أقلام الثبات
تتصرّف أميركا وتفرض مطالبها وتحدّد المهل الزمنية للقضاء على المقاومة عسكرياً وسياسياً وحتى فكرياً على أساس ان المقاومة قد انهزمت واستشهدت قيادتها وصارت ضعيفة يتطاول عليها طحالب السياسة الذين تحالفوا مع العدو "الإسرائيلي" منذ الحرب الأهلية اللبنانية وقبلها ويريدون تكرار تجربة اجتياح عام 1982.
بدأت أميركا تعميم شعار" المقاومة الدبلوماسية" بديلاً عن "المقاومة المسلّحة" لتحرير الأرض وحماية لبنان ولسنا ضد أي عمل أو وسيلة تحرّر الارض ،إذا كانت تُعفي "طائفة الشهداء" من القتل المستدام التي تتعرّض له منذ اغتصاب فلسطين لكن المثل الشعبي يقول "من جرّب المجرّب... كان عقله مخرّب"، والأسوأ ان يكون من يطرح نزع السلاح هو أول من حمل السلاح في لبنان الذي أعطته إياه اسرائيل و "شاه إيران" وأشعل الحرب الأهلية وارتكب المجازر مع أنه كان يمسك بنظام الحكم ولم يكن الشيعة شركاء حقيقيين ،بالنظام وكانوا لا يملكون السلاح وليس لهم تنظيم قبل "الإمام الصدر"، لكن هذا الطرف اليميني قد تم تكليفه بالحرب على المقاومة الفلسطينية بالحرب الأهلية وبعدها بثلاث سنوات، اجتاحت "إسرائيل" لبنان عام 1978 ، ثم أعقبته باجتياح عام 1982 الذي نجح بنفي المقاومة الفلسطينية وطردها من لبنان.
يحاول العدو تكرار تجربته ثانية باستخدام هذه الأدوات اللبنانية مره ثانية ،لنزع السلاح وبدأ بعض حلفاء المقاومة (أولاد القصعة) يتساقطون إما خوفاً او طلباً لمصلحة وضماناً لمستقبل سياسي ،بعدما رأوا ان أميركا تبسط سيطرتها على المنطقة وسقوط النظام في سوريا وتهديد إيران وعدم قدرة المقاومة على حمايتهم وتأمين مواقعهم السياسية ،فانضموا الى جوقه "المقاومة الدبلوماسية" لنزع سلاح المقاومة!
ويسأل اهل الجنوب ، كل هؤلاء الذين نشك في نواياهم.
هل استطاعت الدبلوماسية تنفيذ القرار الدولي 425 طوال 22 عاماً وألزمت العدو بالانسحاب من الجنوب؟
هل استطاعت الدبلوماسية إلزام "اسرائيل" بتنفيذ القرار 1701 ومنعها عن الخروقات طوال 18 عاما؟
هل استطاعت الدبلوماسية إلزام "اسرائيل" "باتفاق تشرين" الأخير؟
والاكثر طرافة ان العدو "الإسرائيلي" وفي لحظه تنصيب قادة القوى الأمنية في لبنان كان يمارس هوايته بالرسم التحذيري في سماء لبنان، فلماذا لم تمنعهم الدبلوماسية؟
يظن البعض ان مشكلة السلاح محصورة بالحزب كتنظيم وانه بمجرد إلزامه بتسليم سلاحه او نزعه بالقوة ،فإن الأمور قد انتهت واستراح العدو وحلفاؤه وأدواته وان استباحة لبنان صارت ممكنة من التكفيريين او الإسرائيليين او الأميركيين وكل من يرغب.
نذكّر الجميع ونوضح لهم ،بأن المقاومة لم تبدأ، بناءً لقرار تنظيم أو حزب او دولة، بل بناءً ،لأمر إلهي - ديني وقاوم الناس، سواء كانوا حزبيين او غير حزبيين وإذا سلّم "الحزب" سلاحه، فلا يعني أن المقاومة قد انتهت، بل سيحمل السلاح ،كل من يشعر انه لا يزال تحت التهديد الإسرائيلي ،وسيحمله ليس هواية او رغبة في الاستشهاد ،بل لأنه عندما يُخيّر الجنوبيون والوطنيون بين الموت وقوفاً كمقاومين او الموت نياماً ،كمستسلمين فانهم سيختارون الاستشهاد أعزاء..
في الفقه الشيعي لا يمكن بيع " الوقف" أو إعطاؤه هبة ولا يمكن التنازل عنه ويمكن للحزب عند الاضطرار أن يحلّ نفسه ،إذا خُيّر بين التمسك بالسلاح أو تسليمه ، فلن يُسلّم السلاح وسيجعله "وقفاً عاماً" بتصرف كل "فقراء العزّة والأمن" لحماية أنفسهم او يمكنه استنساخ التجربة الأميركية ، بتبديل أسماء الأشخاص والمنظمات التكفيرية، كما فعلت مع "الجولاني" والقاعدة وداعش...ويمكن للحزب ان يغيّر اسمه دون تغيير مبادئه وثوابته!
إن بيع الوقف او التنازل عنه خارج عن صلاحية "الفقيه" والسياسي" ولأن السلاح(حتى الآن) هو الأداة الوحيدة لحفظ الدين والكرامة والأرض، وقد كانت مهمة السلاح تحرير الأرض وحماية الناس والوطن، أما الآن، فقدأُضيفت له مهمة حماية "العقيدة " بعد مجازر التكفيريين ضد العلويين والشيعة والمسيحيين والسنّة المعتدلين في سوريا.
سنبقى على عقيدتنا وفي أرضنا وسنترك السلاح عندما تتوفّر الحماية الحقيقية غير الوهمية المسماة "الدبلوماسية" التي لا تستطيع فرض شروطها بدون "قوة" تدعمها وتحميها.
علّمتنا التجارب مع العدو الإسرائيلي ، أن لا أمان ولا استقرار ،طالما ان إسرائيل تربض على حدودنا في
الجنوب والتكفيريون على حدودنا في الشمال والشرق وبعض الأفاعي في لبنان.
إذا ترك الحزب سلاحه أو تم نزعه بالقوة، فستولد مقاومة بديلة، وربما تكون قد بدأت، كما البدايات!
ماذا لو حَلّ "الحزب" نفسه وأعلن السلاح "وقفاً عاماً"؟ _ د. نسيب حطيط
الجمعة 14 آذار , 2025 01:54 توقيت بيروت
أقلام الثبات

