الترياق السويسري ـ عدنان الساحلي

الجمعة 22 كانون الثاني , 2021 11:48 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عجز لبنان عن فتح تحقيق جنائي يكشف فيه مصير أموال شعبه المنهوبة، رغم المطالبات المتكررة والمساعي العلنية؛ وآخرها سوآل رئيس الجمهورية ميشال عون لوزير المال غازي وزني عن مصير هذا التحقيق، فجاء الإجراء السويسري ليصيب أكثر من عصفور بحجر واحد، هذا إذا صدق ما يتم نقله من هناك، عن جدية في متابعة هذا المنحى الخطير، الذي بدأ بفتح ملف الأموال الخاصة العائدة لحاكم مصرف لبنان وشقيقه ومساعدته. وقد يفتح أبواباً ظن السياسيون اللبنانيون أنهم بمأمن منها، لكن تصرفات الداخل تبين أن محاولة لإستباق ما هو مقبل من سويسرا تجري على قدم وساق، خصوصاً من قبل الساعين لإقامة تحالف يطيح برئيس الجمهورية ويجري إنتخابات مبكرة، لعلها تكون سلم إنقاذ لمن يرى المستقبل بعيون سويسرية. 
وحسب ما بات معروفاً، فإن السلطات السويسرية تقدمت بطلب الى إلسلطات اللبنانية تطلب فيه تعاونها القانوني، في تحقيق جار حول شبهة اختلاسات وغسيل أموال في مصرف لبنان. وتحويلات مالية خرجت من مصرف لبنان الى حسابات تخص رجا سلامة (شقيق الحاكم رياض سلامة) وماريان حويك (مساعدته الرئيسية) خلال سنوات سابقة.
وزيرة العدل ماري كلود نجم، احالت الطلب الى النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. وحسب وسائل الإعلام التي ضجت بالخبر، يبدو أن معطيات "خطيرة" تحت أيدي السويسريين. وإن مصرفاً هناك أجرى عملية تدقيق في حوالات مالية بناءً على طلب جهات قد تكون لبنانية، مما ينبىء بأن تحقيقات موسعة ستتم، بغض النظر عن التجاوب اللبناني من عدمه.
حاكم مصرف لبنان سرعان ما لبى دعوة عويدات. وأكد إنه لم يجر أي عمليات تحويل في الفترة اللاحقة على 17 تشرين الأول 2019، وإن كل العمليات جارية قبل حزيران عام 2016. وإن التحويلات حصلت من قبل حسابه الخاص في مصرف لبنان. ولا دخل لأي حسابات أخرى تخصّ مصرف لبنان أو أي مؤسسة تابعة له بهذه التحويلات. وإنه مستعد لمواجهة القضاء السويسري مباشرة من خلال التوجّه الى هناك لهذا الغرض. واتهم سلامة جهات سياسية ومنظمات سياسية تتخذ طابعاً مدنياً وحقوقياً، بالوقوف خلف الحملة، وإنه ينوي مقاضاة هذه الجهات والشخصيات وكل من يشارك في "تشويه سمعته" أو "التأثير سلباً على الوضع المالي العام للبنان وعلى مؤسسات المالية المركزية ولا سيما مصرف لبنان".
    وحسب المعلومات التي وردت لبعض وسائل الإعلام في بيروت، فان التحقيق السويسري سيتعمق في معرفة مصدر الأموال التي تقارب الأربعمائة مليون دولار أميركي. بل أن هناك تأكيدات على إن التدقيق المالي الجنائي سيحصل من قبل الأوروبيين، طالما رفض اللبنانيون القيام به. حتى ولو بطريق الإستجابة لدعاوى رفعت من قبل لبنانيين في الخارج، أو مودعين في المصارف اللبنانية، من الذين منعوا من التصرف بأموالهم. ومما يطمئن بعض اللبنانيين إلى جدية هذا التوجه الأوروبي والسويسري تحديداً، أن هناك إتهامات لمصارف ومؤسسات مالية أوروبية، بالتورط في عمليات غسل أموال لبنانية. بل أن هناك من يتحدث عن فضيحة سويسرية بغسيل أموال لبنانية مسروقة. وأن الموضوع بات متداولاً بين السياسيين ووسائل الإعلام هناك. بما يجعل طي هذا الملف بعيد المنال، حيث تحول سلامة إلى متهم وفي أقل تقدير، فإن الأموال الجار الحديث عنها ستصادر. علماً أن الطلب السويسري لا ينحصر فقط بتحويلات مالية محددة في فترة معينة، بل بكل عملية مالية نفذت من مصرف لبنان إلى خارج الأراضي اللبنانية.
    هذه المفاجأة غير السارة للمافيا اللبنانية، يبدو أنها تهدد بكشف خيمة الستر عن تحالف زعماء الطوائف وأصحاب المصارف، الذي نهب أموال اللبنانيين وقام بتهريب قسم منها إلى الخارج. والسؤال هنا هل ستكون هذه المفاجأة صفعة توقف مساعي تشكيل تحالف ضد رئيس الجمهورية وحليفته المقاومة، في محاولة لإقتناص السلطة من قبل أحد الطامعين؟ أم أنها سبب لدفع المواجهة قدماً لأن الموسى ستصل إلى ذقون الفاسدين؟ وهل سيكون الترياق السويسري فرصة لفتح ملفات الفساد لبنانياً؛ والبدء بتحقيق جنائي في مصير أموال الدولة وإيداعات المواطنين لدى المصارف؟ وهل سيكون  للإجراء السويسري فعل السحر في دفع سعد الحريري إلى تشكيل حكومة سياسية تشارك فيها مختلف القوى الفاعلة، بعدما بات المقرب منه وحليفه المالي تحت أضواء المساءلة؟ 
    هي طريق تبدأ بخطوة. وقد خطاها السويسريون. وهي فرصة على اللبنانيين التمسك بها والإستفادة منها، لعلها تغنيهم عن ثورة دموية، ينتقمون فيها ممن أفقرهم وسرق أموالهم وتركهم فريسة للجوع والمرض. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل