أقلام الثبات
تقدّم السيد عبد الملك الحوثي على أمة المليار مسلم الصامتة او المتآمرة على فلسطين، شاهراً سيفه ومعلناً بدء معركته لفك الحصار وإيصال الخبز والماء لأهالي غزة في شهر الصيام.
بدأ السيد الحوثي إطلاق النار قبل ان تطلق المقاومة في غزة نارها.. وبعدما ارتقى "السيد الشهيد" في ساحة الميدان، سارع "السيد اليماني" إلى حمل لواء نصرة فلسطين وهو لا يزال في قلب الحصار والحرب المفروضة عليه .
يمثّل اليمنيون الشجعان ظاهرة فريدة من النبل والشجاعة والإيمان، وأحد التفاسير العملية للحديث النبوي الشريف "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد.."، مع انهم ضحايا تآمر الأمة عليهم وتخاذل الجميع عن نصرتهم ولو بكلمة، بمن فيهم بعض الفلسطينيين الذين يقاتلون دفاعاً عنهم، ومع ذلك لم يغضب اليمنيون لأنفسهم ويتركوا فلسطين وحيدة، بل قالوا نعمل في سبيل الله في مواجهه الظالمين.
أسئلة كثيره يطرحها أعداء اليمن وكذلك الأصدقاء والحلفاء، بنوايا مختلفة، بانتظار أجوبة لا يمكن لأحد الإجابة عليها غير اليمنيين أنفسهم، الذين يملكون سر عناصر "الشيفرة" اليمنية الدينية والقبلية والإنسانية، ومن هذه الأسئلة:
هل كان على اليمنيين التصدي منفردين، نيابة عن الأمة، لنصره غزة؟
هل لا يزال محور المقاومة يعمل باستراتيجية الساحات المنفردة، والتي اثبتت عدم نجاحها وأدت الى سقوط أركانها بالمفرق والتسلسل؟
هل أخطأ اليمنيون بتوقيت نصرة غزة في مرحلتها الثانية مع بداية الجنون الامريكي بقيادة "ترامب"، والذي يريد تأديب الناس وإخضاعهم، عبر معركة ينتصر فيها، وستكون ساحة اليمن الساحة المثالية مؤقتاً لإظهار قوته، لكنها ستكون الساحة التي ستستنزف قواه في السنوات القادمة؟
هل ان محور المقاومة لا يزال يعمل ضمن إستراتيجية القرارات الذاتية على مستوى ساحاته المحلية ومعارك الإقليم ،لمواجهة امريكا والتي أدّت الى إنزال ضربات قاسية في ثلاث ساحات (غزة ولبنان وسوريا) ولم يبق منه سوى العراق المقيّد بالاحتلال الأميركي وداعش والأكراد، مما يجبره على تنفيذ بعض المطالب الأميركية للنجاة من المصير السوري؟
هل كان من الافضل والأكثر فائدة، الاحتفاظ بالقوة والصواريخ اليمنية، بانتظار إسناد المقاومة في لبنان في معركتها المقبلة، لتكون الصواريخ اليمنية الدقيقة بديلاً عن الصواريخ اللبنانية؟
هل ستشكل أميركا ،تحالفاً دولياً جديداً، لقصف اليمن وإسقاطه والتفرغ لمعركة "إيران" والتخلّص من محور المقاومة نهائياً؟
هل رفض السيد الحوثي ،مقايضة فك الحصار عن اليمن وإنهاء الحرب وإعادة الإعمار، مقابل التخلي عن فلسطين ،وأختار معركة الشرف والإيثار؟
أسئلة لن يستطيع الإجابة عليها ،إلا اليمنيون أنفسهم ،لأنهم من قرر ونفذ ،اعتماداً على منظومة عقائدية وإنسانية دفعتهم للمشاركة في حرب نصرة غزة .
الثابت الوحيد ،أن اهل اليمن، أهل الشرف والكرامة وأهل النخوة والأخوّة في الدين وأهل الايثار، مهما كانت الأثمان والتضحيات وأهل الجهاد دون مقايضة أو تجارة .
لقد كان الإمام الحسين شهيد "الكلمة" " ومثلي لا يبايع مثله" وكان الشهيد زيد بن علي شهيد كلمة الإمام الحسين وكذلك كل الشهداء على درب رسول الله(ص) من باب اهل البيت وكذلك استشهد "السيد الشهيد" ولم يتنازل عن كلمته في نصرة فلسطين(ومع ذلك لم يقيموا له صلاة الغائب) .
هل يستمر اليمن في حربه أم يعودوا للأمر الإلهي (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا...)
ندعو الله ان يحمي اليمن العزيز وان يحمي "السيد الحوثي" حتى لا يكون شهيد كلمته في نصره الحق وفلسطين وهو يرفع شعار" ومثلي لا يبايع مثله..)
لم تنته الحرب، بل تتنقّل من ساحة الى أخرى... وستستمر.. وعسى ان تستيقظ الأمة من سباتها.. وان لا تغرق في حروب دينية ومذهبية، تنهكها وتشتّتها وتنشر الخراب والقتل فيها نيابة عن اميركا و"إسرائيل".
هل يكون اليمن "القربان" الثاني لفلسطين؟ _ د. نسيب حطيط
الأحد 16 آذار , 2025 11:23 توقيت بيروت
أقلام الثبات

