بانوراما الصحافة اللبنانية | طوارئ صحيّة وإقفال تام للبلاد.. والأزمة الحكومية تشتد

الثلاثاء 12 كانون الثاني , 2021 08:24 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما

اهتمت الصحف الصادرة صباح اليوم في بيروت بحالة الطوارئ الصحية والإقفال التام لمختلف القطاعات في البلد، والتي أعلنها المجلس الأعلى للدفاع في جلسته الاستثنائية أمس، في محاولة أخيرة لمحاولة السيطرة على الانتشار السريع لفيروس كورونا، ولإعطاء القطاع الصحي فرصة لالتقاط أنفاسه من جديد.. على أن العبرة تبقى في التطبيق.
وإلى جانب الهمّ الصحي، كان المشهد السياسي يهتزّ بشدّة، لا سيما بين بعبدا وبيت الوسط على خلفية الفيديو الذي تسرّب عن اتهام رئيس الجمهورية للرئيس المكلّف بالكذب، مستبعدا أن يكون هناك تأليفا قريبا للحكومة.


"البناء": الدفاع الأعلى أعلن حالة الطوارئ

أعلن المجلس الأعلى للدفاع “حالة الطوارئ الصحيّة وتقليص حركة المسافرين في المطار لتصبح 20%، وسيتم فرض حظر تجول ومنع الخروج والولوج الى الشوارع والطرقات اعتباراً من الساعة الخامسة من صباح يوم الخميس في 14 الحالي ولغاية الساعة الخامسة من صباح يوم الاثنين في 25 منه”.

وتلا الأمين العام للمجلس اللواء محمود الأسمر مقررات المجلس: “إلزام الوافدين من بغداد، اسطنبول، اضنا، القاهرة واديس ابابا والتي تُشكل 85% من عدد حالات الإصابات من الوافدين من اصل حوالي 500 حالة شهرياً بالإقامة على نفقتهم 7 أيام في احد الفنادق والخضوع لفحص PCR عند وصولهم وفحص ثان في اليوم السادس من وصولهم، بالإضافة الى تقليص حركة المسافرين في مطار بيروت الدولي اعتباراً من تاريخه لتصبح 20 % مقارنة مع أعداد المسافرين القادمين في شهر كانون الثاني من العام 2020، على أن يخضع القادمون الى فحص فوري”. كما تقرّر “منع حركة المسافرين القادمين عبر المعابر الحدودية البرية والبحرية. باستثناء العابرين Transit الحاملين تذاكر سفر بتاريخ العبور”.

وتقرر “الطلب الى الوزراء المعنيين تشديد الإجراءات التي يتيحها القانون وحالة التعبئة العامة المعلنة في سبيل إلزام المستشفيات الخاصة استحداث أسرّة عناية فائقة مخصصة لمعالجة مرضى كورونا تحت طائلة الملاحقة القانونية والإدارية والقضائية”.

وتقرر إقفال جميع الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلّة والجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والحضانات على اختلافها والحدائق العامة والأرصفة البحرية (الكورنيش البحري) والملاعب الرياضية العامة والخاصة الداخلية والخارجية منها وكازينو لبنان”.

كما تقرّر استثناء بعض القطاعات الحيوية والاستشفائية والدفاع المدني والصليب الأحمر.

وقد دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في مستهلّ اجتماع الدفاع الأعلى بحسب المعلومات، إلى إعلان حالة الطوارئ في البلاد بعدما وصلنا إلى مرحلة الخطر الشديد، فوافقه الرئيس دياب وعدد من الوزراء.

ورأى عون أن المأساة التي نراها على أبواب المستشفيات تتطلب إجراءات جذريّة حتى نتمكن من تخفيف التبعات الكارثية لتفشي وباء كورونا.

ولتفسير قرار إعلان حالة الطوارئ من الجهة القانونيّة أوضح الخبير الدستوري والقانوني د. عادل يمين أن “لا جديد في قرار الطوارئ الصحيّة ولم يأت في إطار حالة الطوارئ بالمعنى القانوني العام، ولا تعني تكليف الجيش صلاحيات تعود للحكومة، بل هي بإطار حالة التعبئة العامة واستناداً إلى قانون الدفاع الوطني”.

وهدف حالة التعبئة بحسب يمين الى “تنفيذ جميع او بعض الخطط المقررة وتعلن التدابير المذكورة بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على إنهاء المجلس الأعلى للدفاع. ويمكن ان تتضمن هذه المراسيم أحكاماً خاصة تهدف الى: 1- فرض الرقابة على مصادر الطاقة وتنظيم توزيعها. 2- فرض الرقابة على المواد الأولية والإنتاج الصناعي والمواد التموينية وتنظيم استيرادها وخزنها وتصديرها وتوزيعها. 3- تنظيم ومراقبة النقل والانتقال والمواصلات والاتصالات. 4- مصادرة الاشخاص والاموال وفرض الخدمات على الاشخاص المعنويين والحقيقيين وفي هذه الحالة تراعى الاحكام الدستورية والقانونية المتعلقة بإعلان حالة الطوارئ”.


إشكاليات تواجه قرار الإقفال

لكن الإشكالية التي استحوذت على مجمل نقاش الوزراء داخل اللجنة: هل سيتمكن الإقفال الشامل من ضبط التفلّت الاجتماعي؟ وكيف يستطيع المواطن تلبية حاجاته اليومية من المواد الغذائية والأدوية في ظل إقفال المحال التجارية و”السوبرماركات” و”المولات” وكيف سيتم التعامل مع المخالفين للقانون؟

وبعد جدال حول هذه التفاصيل، حصل شبه اتفاق على إقفال “السوبرماركت” التي تعد أحد أهم مصادر نقل العدوى نتيجة للازدحام الذي تشهده. لكن مع فتح خدمات الـ”delivery” إضافة إلى فتح مصانع المواد الغذائية والأدوية والأمصال.

لكن قرار الإقفال سيخلق أزمات إضافية ستضاعف عدد الإصابات وليس العكس، لا سيما أزمة المواد الغذائية التي بدأت تظهر أمس نتيجة الإقبال الكبير على المحال التجارية تحسباً للإقفال. إذ أكد عدد من أصحاب “السوبرماركات” لـ«البناء”، أن “خدمة التوصيل إلى المنازل لا تستطيع تلبية أكثر من 10 في المئة من حاجات المواطنين”. وتحدث هؤلاء عن ازدحام مرعب داخل المحال التجارية من دون التقيد بالإجراءات الوقائية”. ودعوا الحكومة للتراجع عن إقفال السوبرماركات والأفران والصيدليات لكي لا يؤدي إلى خلق حالات ازدحام وزيادة الإقبال على هذه المواد الأساسية”. وانتشرت مجموعة من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي التي تظهر اكتظاظ المواطنين في المحال التجارية لشراء المواد الغذائية قبل قرار إقفال البلاد ومنع التجول بشكل تام ما أدّى إلى نفاد الرفوف من البضاعة. وقد فرغت رفوف “سبينس” وغيرها من المحال التجارية الكبرى من البضاعة بعد أن اشترى اللبنانيون كل ما يوجد عليها.

كما دار نقاش حول إقفال المطار، فتقرّر في نهاية المطاف إبقاءه مفتوحاً مع وقف الرحلات من عدد من المدن التي تسبب الوافدون منها بالنسب الأعلى من الإصابات وهي القاهرة وبغداد واسطنبول وأديس أبابا وأضنة.

وزير الداخلية

وأكد وزير الداخلية لـ«البناء” أنّه دعا في الاجتماع إلى الإقفال التام وفرض إجراءات صارمة أكثر جدية لضبط المخالفات وتقليص الاختلاط الاجتماعي في الأماكن العامة والأسواق”. وأمل فهمي بأن يعود قرار الإقفال التام بالنتائج المرجوة لجهة خفض نسب الإصابات المرتفعة وتخفيف الضغط على القطاع الطبي والاستشفائي”. إلا أنّ الإشكالية الأكبر التي واجهت قرار الإقفال الأخير وقرار الإقفال التام الذي اتخذ في مجلس الدفاع الأعلى هو تحوّل المنازل والساحات بين المباني السكنية والأزقة الداخلية إلى “كافيات” و”مقاهٍ” ودور سينما وملاعب كرة قدم. إذ يستعيض المواطنون عن ارتياد المطاعم و”القهاوي” بسبب قرار التعبئة العامة بتنظيم تجمعات داخل المنازل وساحات الأحياء الداخلية لأفراد العائلة والأصدقاء والأقارب، تتخللها مشاهدة جماعية للتلفاز وموائد الغداء والعشاء ولعب الورق والنرجيلة والسهرات حتى الصباح الباكر من دون أي إجراءات وقائية؛ الأمر الذي يفرغ أي قرار إقفال من مضمونه. علماً أن هذه التجمعات لم تكن تحصل بهذه الحجم خلال مرحلة فتح البلد.

ورد وزير الداخلية على هذا الأمر بالقول: “هذا ما كنت أخشاه عندما اتخذنا قرار الإقفال، أي عدم الالتزام”.

وكان الرئيس دياب أشار في كلمة له خلال اجتماع اللجنة الوزارية، إلى “أننا بكل أسف، نحن أمام واقع صحّي مخيف”، ورأى أن وباء كورونا أَفْلَت من السيطرة على ضبطه بسبب عناد الناس وتمرّدهم على الإجراءات التي اتخذناها لحماية اللبنانيين”، وأضاف: “فلنعترف أن فرض تطبيق الإجراءات لم يكن بمستوى حجم الخطر”.

 

"اللواء": الطوارئ الصحية

وبصرف النظر عن «التنميق» والفصاحة، في تدبيج البيان الصادر عن المجلس الأعلى للدفاع، والذي أعلن ما أطلق عليه «حالة الطوارئ الصحية لمواجهة الواقع الخطير جرّاء تفشي وباء كورونا»، ومنع الخروج والولوج إلى الشوارع من الخامسة من صباح بعد غد الخميس 14/1/2021، ولغاية الخامسة من صباح 25/1/2021، مع استثناءات محددة، فإن السلطة أو السلطات المناط بها التشدُّد في تطبيق القانون، والتشدد في معاقبة المستشفيات عند عدم استقبال الحالات المصابة والطارئة، وتسطير المحاضر بحق المخالفين، وتكليف الأجهزة العسكرية والأمنية التشدُّد بتطبيقها، أظهرت عجزاً مفضوحاً، عبر عن جانب منه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، الذي تحدث عن «تراخ في الأيام الماضية بفرض تطبيق الاجراءات...»، مسدياً نصيحة بالغة الأهمية لجهة انه من «واجب الكل تطبيق هذه الإجراءات، ومن غير المسموح أي تساهل».

تمثل هذا العجز، ليس فقط بالخلافات التي عصفت باللجان المعنية، من اللجنة العلمية في وزارة الصحة، إلى اللجنة الصحية، إلى اللجنة الوزارية المتعلقة بمكافحة فايروس كورونا، بل بالقدرة على وضع أي قرار يتخذ موضع التنفيذ.

وبصرف النظر عن الأسباب الآيلة إلى التفشي الخطير، فإن المعالجات بدءاً من الاقفال الأوّل في 14 آذار 2020 بقيت تدور في إطار حسابات واسترضاءات واستثناءات، وعدم حسم وحزم، فضلاً عن الخضوع للضغوطات السياسية، بدءاً من «استباحة المطار» عبر عودة المغتربين، أو نسف الرقابة في الفنادق المحجوزة لهم، وكل الإجراءات والتصرفات، التي أظهرت عقم القرارات والمعالجات..

قبل اجتماع مجلس الدفاع الأعلى دفعت بعض الشخصيات المولجة الاهتمام بالشأن الصحي، إلى إشاعة أجواء ارهقت البلاد والعباد، بدءًا من بدعة الاقفال، ووضع المجتمع «في قفص الفرجة» الأمر الذي دفع بألوف اللبنانيين، في العاصمة ومراكز المحافظات والاقضية والقرى إلى الهجوم على «السوبرماركت» والمولات، واماكن التبضع والأفران لحجز ما تمكنوا من حجزه، من ماء، وخبز ورز وسكر ومعلبات، جعلت رفوف الدكاكين، والمؤسسات الغذائية الكبرى خالية.. قبل ان ينتبه المسؤولون إلى مخاطر ما بثوا ودفعوا به إلى الإعلام ليسري مفعوله، هجمة تموينية، زادت الأمور تعقيداً.

في السياق، طرحت جملة أسئلة وجملة مخاوف، حول القرار القاضي بإعلان الطوارئ الصحية، حول قدرة السلطات على حماية قراراتها، وحماية مصالح القطاعات المهددة بالافلاس اوالتوقف عن العمل.. وهل من الممكن ائتمان هؤلاء، الذين ينتقلون من «تخبط» إلى «تخبط» إلى إدارة ملف المواجهة في الموقع الأخير، بنجاح؟!

مجلس الدفاع وقرار الاقفال

إذ أن البلاد إنشغلت بإعلان المجلس الأعلى للدفاع حال الطوارئ العامة ابتداء من الخميس 14 كانون الثاني حتى 25 من الشهر الحالي قابلة للتمديد وفق النتائج، مع بقاء منع التجول سارياً، وابقى العمل في الادارات الرسمية بمعدل 10في المئة فقط من الموظفين باستثناء وزارة المال، والمؤسسات الصحية الضامنة للموافقات الاستشفائية فقط.

وحدد قرار المجلس الاعلى إستثناءات قليلة جداً ومشروطة، تشمل العسكريين والطواقم الطبية والصليب الاحمر والدفاع المدني وفوج الاطفاء، والقضاة والمحامين لإجراء معاملات إخلاء السبيل فقط، ورجال الدين المولجين العمل في المراكز الاجتماعية وفق بطاقة محددة، والافران وكذلك السوبرماركت لكن لخدمة الديلفري فقط. كما ستفتح مصانع المواد الغذائية والادوية والامصال.وفرق وزارة الاشغال المكلفة فتح وصيانة الطرقات، وشركات المياه والطاقة والمحروقات ووزارة الاتصالات واوجيرو ومصرف لبنان بالحد الادنى للعمل، وحصر العمل في المصارف بمايفيد حالات الاستشفاء فقط.وكذلك سمح بفتح شركات تحويل الاموال.

وافيد انه يمكن للمواطن أن يخرج الى الافران والصيدليات للتبضع على أن يظهر الفاتورة اذا اوقفه حاجز لقوى الامن.وتم استثناء الإعلاميين لكن وفقاً للحاجة الملحة لتنقلهم.

وطلب المجلس من الوزراء المعنيين تشديد الاجراءات لـ«إلزام المستشفيات الخاصة استحداث أسرّة عناية فائقة مُخصصة لمعالجة مرضى كورونا تحت طائلة الملاحقة القانونية والادارية والقضائية».

وازدادت حالات العدوى خلال الأيام السبعة الأخيرة بنسبة سبعين في المئة عما كانت عليه في الأسبوع السابق، وفقاً لبيانات وكالة فرانس برس، ما جعل لبنان واحداً من البلدان التي تشهد حالياً واحدة من أكبر الزيادات في العالم من حيث العدوى. وحلّ لبنان جراء نسبة العدوى المسجلة في الأسبوع الأخير في المرتبة الرابعة بعد كل من ايرلندا ونيجيريا والبرتغال.

وقال الطبيب فراس أبيض، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المرفق الحكومي الذي يقود جهود التصدي للوباء في تغريدة، «جرى تسجيل أكثر من 30 ألف إصابة، بينها 98 حالة تطلبت العناية الفائقة، في الفترة الممتدة بين الثالث والعاشر من الشهر الحالي».

وقال الرئيس عون في مستهل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع إنّ «المأساة التي نراها على أبواب المستشفيات تتطلب اجراءات جذرية حتى نتمكن من تخفيف التبعات الكارثية لتفشي وباء كورونا». ونبّه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب في تصريح الى «إننا اليوم أمام تحد خطير، فإما أن نستدرك الوضع بإقفال تام وصارم وحازم للبلد، أو أن نكون أمام نموذج لبناني أخطر من النموذج الإيطالي». وسمحت الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة للملاهي والحانات بفتح أبوابها، رغم ارتفاع الاصابات، في محاولة لإنعاش الاقتصاد المتداعي، رغم تحذير القطاع الصحي المستنزف من قرب استنفاد المستشفيات قدراتها الاستيعابية.


"الأخبار": عون ـ الحريري: التسوية ماتت

سياسيا، «ولعت» بين بعبدا ووادي أبو جميل، أمس. الأزمة تشتدّ، لكن مِن دون أيّ بوادِر بأنها ستنفرج. تعطّلت الاتصالات والوساطات وحلّت محلّها الشاشات ووسائل التواصل الاجتماعي التي تحوّلت إلى حمام زاجِل لتبادل الرسائل. أما تأليف الحكومة فمكانك راوِح. لا نافذة ولا كوّة في الجدار، بل تعبير عن احتقان متجذّر وتسوية تلاشت إلى غير رجعة.

قالها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون: «ما في تأليف». وفي انتظار من يصرُخ أولاً، تُحتجَز الحكومة بينما تظهر البلاد كأنها على طريق الانفجار، إذ تستبيح الفوضى كل شيء، وتؤشر الوقائع السياسية الجديدة الى أن الطرفين المعنيّين بتأليف الحكومة يعاندان التسليم لشروط بعضهما البعض في سياق معركة تتجاوز الحصص والحقائب داخل مجلس الوزراء، إلى حدّ أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، أول من أمس، أكد في كلمته ما كان يدور في الكواليس، عن أنه ورئيس الجمهورية لا يريدان سعد الحريري رئيساً للحكومة لأنه «غير مؤهّل». وكان لافتاً أن كلام باسيل الذي أعاد ملف الحكومة إلى النقطة الصفر، تبعه أمس تسريب من قصر بعبدا لفيديو يجمع الرئيسين عون وحسان دياب، تناول فيه رئيس الجمهورية الحريري بكلام وصفته مصادِر مستقبلية بأنه «لا يليق بالموقع». فعون الذي أكد لدياب، بحسب الفيديو، أن «لا تأليف الحكومة»، اتهم الحريري بأنه «يكذب»، و«لم يقدّم أي ورقة».

الأزمة تشتدّ ولا بوادر انفراج وكل الوساطات معطّلة

ردّ «المستقبل ويب» على كلام عون، آسفاً لأن «دوائر القصر وزّعت كلاماً لرئيس الجمهورية من خلف كمامة لم تستطع ‏أن تحجب وباء التعطيل عن الرأي العام اللبناني، فأعلن الرئيس بهمهمة متعمّدة أن لا تأليف ‏للحكومة، مطلقاً تعابير لا تليق به وبموقعه تبيّن منها أنها موجّهة الى الرئيس المكلف سعد ‏الحريري». فيما نشر الحريري، في تغريدة، مقطعاً من الكتاب المقدس ــــ سفر الحكمة، جاء فيه «إِن الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر، ولا تحلّ في الجسد المسترق للخطية، لأن روح التأديب القدّوس يهرب من الغش، ويتحوّل عن الأفكار السفيهة، وينهزم إِذا حضر الإثم».

ومع التعقيدات التي تزداد، وتعثّر الإفراج عن الحكومة، قالت مصادر مطّلعة على الملف الحكومي إن «التسريبات من شأنها أن تؤخر التأليف وتزيد من الصعوبات»، وتساءلت «ما إذا كانت هذه التسريبات مقصودة لدفع الحريري إلى الاعتذار». ولفتت المصادر إلى أن ما قيل عن مسعى يقوده حزب الله بين عون والحريري لتقريب وجهات النظر وتعجيل التأليف، إذا ما صحّ، فإنه بالتأكيد بات أمام صعوبات وعراقيل أكبر.


"الجمهورية": استنفار سياسي

وبحسب "الجمهورية" بقي المشهد الداخلي معلّقاً على حبل التعطيل والفشل في تأليف حكومة، وسط افتراق كلّي بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري طَوى، في ما يبدو، صفحة الحكومة الجديدة الى أجل غير مسمّى، وربما نهائياً، وفق ما تعكسه أجواء الرئيسين، مُترافقاً مع حال من التورّم السياسي المتفاقم على مختلف الجبهات السياسية، يُنذر بالإنفجار في أية لحظة.

عملياً، باتت أوراق الجميع مكشوفة، ولعل ما ورد في الشريط المسرّب عما دار بين الرئيس عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب قبل انعقاد المجلس الاعلى للدفاع في القصر الجمهوري في بعبدا يلخّص ما بَلغه واقع التأليف، حيث، وكما ورد في الشريط، أنّ الرئيس دياب سأل عون: «وضع التأليف كيف صار؟» فردّ عون: ما في تأليف، عم يقول (الحريري) إنّو اعطيناه ورقة... بيكذب، عمل تصاريح كِذب، وهلّق ليك قديش غاب. ليك حظّهم اللبنانيين، وهلّق راح على تركيا، ما بعرف شو بيأثّر».

الحريري يرد

وردّ الرئيس الحريري على الفيديو المسرّب للرئيسين عون ودياب، مُستعيناً بالكتاب المقدس. وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر: «من الكتاب المقدس - سفر الحكمة: إِنَّ الْحِكْمَةَ لاَ تَلِجُ النَّفْسَ السَّاعِيَةَ بَالْمَكْرِ، وَلاَ تَحِلُّ فِي الْجَسَدِ الْمُسْتَرَقِّ لِلْخَطِيَّةِ». أضاف: «لأَنَّ رُوحَ التَّأْدِيبِ الْقُدُّوسَ يَهْرُبُ مِنَ الْغِشِّ، وَيَتَحَوَّلُ عَنِ الأَفْكَارِ السَّفِيهَةِ، وَيَنْهَزِمُ إِذَا حَضَرَ الإِثْمُ».

سقوف عالية

وربطاً بالأوراق المكشوفة، أكد معنيون بملف التأليف لـ«الجمهورية» انّ كلّ طرف حَدّد سقفه العالي، رافضاً أيّ مخرج وسطي من شأن إنقاذ التأليف وانتشال الحكومة من عمق المأزق، وما بلغته العلاقة المتوترة بين تيّار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، ومن خلفهما الرئيسان عون والحريري، أكد بما لا يقبل أدنى شك استحالة تعايشهما تحت سقف حكومي واحد. وهو ما يؤكده المقرّبون من الطرفين. وبحسب معلومات مصادر مسؤولة لـ«الجمهورية» أنّ حركة اتصالات جرت في الساعات الأخيرة سعياً لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين عون والحريري، اصطدمت بتصَلّب متبادل بين بعبدا و»بيت الوسط»، ورفض التراجع عمّا يعتبره كلّ منهما «طروحات وقائية» تمنع الطرف الآخر من التحكّم بالحكومة وقراراتها.

عون

وبحسب ما ينقل مطلعون على الاجواء الرئاسية، فإنّ رئيس الجمهورية ثابت على موقفه لجهة رفض تجاوز موقعه وصلاحيته وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وهذا التجاوز تبدّى في اللوائح التي عَرضها الرئيس المكلف، والتي تفتقد للحد الأدنى من معايير العدالة والمساواة. وتبعاً لذلك، فإنّ رئيس الجمهورية لن يوقّع أي مسودة حكومية خارجة على المعايير المطلوبة، كتلك التي قال الرئيس المكلف أنه قدمها الى رئيس الجمهورية. فضلاً عن الاصرار على هذه المسودة هو إصرار على تجاوز رئيس الجمهورية، وبالتالي هو إصرار على عدم تشكيل حكومة مُتفاهَم عليها. وبالتالي، فإنّ رئيس الجمهورية اكد من البداية استعداده للتعاون والتفاهم مع الرئيس المكلف وصولاً الى تشكيل حكومة إنقاذية، وهو التالي يعتبر انّ الكرة في هذه الحالة ما زالت في ملعب الرئيس المكلف لإعادة النظر، إن كانت لديه رغبة في تشكيل حكومة.

الحريري

على انّ الصورة تبدو معاكسة تماماً في بيت الوسط، وعلى ما ينقل مطلعون على الأجواء هناك، فإنّ شعوراً طاغياً يفيد بأن الرئيس المكلف يتعرض للعرقلة المتعمّدة من قبل فريق رئيس الجمهورية، وتحديداً من قبل الوزير جبران باسيل، لمنعه من تأليف حكومة تبدأ عملية الانقاذ وتباشر في إعادة إعمار بيروت، وذلك خلافاً للتسهيلات التي لمسها الرئيس المكلّف من سائر القوى السياسية التي تدرك تماماً من هو المعطّل لتأليف الحكومة.

وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ الحريري قدّم مسودة حكومية الى رئيس الجمهورية تتضمن كفاءات يشهد لها بنزاهتها وخبرتها وأهليتها في التصدي للمرحلة المقبلة وللمهمات التي تنتظر الحكومة، ومع ذلك تمّ رفضها جرّاء الاصرار على الإمساك بزمام الحكومة والتحَكّم بها بعد تأليفها، ويتأكّد ذلك من الاصرار على منح الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي فيها.
 
ويلفت المطلعون الى شعور عارم في بيت الوسط بأنّ الهدف الاساس من عرقلة تأليف الحكومة هو دَفع الرئيس المكلف الى الاعتذار عن عدم تشكيلها، وهو أمر لن يحصل على الاطلاق، ولن يحقق الرئيس المكلف لباسيل ما يرمي اليه. ولذلك، فإنّ الرئيس المكلف أنجَز مسودة حكومته، وهي أقصى ما يمكن ان يقدمه، ووضعها في يد رئيس الجمهورية ولا ينقصها سوى التوقيع وإصدار مراسيم تأليفها.

دخلنا في المجهول

وما بين موقفي الطرفين، تبرز دعوة مصادر مسؤولة الى تَوقّع الأسوأ على الخط الحكومي، وهي إذ تؤكد على «الهوة العميقة السياسية والشخصية الفاصلة بين عون والحريري، وهو ما لمّحَ اليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وحاول رَدمها وفشل»، تؤكد في الوقت نفسه أننا بلغنا «أزمة تأليف» مستعصية، تنعدم فيها إمكانية تأليف حكومة في ظلّ هذه الهوة التي يستحيل ردمها. بل هناك أكثر، لأنّ هناك قراراً لدى بعض المعنيين بالتأليف بتوسيعها أكثر».

وبحسب المصادر، فإنّ «ما ورد على لسان باسيل في اطلالته امس الأحد، أطلق الرصاصة القاتلة لكل أمل بتشكيل حكومة لا الآن ولا في أي وقت آخر، علماً أنه قدّم نفسه شريكاً اساسياً لرئيس الجمهورية في عملية التأليف، وتَقصّد استفزاز الحريري الى حَدّ وَصفه بأنه لا يُؤتَمَن. وهذا معناه انّ أفق الحكومة قد سُدّ بالكامل، الّا في حالة وحيدة، وهي إذا تَمايَزَ رئيس الجمهورية عن باسيل، وعاد الى استئناف المشاورات بينه وبين الرئيس المكلف من النقطة التي انتهى اليها لقاؤهما الاخير قبل عيد الميلاد.

امام هذه الصورة، تتفشّى حال من التشاؤم في مختلف الاوساط السياسية، مقرونة بقلقٍ بالغ ممّا قد يَنحى إليه الوضع في الآتي من الايام، في ظل التسارع الرهيب في الانهيارات على كل المستويات، وفي مقدمها الانهيار المالي والنقدي الذي يتجلّى بالارتفاع الجنوني للدولار، والذي بدأ يطرق باب الـ10000 ليرة، وربما أكثر، على ما يؤكد لـ«الجمهورية» مرجع كبير بقوله: «لقد دخلنا في المجهول، وصار البلد عالقاً بين براثن شياطين يحاولون أن يجرّوه الى خراب ومَهلكة كارثية. طَيّروا البلد، طَيّروا الاقتصاد، والمال، والنقد، والأمن، والقضاء وكل شيء، وها هم يحاولون تَطيير الطائف، والله أعلم ماذا يخبئون بعد!! في وقتٍ يتعرّض فيه هذا البلد لأسوأ وأخطر محطات في تاريخه، بدءاً من كورونا، وصولاً الى الخطر الاسرائيلي التي بدأ يتفاقم مع الخروقات المتتالية للاجواء اللبنانية وصولاً الى العاصمة بيروت، ما يُنذِر بأنّ أمراً ما يُبَيّت للبنان، في موازاة مَلهاة بين مؤلفي الحكومة عنوانها الاساس التعطيل ورَهن بلدٍ بكاملة على اسم وزير او حقيبة وزارية، والسجالات المفتعلة ومحاولة شدّ العصب السياسي والطائفي».


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل