السعودية والبحث عن مخرج لحربها على اليمن ـ يونس عودة

الثلاثاء 19 أيار , 2020 11:05 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا تزال الحرب التي شنتها السعودية ضد اليمن ارضا وشعبا ,على رأس تحالف مستتبع ,يحمل اسم العربي , وفي جوهره غربي بقيادة اميركية تتواصل فصولا رغم الاقرار الضمني بعبثية استمرار الحرب , واستحالة الانتصار على اليمنيين ،الذين اثبتوا بقيادة انصار الله واللجان الشعبية , انهم لا يهزمون , بل هم المنتصرون .

لقد مرت 5 سنوات و3 أشهر على الحرب, اي نحو الفي يوم من العمليات العدوانية التي كانت تجابه بالصبر , والاصرار حتى تحقيق الانتصار, ما دفع السعودية وحلفاؤها في التحالف للبحث عن مخرج,يقلص الخسائر التي لم تعد تحتمل على المستوى البشري , والاقتصادي بحيث استنزفت اموال النفط -ركيزة الخزينة - السعودية ودول الخليج عموما وبالاخص الامارات الى جانب السعودية .

لقد جرب التحالف العدواني كل اساليب القتل , والحصار , والتجويع , والتعطيش, والإجراءات الشديدة القسوة،التي تجافي ابسط القواعد الانسانية والبشرية ولم تصل العملية العدوانية الى تحقيق ابسط الاهداف من غاياتها, اذا استثني القتل والتدمير كهدفين ,عبر الحصول على افضل واحدث الاسلحة في الترسانة الغربية ولا سيما الاميركية.

ان المحرك الاساسي للحرب وتشكيل الغطاء السياسي والدولي, والمقصود واشنطن,التي طافت خزائنها بارقام خيالية مقابل ادوات القتل المشحونة الى التحالف , ومشاركة قواتها الجوية والبحرية ,واستخباراتها مباشرة في الحرب,توصلت الى استنتاج مفاده, ان التحالف لن يتمكن ابدا من هزيمة انصار الله بعد تجربة خمس سنوات من القتال.لا بل الازمة بين مكونات التحالف تتعمق بحيث ان القتال انتقل في احد فروعه الى داخل التحالف بين اتباع السعودية واتباع ابو ظبي , وهذه حرب كشفت جزءا من اهداف الحرب وهو صراع النفوذ من اجل المرحلة المقبلة فيما لو تمكن التحالف من الحصول على شروط اذا اوقف الحرب .

لقد شهدت الايام الاخيرة معارك ضارية في بعض محافظات الجنوب بين القوات الموالية للسعودية التي تقودها حكومة عبد ربه منصور هادي , المشردة في السعودية وغير قادرة على ايجاد موطئ آمن في عدن , وبين قوات المجلس الانتقالي بعد تعثر اتفاق اقتسام السلطة والمعروف باتفاق الرياض بينهما ,لا بل استعر قتال عنيف بين الطرفين في محافظة أبين, حيث تحاول قوات هادي استعادة السيطرة على أبين والمحافظات الجنوبية، بعد أن فرضت قوات المجلس سيطرتها عليها,وذهبت الى تحد اكبر للسعودية واتباعها ,باعلانها الإدارة الذاتية في الجنوب.

لقد قدم المتحدث باسم "المجلس الانتقالي الجنوبي" مطالعة في تبريره قرار المجلس باعلان السيطرة على عدن وقال أنه "قرار لم يأت من فراغ"، و" إنه نتيجة لسوء الإدارة وسوء التدبير". وذكر أن الوضع الإنساني قد تفاقم ، إذ خرجت خطوط الكهرباء والمياه والصرف الصحي تقريبا بالكامل عن العمل، كما وجه اتهامات خطيرة للسعودية ومنها أن المملكة لم تصرف مرتبات القوات التابعة لمجلس، كما لم يزود مقاتلوه بالأسلحة والذخيرة والطعام. والى سلسلة بنود تدين تعاطي السعودية مع المرتزقة.

تعمل السعودية على احتواء الازمة المتفجرة مع المجلس الانتقالي من خلال الهروب الى الامام عبر احتجاز اكثر من عشرين سفينة محملة بالمواد الغذائية والنفط والادوية لابتزاز حكومة صنعاء ومحاولة تأليب الشعب عليها رغم انها جربت هذا الاسلوب تكرارا وخسرت الرهان , لا بل تلقت صفعات موجعة في الميدان, اضطرت للاعتراف بقسوتها ايضا.

من الاسباب التي تدفع السعودية ايضا الى البحث عن مخرج فضلا عن اثبات انصار الله ىان يدهم تطال اي مكان في السعودية نفسها - ارامكو مثال ساطع -هبوط اسعار النفط بشكل دراماتيكي اجبر  سلطات المملكة تخفيض الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبيرة بنحو 26 مليار دولار (أقل بقليل من 10% من ميزانية 2020)، ما يؤشر الى عمق الازمة الداخلية ,وتعليق سداد ما يسمى بالتعويض عن تكاليف المعيشة، بدءا من حزيران وزيادة ضريبة القيمة المضافة ثلاثة أضعاف (حتى 15%). وكل ذلك يؤشر الى عمق الازمة الداخلية.علما انها لم تعلن بعد عن المشاريع التي سيتم تجميدها على وجه التحديد.واضافة الى ذلك فلا يتوقعن احد متى او يمكن ان يعود النفط الى سابق عهده وجعل السعودية قادرة اصلا على الصرف على الحروب والاستعانة باسياد تحت اسم حلفاء لمنعها من الانهيار او الاشتعال بالنار او حتى مدها بالاسلحة للاستمرار، فقوة جيوش التحالف الذي تقوده السعودية تعتمد على العتاد الأجنبي الحديث والدعم من الدول المتجبرة. وفي الوقت نفسه، لا تستجيب الأسلحة دائما للتحديات الراهنة،سيما امام انصار الله الذين خبروا الميدان افضل ما يكون , وليس لمشغلي الاسلحة الاحدث أن يتباهوا بمهاراتهم في استخدامها. وذلك يؤدي إلى خسائر فادحة عند الوقوع في كمائن، وعدم القدرة على صد هجوم الطائرات المسيرة، إلخ.وهذا ما حصل كثيرا وشوهد عبر تسجيلات مرئية .فيما مقاتلو أنصار الله والجيش اليمني الصامد فان اسلحتهم تعتبر متخلفة من حيث المقارنة مع الترسانة القاتلة لكنهم يحسنون استخدامها بافضل فعالية ممكنة ، ويتمتعون بدعم السكان المحليين. كما أنهم يتعلمون بسرعة، ويأخذون في الاعتبار أخطاء العدو, وكما تبين الممارسة، من الصعب جدا محاربة مثل هذه القوة.

لذلك كله فان السعودية مهتمة مباشرة بإنهاء المعارك غير المجدية، التي تقود إلى خسائر لا معنى لها ومخاطر غير مبررة.،لكن الخطوة الأولى للخروج من الحرب.تعرفها الرياض وحلفاؤها لتحديد شروط إنهاء الحرب وهيكلية ما بعد الحرب.فالمسألة لم تكن مسرحية , وهناك اثمان يجب ان تدفع بعد العدوان الظالم على المستويات السياسية والاقتصادية والانسانية , والا فإن الهزيمة الماحقة هي البديل الطبيعي .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل