"الكباش" المالي ينتقل إلى الشارع ـ عدنان الساحلي

الجمعة 21 شباط , 2020 10:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات  

كشفت تطورات الساعات الأخيرة أن الهجمة المخططة لاستغلال الأزمة المالية والإقتصادية، التي تشد على خناق اللبنانيين ما تزال في أوجها. وأن المتورطين فيها من الداخل والخارج، مصرون على إخضاع لبنان واللبنانيين لما خططوا له ونفذوه على مدى العقود الثلاثة الماضية، لجره إلى معسكر التفريط بقراره ومقدراته وقبول المطالب "الإسرائيلية" والإملاءات الأميركية، المدعومة بالضغوط المالية والسياسية الخليجية.

وتبدو الساعات والأيام المقبلة حبلى بمفاجآت تتكشف فيها حقائق يقول فيها المريب خذوني، إذ عندما يصل الضغط الشعبي إلى مواضع الألم لدى الذين سرقوا البلد وهربوا ما سرقوه إلى الخارج، يسفر هؤلاء عن وجوههم المكفهرة، فيتحولون بقدرة قادر من "ثوار" يقطعون الطرقات ويرفعون شعارات حق يراد بها باطل، إلى مدافعين عن رؤوس الفساد وأدواته وموطن صناعته.

هذا هو الوصف الدقيق للتحركات التي نشهدها هذه الأيام وتتراوح بين الترويج لوصفات صندوق النقد الدولي الجاهزة، التي ما استهدفت بلدا إلا وخربت إقتصاده وجوعت شعبه. وبين رفض التوجه نحو هيكلة الدين العام؛ ورفض تحميل الذين جمعوا ثرواتهم الطائلة من فوائد هذا الدين، على حساب الفقراء ومحدودي الدخل؛ وصولا إلى حماية حاكم مصرف لبنان وأصحاب المصارف من المحاسبة والمساءلة، فهم الأدوات والشهود في عملية النهب المنظمة التي تعرض لها لبنان تحت ستار "الإستدانة لإعمار البلد"، فإذا بحقيقة العملية سرقة وتحصيل ثروات وافقار وتجويع للبنانيين، لإجبارهم على قبول ما يرفضونه في ظروف عادية.

ومنذ الأيام الأولى لإنتفاضة اللبنانيين ضد الإجراءات المالية الجائرة لحكومة سعد الحريري غير المأسوف عليها، حاول المتسلقون جر الناس لخدمة أجندات السارقين ومشغليهم في الخارج، بما يضع البلد تحت مقصلة الشروط والمطالب الأميركية. في حين كانت بوصلة القوى الثورية والصادقة تتوجه نحو محاسبة حاكم مصرف لبنان وأصحاب المصارف عموماً، الذين تورطوا في لعبة هدر أموال اللبنانيين وتغطية عمليات الإستدانة بفوائد خيالية، وصلت أيام الرئيس الراحل رفيق الحريري إلى 42 في المائة. وكان مقصودا تعجيز ميزانية الدولة وتحميلها ما لا تطيقه من ديون وفوائد، بحجة أن لبنان سيعفى منها عند إنضمامه إلى "مسيرة السلام" مع العدو "الإسرائيلي". واليوم جاء يوم الحساب وفرض تلك الشروط، مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن "صفقة القرن" وهي كناية عن مشروع "إسرائيلي" لإلغاء قضية الشعب الفلسطيني، وإعلان زعامة "إسرائيل" على المنطقة برمتها.

من هنا يتوقع أن تزداد الضغوط على لبنان وتقوى، وما التفاوض مع صندوق النقد الدولي وتوجه الحكومة إلى هيكلة الدين العام، إلا مسارين متناقضين، واحد يأخذ لبنان نحو الخراب باشراف ووصاية دولية، على طريقة "وداوني بالتي كانت هي الداء"؛ وآخر يضعه على طريق معالجة أزمته بوقف عمليات سرقة ونهب المال العام؛ ومحاولة استرداد ما أمكن من المال المسروق، الذي هرب بعضه إلى الخارج. فيما يتوضح الإصرار على منع لبنان من الخروج من أزمته معافى، لأن ذلك يفشل المخطط الجهنمي المذكور، ولأجل ذلك، يمنع لبنان من قبول عروض المساعدة الإيرانية لحل أزمته في الكهرباء والطاقة، لأنها تحرره من نزف مالي يثقل على موازنته، ويقطع دابر مافيات البترول والمولدات. كما يمنع عليه قبول المساعدات العسكرية الروسية، لأنها تكسر حصرية التسليح الأميركي لجيشه؛ وتخرق سقف نوعية السلاح المسموح له بإمتلاكه، بما لا يشكل أي خطر على جيش العدوان الصهيوني.

ولذلك، تصبح مواصلة الضغط على مصرف لبنان وجمعية المصارف، حلقة في الهجوم المضاد للشعب اللبناني، حيث تكشف التطورات أن من يدافع عن هذا "الكارتيل" المافياوي ليس إلا فاسدا إستفاد من القروض المشبوهة ومن "الهندسات المالية" التي نظمها رياض سلامة لشراء سكوت وتأييد سياسيين فاسدين، سعياً منه للقفز من حاكمية المصرف إلى رئاسة الجمهورية. لكن يبقى السؤال، هل يساهم تظهير الفشل الأميركي الحاصل في العراق وسورية واليمن في تراجع الضغوط على لبنان، أم على العكس، سيدفع ذلك لممارسة المزيد من الضغوط، بما يستدعي من اللبنانيين الرد في الشارع دفاعاً عن أنفسهم في مواجهة المتواطئين على سرقتهم وتجويعهم وبالتالي تهجيرهم من وطنهم!

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل