قصيدة البردة | الفصل الثاني .. "في التحذير من هوى النفس"

الخميس 22 تشرين الأول , 2020 02:35 توقيت بيروت تصوّف

الثبات - التصوف 

 

قصيدة البردة

الإمام البوصيري

 

الفصل الثاني

في التحذير من هوى النفس

 

فَإنَّ أمَارَتيْ بِالسُّوْءِ مَا اتَّعَظَـــتْ ... مِنْ جَهْلِهَا بِنَذيْرِ الشِّيْبِ وَالْهَـــرَمِ

وَلا أعَدَّتْ مِنَ الفِعْلِ الجَمِيلِ قِـرَىْ ... ضَيْفٍ أَلمَّ بِرَأسِيْ غَيْرَ مُحْتَشِـــمِ

لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أنِّي مَا أُوَقِّـــرُهُ ... كَتَمْتُ سِراً بَدَا لِيْ مِنْهُ بِالكَتَــمِ

مَنْ لِيْ بِرَدِّ جِمَاحٍ مِنْ غَوَايَتِهَـــا ... كَمَا يُردُّ جِمَاحُ الخَيْلِ بِاللُّجُــــمِ

فَلاْ تَرُمْ بِالمعَاصِيْ كَسْرَ شَهْوَتِهَـــا ... إنَّ الطَّعَامَ يُقَوِّيْ شَهْوَةَ النَّهَـــمِ

وَالنَّفَسُ كَالطِّفْلِ إِنْ تُهْمِلْهُ شَبَّ عَلَى ... حُبِّ الرِّضَاعِ وَإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِــمِ

فَاصْرِفْ هَوَاهَا وَحَاذِرْ أنْ تُوَلِّيَــهُ ... إِنَّ الهَوَى مَا تَوَلَّى يُصْمِ أو يَصِـمِ

وَرَاعِهَا وَهْيَ فِيْ الأعْمَالِ سَــائِمَةٌ ... وَإنْ هِيَ اسْتَحَلْتِ الْمَرْعَى فَلا تُسِمِ

كَمْ حَسنَتْ لَذَّةً لِلْمَرْءِ قَاْتِلَــةً ... مِـنْ حَيْثُ لَمْ يَدْرِ أنَّ السُّمَّ فِي الدَّسَـمِ

وَاخْشَ الدَّسَائِسَ مِنْ جُوْعٍ وَمِنْ شِبَعٍ ... فَرُبَّ مَخْمَصَةٍ شَرٌّ مِنَ التُّخَـــــمِ

وَاسْتَفْرغِ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنِ قَدِ امْتَلأَتْ ... مِنَ المحَارِمِ وَالزَمْ حِمْيَةَ النَّـــدَمِ

وَخَالِف النَّفَسَ وَالشَّيْطَانَ وَاعْصِهِمَا ... وَإنْ هُمَا مَحْضَاكَ النُّصْحَ فَاتَّهِـــمِ

وَلا تُطِعْ مِنْهُمَا خَصْماً وَلاْ حَكَمـــاً ... فَأنْتَ تَعْرِفُ كَيْدَ الخَصْمِ وَالحَكَــمِ

أسْتَغْفِرُ اللهَ مِنْ قَوْلٍ بِلا عَمَــــلٍ ... لَقَدْ نَسَبْتُ بِهِ نَسْلاً لِذِيْ عُقـــــُمِ

أَمرتُكَ الخَيْرَ لَكِنْ مَا ائْتَمَرْتُ بِـهِ ... وَمَا اسْـَتقَمْتُ فَمَا قَوْلِي لَكَ اسْتَقِـمِ

وَلا تَزَوَّدْتُ قَبْلَ المَوْتِ نَافِلَـــةً ... وَلَمْ أُصَلِّ سِوَىْ فَرْضٍ وَلَمْ أَصُــــمِ


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل