر وابن عمه فخري، نفذت عدة عمليات ضد الاحتلال الذي اكتشفها واعتقل الثلاثة في 4/ 4/ 1978، فيما تمكّن قريبهم غازي البرغوثي من الهرب للأُردن.

مرت السنوات بصمود نائل وصبر عائلته بعدما رفض الاحتلال الإفراج عنه وشطب اسمه من كافة صفقات التبادل، ليرحل الوالدان قبل تحقق حلمهما بعناقه حراً، ولم تنل السنوات العجاف من عزيمة وصبر نائل الذي أصبح أقدم أسير في العالم حتى تحرر بعد 33 عاماً في صفقة وفاء الأحرار عام 2011.

استمرت اجواء الفرح في حياة نائل وعائلته، حتى أعاد الاحتلال اعتقاله مرةً أُخرى من منزله بتاريخ 18/ 6/ 2014 ، مع 70 أسيراً من المحررين في صفقة وفاء الاحرار الذين أُعيدت أحكامهم السابقة لهم.

وصدر الحكم على أساس ملف سري، وقدمت العائلة مع نحو 30 أسيراً محرراً في الصفقة استئنافاً للمحكمة العليا التي ستعقد جلسة للبث بالقضية في 20-12-2019 ".

توضح المحررة أمان أن أحد شروط الصفقة إلزام نائل ومعظم المحررين معه بالتواجد في محيط سكناهم وقريتهم، الذي لا يختلف عن الإقامة الجبرية، وقد التزم بذلك، وتقول "نائل الذي تحرر بعد 33 عاماً ونصف العام لم يتمكن طوال فترة حريته على مدار 32 شهراً من زيارة مدن الضفة الغربية ولا حتى القدس، وهذا يعني أنه منذ اعتقاله عام 1978 حتى الآن لم يشاهد أي مدينة في وطنه.

في 15-11-2019 ، يدخل نائل عامه الـ40 خلف القضبان في سجن "بئر السبع" ورغم كل ما تعرض له، مازال يتحدى السجن والسجان بروح مرحة ومعنويات عالية ويرعى ويتابع الاسرى وقضاياهم، كما يتولى مسؤولية تعليم طلاب العلم منهم وتدريسهم مادة العلوم السياسة، ويومياً يقدم المحاضرات المفيدة في كافة المجالات.
 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل