بانوراما الصحافة اللبنانية | المصارف تفتح بعض أبوابها .. و"جزار الخيام" داخل المعابر الحدودية

الأربعاء 18 آذار , 2020 09:19 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ بانوراما 

منذ إعلان مجلس الوزراء اللبناني التعبئة العامة بسبب فيروس كورونا، كانت جمعية المصارف السباقة في إعلان "الإغلاق" تجنباً للقاء "المودعين"، لتُطبق عملية "الحجر" على أموالهم. 

جمعية المصارف والتي أعلنت إقفال جميع فروع المصارف حتى 29 آذار، تراجع بعضها الأمس بعد تنبيه مجلس الوزراء بمخالفة قرارها حيث منعت المودعين من التصرف بأموالهم بـ"الدولار"، لتفتح ابتداءً من اليوم لتسيير الخدمات المصرفية من أجل تلبية حاجات الناس في هذه الظروف. 

ويأتي ذلك في وقت أجرى رئيس الحكومة حسّان دياب بعض التعديلات على مشروع قانون "الكابيتال الكونترول" المُقدّم من وزارة المال، والذي سيعرض رسمياً على مجلس الوزراء غداً الخميس ايضا تمهيداً لإقراره وإحالته الى مجلس النواب.
 
قضائياً، فشلت محاولة نقل العميل عامر الفاخوري إلى مطار بيروت، حيث كانت تنتظره طائرة خاصة لنقله إلى واشنطن، ونجحت الملاحقات القضائية والإجراءات الأمنية المرافقة في ذلك بعد صدور قرار بمنعه من السفر من كل المعابر الحدودية.


مشروع الـ«كابيتال كونترول»: دياب يسحب «سقف الدولار» من يد المصارف

بداية مع صحيفة "الأخبار" التي ركزت على لقاء وزير المال غازي وزني أمس مع وفد من جمعية المصارف، برئاسة سليم صفير. حيث عكست صورة اللقاء وجوهاً مُبتسمة ومرتاحة، تتناقض مع الأجواء «المشحونة» التي سادت بين الفريقين أول من أمس، بعدما طلب وزني تحرّك النيابة العامة رفضاً لقرار «الجمعية» إقفال فروع المصارف من 17 حتى 29 آذار. المصارف خالفت بقرار الإقفال قرار مجلس الوزراء، ومنعت المودعين من التصرف بأموالهم بالدولار. نتيجة الاجتماع، كانت موافقة المصارف على فتح «بعض» الفروع ابتداءً من اليوم، والقيام بالإجراءات المطلوبة «لتسيير الخدمات المصرفية من أجل تلبية حاجات الناس في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي نعيشها». تلبية حاجات الناس لدى المصارف، تستثني الحسابات بالعملة الأجنبية، فهي لن تُفرّط بـ«فرصة» الحجز على ما تبقى من ودائع بالدولار، في ظلّ أزمة السيولة والملاءة التي تُعانيها.

في المقابل، وضع رئيس الحكومة حسّان دياب تعديلات على «مشروع تنظيم ووضع ضوابط استثنائية موقّتة على بعض العمليات والخدمات المصرفية»، أو مشروع قانون «كابيتال كونترول»، المُقدّم من وزارة المال. العيب الأساسي في مشروع غازي وزني، كان أنّه يمنح صلاحيات استثنائية لسلامة، ويُغطّي سرقة المصارف للمودعين، عبر منحها (إلى جانب المصرف المركزي) حقّ الحجز على الودائع بالعملات الأجنبية وتحديد سقف السحوبات. لم تطرأ تعديلات جمّة على المشروع الأساسي، ولا يزال يعتريه الكثير من الثغَر (كعدم استثناء أموال المؤسسات العامة من القيود). لكن أبرز تعديل أدخله دياب على المشروع كان بعدم منح المصارف ومصرف لبنان الحق في تحديد حق السحوبات بالعملات الأجنبية. 

ويبرز ذلك بشكل أساسي في المادة 7 من مشروع القانون، التي باتت تنص على أنّه «نظراً للظروف الاستثنائية الحاضرة، وانطلاقاً من مبدأ التداول بالعملة الوطنية، تُحدد سقوف السحوبات بالعملة الأجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بقرار يصدر عن مجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير المال». فيما كانت المادة نفسها في اقتراح وزني تنص على أن سقف السحوبات بالعملة الأجنبية يُحدّد «بتعميم عن مصرف لبنان بالتنسيق مع جمعية المصارف والمصرف المعني». لكن المادة التاسعة المُخصصة لإيداع الشيكات أبقيت على ما كانت عليه، لجهة أنه «لا يُمكن قبض الشيكات المحررة بالعملات الأجنبية نقداً على شبابيك المصارف، بل يتم إيداعها في الحساب». ومن المنتظر أن يُعرض الاقتراح على مجلس الوزراء قريباً لإقراره وإحالته على مجلس النواب.

أما في ما يعنى بعملية إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري فقد كشفت الأخبار المساعي الأميركية لتحقيق ذلك، حيث كان روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأميركي الذي عين خلفاً لجون بولتون، كان مسؤولاً عن ملفات الأميركيين المعتقلين أو المفقودين أو المختطفين في العالم. وهو الذي تولى المفاوضات مع سوريا بواسطة لبنان، لأجل إطلاق سراح أحد الأميركيين الذي تولى اللواء عباس ابراهيم نقله. وهو الذي استمر في البحث عن مفقودين أميركيين في سوريا والعراق واليمن.
أوبراين، بعد عشرة أيام على توقيف عامر الفاخوري في لبنان، أجرى اتصالات بوسطاء لبنانيين، وأبلغهم أن الملف بحوزته، وأنه تبلغ قراراً رفيعاً ببذل كل الجهود من أجل تحقيق «فك احتجاز» الفاخوري الذي قال أوبراين إنه «مواطن أميركي يلاحق بتهم سياسية لا أساس قانونياً لها».
لم تمض أيام، حتى كانت الأجهزة المعنية في الولايات المتحدة الأميركية قد استنفرت جميعها. حتى إن مسؤولاً في وزارة الخارجية قال لزائر لبناني «يبدو أن الرجل مهم أكثر مما نعتقد». ويومها، تولى وزير الخارجية بومبيو ومساعدين له من ديفيد هيل الى ديفيد شنكر الى السفارة في بيروت العمل بصورة متواصلة، وكانت التعليمات بأن المطالبة بإطلاق سراح الفاخوري «بند دائم» على جدول أي اجتماع يعقد مع المسؤولين اللبنانيين.

في هذه الأثناء، كانت الأجهزة الأمنية الأميركية تتحرك في بيروت بعيداً عن القنوات الدبلوماسية. وقررت القيام باتصالات جانبية مع «شخصيات لبنانية تربطها صلات قوية بحزب الله». والغرض «البحث في إسقاط تحفّظ الحزب بعدما تبلّغ الأميركيون من مسؤولين رسميين في لبنان أن القرار غير ممكن من دون موافقة الحزب».
وحسب المعلومات، فإن الخطة الأميركية توزعت على ثلاثة محاور:

الأول رسمي، وتولّته وزارة الخارجية، ويعتمد على اتصالات مباشرة مع رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل والمستشار الرئاسي سليم جريصاتي.
الثاني أمني وعسكري، وتولّته السفارة الأميركية في بيروت وممثلون عن الأجهزة الأمنية الأميركية وشمل قيادة الجيش ومديرية المخابرات والقضاء العسكري ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية.

الثالث أمني ــــ سياسي، وتولّته الاستخبارات الأميركية بالتعاون مع دبلوماسيين أميركيين، وجرت لقاءات في بيروت وباريس وواشنطن مع شخصيات لبنانية يعتقد بأنها يمكن أن تتحدث مع حزب الله من أجل الأمر. وترددت معلومات عن مفاجأة تقول بأن شخصية سياسية لبنانية على صلة قوية بحزب الله اجتمعت مع الجانب الأميركي في باريس وسمعت الرسالة التي يفترض بها نقلها الى بيروت.

وحسب المعلومات، فإن حصول الادّعاء على الفاخوري واضطرار القضاء الى توقيفه، دفع بالجانب الأميركي الى البحث عن وسائل أخرى، من بينها التقارير عن وضع صحي معقّد يعانيه الفاخوري، وكان قرار نقله الى مستشفى بعيداً عن الأعين، يهدف الى التعمية على حقيقة وضعه الصحي من جهة، وضمان حماية خاصة له بحجة أن الأميركيين تبلغوا معلومات عن احتمال تعرضه للقتل. ثم ليتبيّن لاحقاً أن الهدف هو الحؤول دون مثوله أمام القضاء المدني بدعاوى قام بها أسرى سابقون لدى قوات الاحتلال، وهو ما حصل.

وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، وصل الى بيروت فريق أمني وقانوني، بينهم ممثل قانوني عن الفاخوري، وقام هذا الوفد بجولات شملت كل «المعنيين دون أي استثناء»، وصولاً الى رئاسة الحكومة الجديدة وإلى وزيرة الدفاع أيضاً. وكان الكلام مزدوجاً. الأول يطالب بإطلاقه لأسباب صحية، والثاني التلويح بمشروع قانون قابل للتشريع ويقضي بإعلان الولايات المتحدة الخصومة المباشرة مع كل الذين يتورطون في قضية الفاخوري. وقال مندوب أميركي لأحد المسؤولين اللبنانيين صراحة: إذا مات الفاخوري في بيروت، فسوف تتم معاقبة لائحة تشمل أكثر من 25 شخصاً، بينهم وزراء وقضاة وضباط كبار وقانونيون وموظفون إداريون يتحملون جميعاً المسؤولية عن موته. وإن العقوبات ستشملهم على طريقة من تتهمهم الولايات المتحدة بالتعاون مع حزب الله وبالتعرض لحياة مواطن أميركي.

وبحسب المعطيات، فإن النتيجة كانت على الشكل الآتي:

- هلع غير مسبوق في جانب الفريق القريب من الرئيس عون، ولما كان الأخير يرفض الموافقة على الطلبات الأميركية، جاء من هو قريب منه ليدعوه الى تغليب مصالح لبنان العليا، وأن لبنان اليوم ليس في وضع يسمح له بالدخول في مواجهة إضافية مع واشنطن.
- خوف ورعب من جانب قضاة وضباط كبار، تعرضوا كما يقولون لتهديد بتجميد حساباتهم ومنعهم من السفر ومقاضاتهم أمام محاكم أميركية وعالمية بتهمة قتل الفاخوري.
- تراجع متوقع من جانب قيادات عسكرية وأمنية تسعى الى تطوير علاقاتها مع الولايات المتحدة الأميركية وهي قاربت الأمر من زاوية أن الفاخوري ليس قضية مهمة يجب التوقف عندها الآن.

- اجتماعات أمنية وسياسية في بيروت وباريس وتهديدات لـ 25 شخصية.


المسعى الأميركيّ لتهريب الفاخوري يتعقد وتهديدات أميركيّة للقضاة وراء القرار

بدورها، تناولت "البناء" تداعيات القرار القضائي الذي صدر عن المحكمة العسكرية بالإفراج عن جزار الخيام العميل عامر الفاخوري في صدارة الأحداث الداخلية، خصوصاً بعدما قامت السفارة الأميركية بنقل الفاخوري ليلاً إلى مبنى السفارة، بعد تسلّمه على وجه السرعة من المستشفى الذي كان يقيم فيه في جونية بداعي مراقبة حالته الصحية كمريض بالسرطان.

وبحسب "البناء" فإن التطوّر الأبرز يوم أمس هو ثبوت فشل محاولة نقل الفاخوري إلى مطار بيروت، حيث كانت تنتظره طائرة خاصة لنقله إلى واشنطن، بعدما نجحت الملاحقات القضائية المتعددة والإجراءات الأمنية المرافقة، بإنهاء إمكانية سفره من مطار بيروت أو أي معبر حدوديّ رسميّ، بعد وضع قرار بمنعه من السفر على كل المعابر الحدودية وفي مقدّمتها مطار بيروت. وقالت مصادر متابعة إن الخيار الوحيد المتاح أمام السفارة الأميركيّة هو القيام بنقله بصورة غير قانونية عبر إحدى طائرات الهيلكوبتر التي تتحرّك بين السفارة الأميركية في عوكر والقاعدة الأميركية في قبرص، بموجب تسهيلات خاصة بالتفاهم مع قيادة الجيش، واستخدام هذا الخط لعمل مناقض للقوانين اللبنانية سيُحرج قيادة الجيش اللبناني كثيراً، وسيعرّض التعاون العسكري بين الجيشين اللبناني والأميركي لتعقيدات تستبعد المصادر المتابعة مخاطرة الأميركيين بها، بعدما فرضوا أمراً واقعاً بامتلاك قاعدة عسكرية وتسهيلات عسكرية، على الساحل الغربي للبحر المتوسط تعنيهم وتهمّهم، وليس سهلاً التفريط بها.

وكانت أهمية التطورات التي عطلت نقل الفاخوري، ما لم يتم تهريبه وفتح الباب لأزمة من نوع مختلف، أنها نفت نظرية وجود صفقة وراء قرار المحكمة العسكرية، وأن المسار الذي بلغته القضية بصورة مفاجئة جاء نتيجة الثغرات التي تراكمت في المتابعة، والنصوص القانونية، مقابل الجهوزية الأميركية القانونية والضغوط التي مارسها الأميركيون، بما فيها ما قيل من مصادر موثوقة عن تهديد القضاة في المحكمة العسكرية بإنزال عقوبات مالية ومنع سفر بحقهم وحق أولادهم وأقربائهم، وأن عدداً منهم لديه أولاد يدرسون في جامعات أميركيّة، ما سهّل الرضوخ للضغوط ووفّر فرصة صدور القرار.

على الصعيد الحكومي، حيث المتابعة مستمرّة لتطورات المواجهة مع فيروس كورونا، احتلّ الملف المالي مركز الصدارة، حيث تمّ كسر الجليد بين وزير المالية وجمعية المصارف بتدخل من النيابة العامة المالية بشخص رئيسها القاضي علي إبراهيم، ونجح اجتماع الوزير غازي وزني مع جمعية المصارف بالتوصّل إلى حلّ في منتصف الطريق حول كيفية فتح المصارف أبوابها وتسهيل الأمور المالية في مرحلة التعبئة العامة عبر المناوبات، بينما توقفت مصادر مالية أمام مشروع القانون الخاص بالكابيتال كونترول الذي أعدّته الحكومة، بعد تعديلات طالت النسخة التي قدمها وزير المالية، وقالت إن الغموض في كيفية قياس بعض المعايير سيفتح باب الاستنسابية التي جاء القانون بعنوان إنهائها. وأشارت إلى غياب حوافز للمودعين في تحويل ودائعهم بالعملات الصعبة التي لا يمنحهم القانون حق سحبها ويعيد إخضاعهم للاستنساب بشأنها، إلى الليرة اللبنانية بسعر تشجيعي يقارب سعر السوق ولفترة محددة، كما لا ينص القانون على حوافز مشابهة لتشجيع الذين يحملون أموالهم في بيوتهم بالدولار لتحويلها إلى الليرات اللبنانية بسعر السوق في المصارف، وإيداعها بفائدة جيدة، ومثلها تشجيع حاملي ودائع بالليرة اللبنانية على شراء الدولار من البنوك بالسعر الرسميّ مقابل تجميدها لثلاث سنوات أو خمس على سبيل المثال. وقالت المصادر إن توضيح الغموض وإضافة الحوافز ستكون مهمة مجلس النواب الذي ينتظر أن يستعين بخبراء يشاركونه قراءة ودراسة مواد القانون.

وأثار قرار إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري حملة استنكار واسعة لدى الأحزاب القوى والشخصيات الوطنية وموجة اعتراض شعبية واسعة، فبعد بيان حزب الله أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي بياناً اعتبر فيه أن «إطلاق سراح العميل المجرم عامر الفاخوري يقوّض ما تبقى من ثقة اللبنانيين بمؤسساتهم القضائية. فهذه المؤسسات يفترض بها تطبيق العدالة، وإنزال أشدّ العقوبات بالخونة والعملاء. وذلك تطبيقاً للدستور اللبناني الذي ينص على عقوبة بالإعدام بحق «كل لبناني دس الدسائس لدى العدو أو اتصل به ليعاونه بأي وجه كان على فوز قواته»، وهذا ينطبق على العميل الفاخوري الذي لم يكتفِ بمساعدة العدو على فوز قواته، بل ارتكب جرائم قتل وتعذيب بحق مئات اللبنانيين في معتقل الخيام. ورأى الحزب في القرار خروجاً على مادة واضحة في الدستور اللبناني، لا تلحظ على الإطلاق عامل «مرور الزمن» على جرائم العمالة للعدو وخيانة الوطن. وطالب مؤسسة القضاء بكل تفرعاتها، أن تتحمّل مسؤولياتها الوطنية والاخلاقية والدستورية، وأن تنقض هذا القرار المشؤوم لكي تسهم في استعادة ثقة المواطنين، التي اهتزت بل تقوّضت نتيجة إحكام جائرة وغير مبررة صدرت في العام 2017 بحق رموز قاومت العدو الصهيوني وعملائه، ونتيجة قرار إطلاق العميل الفاخوري.

وفي سياق ذلك، استنكر وزير الزراعة عباس مرتضى قرار إخلاء سبيل الفاخوري ولفت في حديث لـ«البناء» الى أن «جريمة العمالة لا تسقط بمرور الزمن لا سيما على العملاء الذين نكلوا بأهل الجنوب والخيام لعقود من الزمن. وهناك أدلة قاطعة على هذه الجرائم». واعتبر الوزير مرتضى القرار خالف كل القوانين لا سيما المواد 273 و274 و275 من قانون العقوبات التي تنص على عقوبة الإعدام او الاشغال الشاقة المؤبدة للعملاء»، مشيراً الى أن القرار شكل مفاجأة كبيرة للبنانيين الشرفاء ووصمة عار لمن دبر هذا القرار لا سيما أن لبنان دفع أثماناً باهظة نتيجة لنهجه المقاوم للعدو الاسرائيلي وحقق انتصارات كبيرة على اسرائيل». ودعا مرتضى لـ«فتح تحقيق لكشف خلفيات وملابسات القرار والمسؤولين عنه ومحاسبتهم».

ولفتت مصادر قانونية وسياسية مطلعة لـ«البناء» الى أن «ما حصل في قضية الفاخوري صفقة بين جهات في السلطة والولايات المتحدة الأميركية وذلك بعدما تعرّض لبنان لضغوط وتهديدات شديدة تطال أصوله النقدية الموجودة في الخارج ووضعه الاقتصادي والمالي الداخلي من عقوبات مالية وملاحقات قضائية من الجهات الدائنة للسندات وتحريك الشارع ضد الحكومة»، مشيرة الى أن «القضاء ليس الجهة التي خططت للصفقة بل هي الآلية والمنفذ».

وبحسب ما علمت «البناء» من مصادر قانونية مطلعة على الملف فإن «جلسة محاكمة الفاخوري في المحكمة العسكرية الدائمة في بيروت كانت مقررة في 16 نيسان المقبل لكن محامي الفاخوري قدّموا دفوعاً شكلية لكف التعقبات عنه بسبب مرور الزمن وعلى اثر ذلك ترك مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس للمحكمة النظر بهذا الطلب ولم يتدخل، وفي وقت قياسي أي خلال 12 يوماً بما فيها من أيام عطل نهاية الأسبوع أي ثمانية أيام فعلية، نظرت المحكمة بالطلب رغم قرار وزيرة العدل ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين بعدم البت بأي قرار باستثناء إخلاء السبيل، وبعدما تقدمت جهات حقوقية بإخبار ضد الفاخوري بجرم خطف وقتل المواطن علي عبدالله حمزة، ارسلت المحكمة برقيات الى الامن العام والامن الداخلي ومديرية المخابرات للتحقق من مصير حمزة تبين لهم أنه متوفٍ، لكن المصادر شككت بذلك متسائلة اذا فعلاً توفي فأين جثته؟».

الكورونا تحاصر برنامج الحكومة.. وقضية الفاخوري تكهرب الجلسة!

من جهتها أوضحت صحيفة "اللواء" مقررات جلسة مجلس الوزراء، التي عقدت في السراي الكبير، برئاسة الرئيس حسان دياب، والتي بدأت بالجلوس وفقاً لمعايير المسافة الزمنية، وبابعاد الكراسي عن بعضها مسافة متر على الأقل، بعد التعقيم، وارتداء الكمامات الواقية التزاماً بإجراءات الوقاية من كورونا، عند مدخل السراي طلباً للسلامة، ثم الانطلاق بجدول أعمال يتخطى ما هو عادي، إلى متابعة القضايا الملحة، من وباء، وقضاء، وتعليم واقتصاد من جانبين: الأوّل من خلال تقرير رفعه وزير المال غازي وزني عن سير المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوندز، وما عرض الاستشاري الممثل للحكومة «لازارد» والذي رافقته استفسارات واسئلة واجوبة من الوزير وزني.

ولفتت مصادر "اللواء" إلى انه حصل أمس تواصل مع ممثلي «لازارد» لوضع المعنيين بأجواء المفاوضات وما هي الاجراءات التي تتخذها المصارف.وان وزير المال اثار نتائج الاتصالات مع المصارف بعد قرارها الاقفال امس والخطوات التي اتفق عليها لمواصلة العمل اليوم. 

والثاني: بحث المجلس مشروع قانون «كابيتال كونترول» الذي تنفذه المصارف تلقائيا، وهو سيعرض رسمياً على مجلس الوزراء غداً الخميس ايضا تمهيداً لإقراره وإحالته الى مجلس النواب.

وبدا ان «فايروس الكورونا» نجح إلى حدّ ما في محاصرة الخطة الاقتصادية للحكومة لبنانياً ودولياً، في ضوء الخسائر التي مني بها الاقتصاد العالمي، واستمرار حالة الكساد في لبنان.

وفي الشأن الاجتماعي والقضائي، أقر المجلس مشروع قانون معجل مكرر لإطلاق سراح المساجين المنتهية محكوميتهم واعفائهم من الغرامات المالية وعددهم 120 سجينا وتبلغ قيمة الغرامات 650 مليون ليرة. وذلك بعد اثارة وزيرة العدل ماري- كلود نجم اقتراح إعفائهم لأنهم انهوا محكوميتهم «كماحصل بالامس مع احد السجناء»، من دون ان تسميه، فاعتبر بعض الوزراء انها تقصد العميل عامر فاخوري.وهنا تدخل وزير الزراعة والثقافة عباس مرتضى وسأل الرئيس دياب اننا لا نقبل ان نقارن بين هؤلاء المسجونين وبين عميل تفرض مواد قانون العقوبات اصدار حكم الاعدام او المؤيد بحقه، فردت الوزيرة نجم انا لا اقارن بل اعطيت مثالا. وايد وزراء اخرون موقف مرتضى وطالبوا بموقف رسمي من الحكومة تجاه الامر، لكن لم يصدر عن مجلس الوزراء اي موقف «لأن مجلس الوزراء لا يتدخل بعمل القضاء». 

واقر المجلس تمديد المهل القضائية والغرامات على متأخرات الفواتير ومستحقات البلديات والهاتف وإجازات العمل وإقامات الاجانب حتى نهاية حزيران المقبل.

وفي الشأن الصحي، عرض وزير الصحة الدكتور حمد حسن اخر المعطيات المتعلقة بمرض كورونا، ونتائج التدابير الصحية التي اتخذت والتي ستتخذ في المستشفيات الحكومية والخاصة في حال استمر توافد المصابين. واقر المجلس انشاء صندوق وطني للتبرع لمواجهة مرض كورونا.وقال وزير الصحة ان الوزارة بدات تتلقى اتصالات حول آليات التبرع. وتم فتح ثلاثة حسابات للصندوق في مصرف لبنان و«بنك ميد» لوزارة الصحة وحساب لمستشفى بيروت الحكومي.

وجرى ايضا البحث في تدابير تعوض على المواطنين النواقص التي حصلت ايام التعطيل القسري التي فرضتها حالة التعبئة العامة بسبب مرض مرض كورونا، فيما قال بعد الجلسة وزير التربية ان الامتحانات الرسمية للشهادت المتوسطة والثانوية ستجرى لكنه يدرس تحديد المواعيد الجديدة بسبب العطلة القسرية التي فرضها مرض كورونا.

ومن جهة ثانية، ذكرت الاوساط القريبة من السراي، إن الرئيس دياب ومع انتهاء فترة السماح (100 يوم) التي اعطاها لنفسه ولحكومته لاصدار الحكم عليها، سيُطلق الخطة الاقتصادية-الانقاذية في الاسبوع الاول من ايار، خلال مؤتمر صحافي يعقده في السراي يدعو اليه الفاعليات الاقتصادية والمالية والنقابية ووسائل الاعلام معلناً تفاصيلها، خصوصاً في الشق المتعلّق بالكهرباء، وهي النقطة الاهم باعتبارها الاختبار الذي على اساسه تستعيد الحكومة ثقة اللبنانيين اولاً والدول المانحة ثانياً»، لكن مصادر أخرى توقعت إعلان خطة الكهرباء الشهر المقبل.

إلا أن مصادر سياسية لاحظت خلو قرار مجلس الوزراء بشأن انشاء صندوق خاص لتلقي التبرعات بشأن فيروس كورونا من الضوابط والشروط اللازمة لناحية تحديد آلية الصرف والجهات المخولة التصرف بهذه التبرعات لاسيما وأن وزير الصحة العامة حمد حسن استبق القرار الحكومي بالإعلان عن إنشاء الصندوق بمبادرة منه وبمعزل عن اي قرار من مجلس الوزراء، بما يشكل تجاوزا فاضحا للقوانين وصلاحيات الوزير.

وتساءلت المصادر عما اذا كان انشاء هذا الصندوق بشكل منفصل عن الهيئة العليا للاغاثة ام ملحقا أو تابعا لها كون من المهمات الأساسية للهيئة المؤلفة بقرار صادر عن مجلس الوزراء قبول الهبات على اختلاف أنواعها الى الدولة اللبنانية وادارة شؤون الكوارث على مختلف أنواعها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل