سورية القوية .. حصن لبنان ــ محمد شهاب

الثلاثاء 24 تشرين الثاني , 2020 12:18 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يعيش لبنان في أزمات خطيرة على شتى المستويات: الوطنية، القومية، الطائفية، الاقتصادية، المالية، الجغرافية، والتاريخية، والديموغرافية، مما يجعل الكيان اللبناني مهدداً فعلاً، بحاضره وغده، في ظل قوس الأزمات الذي يظلل المنطقة، وأبرزها الأزمة السورية، واستهداف الدولة الوطنية السورية، فتجارب التاريخ علمتنا أن سورية القوية هي التي تجعل لبنان مستقراً ومزدهراً.
وإذا كان بعض اللبنانيين الطارئين على التاريخ السياسي والواقع الاجتماعي اللبناني، ونصبوا أنفسهم قادة ومسؤولين بحكم الاستغلال البشع للطائفية والمذهبية والاستقواء بكل "ما هب ودب" خارجي سواء كان أميركياً أو صهيونياً، أو فرنسياً، أو انكليزياً، أو عربياً بائعاً للكاز، أو حتى من بلاد "الماوماو"، ولتقديم الولاء لهذه التبعية كان البعض من اللبنانيين يشهر العداء لسورية، من دون أن يستوعب تجارب التاريخ بأن لبنان مهما تعرض إلى أزمات لا يمكنها أن تهدد مصيره طالما أن سورية قوية، فيبقى بالتالي قابلاً للحياة، أما العكس فهو يعني تهديد الكيان، وهذا ما نعيشه ونراه هذه الأيام.
وبصرف النظر عن أن كثيراً من المؤامرات والتخطيط لانقلابات (1949-1963) كان يتم التخطيط لها في بار أو مقهى أو فندق في لبنان، فإن ما تشهده سورية منذ عام 2011 من حرب كونية إرهابية شارك فيها عشرات الدول الغربية والرجعية العربية بالإضافة طبعاً إلى الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وتركيا، بحيث أن عدد الإرهابيين الأجانب الذين قاتلوا في سورية بلغ أكثر من نصف مليون إرهابي، ناهيك عن مئات مليارات الدولارات التي ضخت لدعم مجاميع الإرهاب التكفيري، ولقد اعترف رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري السابق حمد بن جاسم "بتورط كل من بلاده والسعودية بالتنسيق الكامل مع واشنطن وأنقرة في الحرب على سورية، مؤكداً أن كل شيء يذهب إلى تركيا كان ينسق مع القوات الأميركية، وكان كل شيء يتم عن طريق القوات الأميركية ونحن والسعودية، وهؤلاء كلهم موجودون عسكرياً في سورية".
أما عندنا في لبنان فقد انخرط فلول 14 آذار في هذه المؤامرة بأشكال مختلفة، فمن ينسى باخرة لطف الله -2 ، وزيارات الحج لفريق 14 آذار إلى عرسال وبعضهم لم تتجاوز معرفته بالبقاع شمالاً مدينة زحلة، وعشرات وربما مئات الجمعيات التي قامت تحت عنوان "خيرية" لمساعدة السوريين النازحين، ومن ينسى مواقف رئيس "القوات اللبنانية" جعجع "فليربح الإخوان في سورية".
كل ذلك ترافق مع خطط ومؤامرات لمحاصرة المقاومة في لبنان ونزع سلاحها رغم الإعلان "الإسرائيلي" الذي لا لبس فيه بعدائها للبنان، ورغم كل التجارب المريرة في العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان منذ العام 1948 ولما يزل، رغم أن المقاومة اللبنانية فرضت على العدو توازن رعب هائل، فبات هذا العدو منذ انتصار أيار عام 2000، والانتصار غير المسبوق في تموز - آب 2006 بات في حالة خوف وقلق من هذه الظاهرة اللبنانية المقاومة غير المسبوقة منذ سقوط غرناطة في الأندلس عام 1492م.
ثمة حقيقة لابد من الإعتراف بها شاء من شاء وأبى من أبى، وهي أن من ضمن استهداف سورية، هناك مخطط لمحاصرة المقاومة وتمزيق بيئتها الحاضنة، من أجل تمرير مشاريع خطيرة على لبنان والمنطقة العربية، ومنها تهجير فلسيطين 1948 (ترانسفير)، والذي لولا السلاح اللبناني المقاوم، لكان ذلك حصل فعلاً، وهنا نشير على سبيل المثال لا الحصر إلى حادثة مرج الزهور عام 1993، حيث ابعدت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجموعات كبيرة من حركتي حماس والجهاد الإسلامي، لكن موقف قائد الجيش اللبناني في حينه العماد إميل لحود أفشل هذا المشروع الخطير.
ببساطة، فإن من يريد بقاء لبنان واستمراره وقوته عليه أن يحبط مشروع تحويل لبنان إلى منصة في الهجوم والتآمر على سورية، والكف عن لعبة العداء للشرق وخصوصاً لروسيا والصين، وهما القوتان العسكريتان والاقتصاديتان الصاعدتان.
وما يفترض على من يخاف على لبنان حقيقة، هو بأن تعود وتبقى سورية قوية تلعب دورها الهام والبارز والمؤثر في توازن المنطقة، وأن يعود النازحون إلى سورية في أسرع وقت، لأنه ببساطة فإن مساحة لبنان تضيق باستيعاب مليون ونصف مليون نازح مع ما يوجب ذلك من تحمل أعباء وتكاليف مرهقة على شتى المستويات (كهرباء، ماء، استشفاء، تعليم، منافسة يد عاملة، طرقات، وبيئة، وبنى تحتية، وهلم جرا).
فهل يفيق ضمير البعض ويكف عن العداء للدولة الوطنية السورية؟.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل