انفجار اجتماعي عالمي في الطريق ومصلحة اوروبا مع ايران ـ يونس عودة

الثلاثاء 07 نيسان , 2020 12:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لا يشك مخلوق لديه قليل من العقل بأن فيروس كورونا يهدد الجميع سواء على مستوى الافراد او على مستوى النظم السياسية، ولا سيما تلك التي تهيمن على اقتصاديات كبيرة سواء في داخل دولها، او من خلال الهيمنة على اقتصادات وانظمة دول، الا ان قلة من هذا الجميع يعمل بدأب على استغلال عواقب الأزمة العالمية الضخمة الناجمة عنها لمصلحتهم. لكن الأزمة الضخمة، هي في الوقت نفسه فرصة كبيرة للاعبين الرئيسيين في العالم، لتغيير النظام العالمي، أو الحفاظ عليه.

وبينما اللوحة السوداوية تزداد قتامة ظهرت بارقة من اوروبا التي هي اكبر ضحايا الوباء الجديد الذي اطلق عليه اسم "الحرب العالمية الجديدة",تمثلت بمحاولة متواضعة للتنفس من الضغط الاميركي الخانق ,من خلال ابرام الاتحاد الأوروبي وإيران، للمرة الأولى، صفقة وفق آلية "إنستكس"، التي تم وضعها خصيصا للالتفاف على العقوبات الأميركية. وقد تم حتى الآن، إبرام صفقة لشراء إيران سلع طبية. ومع أن إطلاق"انستكس" يعتبر خطوة إلى الأمام، إلا أنه لا يلبي تماما مطالب طهران.لكنها في المضمون مؤشر يستوجب من الاوروبيين توسيع هوامشه , وبذلك يكونون من العاملين حقا لمصلحة دولهم، حتى قبل مصلحة ايران .

فبالنسبة لإيران، من المهم أن تشمل هذه الآلية السلع الخاضعة للعقوبات. والأهم بالنسبة للجمهورية الإسلامية، هو بيع النفط الذي تقيده الولايات المتحدة بكل السبل. لكن قدرات آلية "انستكس" غير قادرة على تحييد الحظر الذي فرضه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل كامل على العمليات التجارية مع إيران"، فالاوربيون لا يزالون تحت السطوة والعربدة الاميركية التي تزداد قسوة، رغم ان اميركا التي طالما تبجحت بقدراتها وبنظامها ولا سيما في جانبه "الانساني" فشلت، وظهر عجزها الكلي امام كورونا، لا بل ان اكبر شركاتها العاملة في النفط الصخري اعلنت افلاسها نتيجة الوباء ,,والحبل على الجرار، فيما أوروبا بلغ الوضع عندها درجة من الخطر دفعت أكبر الاقتصادات في الاتحاد الأوروبي إلى الحديث عن تأميم الشركات كإجراء لإنقاذها من الأزمة، بالإضافة إلى ذلك، وافقت بروكسل للمرة الأولى على تعليق ميثاق الاستقرار والنمو.

وللدلالة اكثر على عمق المعاناة الاوروبية من الهيمنة الاميركية قال إمريك شوبارد وهو احد اهم الخبراء الاوروبيين وعضو في البرلمان الاوروبي :"عندما يختفي الفيروس، سيتعين علينا إعادة التفكير في العولمة وإعادة بناء أوروبا. يجب أن لا تعني العولمة التخلي عن الأولويات الوطنية".ويضيف "على الأمة، بطبيعة الحال، أن تمارس التجارة بحكمة، ولكنها قبل كل شيء يجب أن تحافظ على سيادتها السياسية والغذائية والطاقية والطبية والقانونية وغيرها. يجب أن يتكيف الناس ليس فقط مع الطقس الجيد، إنما مع العواصف والرعود أيضاً، وينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يصبح أمة أوروبية ويعيد التفكير في علاقته بروسيا".

الخبير شوباد لم يوارب في تشخيص الازمة التي تضرب القارة العجوز عبر التعبير بأن الاتحاد الأوروبي أثبت عدم جدواه تماما في هذه الأزمة. فلا استجابة منسقة لهذا التهديد، ولا تضامن أوروبياً.وأن الاتحاد الأوروبي، الذي فقد مصداقيته عمليا قبل الأزمة الصحية، سيخرج منها أضعف مما كان.

في الواقع، فإن الاوروبيين الكبار مثل المانيا وايطاليا وفرنسا واسبانيا , يبحثون مجتمعين ومنفردين عن حلول للازمة المتعاظمة, فاحراق العلم الاميركي في ايطاليا وغيرها، دليل على تنامي الغضب الشعبي من الاميركي البشع، وامام اوروبا فرصة تاريخية كي تقدم على خطوات هامة تجاه ايران التي فتحت ابوابها للشركات الاوروبية على مصاريعها، وانما هناك حاجة اولى تكون بالافلات من القبضة الاميركية سياسيا واقتصاديا، والولايات المتحدة التي تراهن على الحفاظ على النظام العالمي القائم، ولو بالقوة غير قادرة الان على تهديد الاوروبيين سواء بقلب الانظمة عبر ثورات ملونة، او بشن حروب مدمرة، لكنها سوف تواصل استخدام هيبتها السابقة ما امكن، بينما المطلوب اوروبيا تهشيم هذه الهيبة ,,والطريق الى ذلك تمر في ايران اولا ، وروسيا والصين 

لا يمكن للوضع الحالي,اكان بفرصه التاريخية او بكورونا أن يستمر إلى ما لا نهاية، فإذا لم تتخذ إجراءات تنظيمية وصحية وسياسية واقتصادية استثنائية، تكون فعالة ،فان الفرص تضيع وتخرج اوروبا من المولد بلا حمص , لا بل مفككة وبالمفرق بيد اميركا , لكن العولمة السياسية ستكون مأكول دفعة الوقود الاولى وسنكون شهودا على انهيارعالم وتشكل عالم جديد .

هناك من قال ان الاقتصاد المعولم قائم على الإيمان مثل الدين. لكن فيروس كورونا وضع حدا لهذا الاعتقاد، فحلّ الذعر. وفي حالة الذعر، يبيعون كل شيء للحصول على النقود لليوم الأسود.الا ان الاكثر غرابة يتمثل باستعداد أصحاب الملايين الأميركيين للانتقال إلى مخابئ فاخرة مجهزة لقضاء ما يصل إلى ستة أشهر فيها.

وتشير مجلة فوربس إلى انفجار الطلب على هذا النوع من العقارات الفاخرة، وتنقل عن مالك شركة "Rising S Bunkers"، غاري لينش، أن الشركة التي تقوم ببناء وصيانة الملاجئ تحت الأرض، ارتفعت عليها الطلبات بنسبة 2000 %".

لكن أصحاب الملايين في الولايات المتحدة يخشون انفجار الوضع الاجتماعي بسبب الوباء. وبهذا قال لينش: "يبحث عملاؤنا عن الحماية، بشكل أساسي من شيء واحد. لا يهم ما يحدث في البلاد، حرب على أرضنا، زلزال كارثي، كالذي وقع في نيو مدريد في القرن التاسع عشر، جائحة، كالتي نشهدها الآن، فالأهم هو أننا قد نجد أنفسنا على حافة انهيار المجتمع، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يتهددنا".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل