هل أخطأ "الجولاني"... أم أنجز مهمته بسرعة؟ _ د. نسيب حطيط

الإثنين 10 آذار , 2025 09:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
خلال ثلاثة أشهر بعد إسقاط النظام وتسليم السلطة "للجولاني"؛ أمير جبهة النصرة، بدعم عربي وغربي وأميركي، وإدارة تركيا للسياسية والأمن في سوريا، يبدو ان أحمد الشرع؛ الوجه الاخر "للجولاني"، إما انه أرتكب خطأً استراتيجياً بمجازر الساحل، او أن تركيا تسرّعت او سارعت لإنجاز خطة التقسيم لسوريا من باب الترهيب والمجازر وتطويع الشعب السوري، ومحو هويته الوطنية والقومية، لرسم مستقبل سوريا وفق ثلاثة خيارات:  
-  سوريا "لواء إسكندرون الكبير" بإدارة تركية، وهذا ما لن تسمح به "إسرائيل"، التي لا تقبل الشراكة التركية معها.
- سوريا "إدلب الكبرى"، والتي ستكون عبئاً على الإدارة الأميركية والغرب وتهديدا ً لدول الجوار التي ترابط فيها أميركا وتسيطر عليها.
- سوريا المقسّمة ، بالفيدرالية او الكونفدرالية والأقاليم الطائفية والإثنية ،وزوال سوريا الموحّدة ذات الدور المحوري في المنطقة.
إن المجازر التي ارتكبتها الجماعات التكفيرية، بقيادة السلطة التكفيرية وإشراف تركيا ورغم توحشها وبشاعتها الدموية ،إلا أنها، ستشكّل نقطة تحوّل في المشهد السوري، إما بشكل مباشر وسريع او ستؤسس لمرحلة جديدة، ستربك رعاة المشروع وتُدخل سوريا في حالة من الفوضى والحرب الأهلية، بعدما غلب "الطبع" التكفيري للجولاني وجماعاته على "التطبع المدني"، فلم تستطع ربطات العنق ان "تربط" إرهاب التكفيريين وتمنع توحّشهم ومجازرهم ضد من يخالفهم الرأي في سوريا من العلويين والشيعة والمسيحيين والدروز وأهل السنّة المعتدلين والعلمانيين الوطنيين. 
سقطت سلطة الجولاني في بحر دماء أهل الساحل ،رغم محاولتها تحميل المسؤولية الى "الآسيويين التكفيريين " من الأوزبك والشيشان والطاجيك والإيغور وغيرهم، مما كشف عورتها وهويتها الحقيقية ،بأنها ليست "ثورة سورية" وان جيشها ليس جيشا سورياً، لكنه من "الانكشارية التكفيرية" التي ترعاها تركيا وتموّلها بعض دول الخليج، بطلب أميركي، والسؤال المطروح: هل أخطأ "الجولاني" وسيدفع ثمن تخريبه للمشروع الأمريكي - "الإسرائيلي"، والذي تم تكليفه به في سوريا واعطاؤه كل الدعم والغطاء السياسي الدولي والعربي؟
 هل أنجز "الجولاني" مهمته بسرعة وخلال ثلاثة أشهر فقط ، وحقق الإنجازات التالية :
- فتح أبواب سوريا، للعدو الإسرائيلي لتحقيق مطامعه التاريخية والاستيلاء على الجولان والجنوب السوري مع حريته المطلقة بالتحرك في سوريا من البوابة الدرزية، لتثبيت الإدارة الذاتية للدروز بحماية إسرائيلية والاستيلاء على المياه السورية .
- الالتزام بالأوامر الأميركية وعدم ضم الإقليم الكردي في شرق سوريا رغم الضغوطات التركية للإبقاء على مصادرة وسرقة النفط السوري.
- مجازر الساحل التي يمكن ان تؤدي لتأمين حماية دولية "للإقليم العلوي" مع صراع على هوية الدول التي سيتم تكليفها والتي سيتبعها الاستيلاء على "غاز الساحل" السوري وهل ستكون بشراكة روسية_ أميركية ام أنها ستكون من حصة روسيا وفق مشروع تقاسم سوريا؟
لقد أخافت مجازر التكفيريين الآسيويين في الساحل، وأرعبت الشعب السوري ،بكل طوائفه ومناطقه ،خاصة بعد تعرّض السنّة المقيمين في الساحل ،للقتل والنهب بسبب جهل "الآسيويين التكفيريين" للخريطة الاجتماعية السورية وخوف السوريين أن يتم استخدام الآسيويين التكفيريين، لقمع اي حراك شعبي سوري من أهل "السنّة" اعتراضاً على القرارات التي يصدرها الجولاني واستبعاد السوريين الوطنيين الذين شاركوا في فعاليات المعارضة ضد النظام واستبدالهم بجنسيات عربية وشيشانية وتركية وأوزبكية ،لتشكيل النظام السياسي الجديد.
إن ما جرى في الساحل ردّة فعل" سورية محلية ضد التجاوزات والقتل والترهيب الذي مارسته السلطة وتحميل الطائفة العلوية مسوؤولية تصرّفات النظام السابق، ولم يتدخل في هذه الأحداث أي طرف من محور المقاومة وساهم التوحّش والغباء التكفيري في إطلاق النار على اقدام السلطة الجديدة التي إذا استمرت بمجازرها ،فإنها سَتُدخل نفسها في نفق الحرب الأهلية ،لتتحوّل سوريا الى "ليبيا جديدة" او "سودان جديدة"، لن تنتهي الحرب فيها لعقد او عقدين!
الأيام القادمة ،ستؤشر الى وجهة مسار الأمور، فإذا كان الجولاني قد أخطأ فستحاسبه أميركا، ويكون ضحية ما اقترفه من أخطاء وإذا كان قد نجح في مهمته وأنجزها بسرعة ، يعني انتهاء دوره وإقالته او قتله واستبداله كما حصل مع "بن لادن" وأبو بكر البغدادي" واستبداله بشخصية تدير المرحلة الجديدة .
حمى الله سوريا وشعبها، ولننتبه في لبنان، فالتكفيريون على الحدود.. وبيننا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل