ميزان التعامل بالأموال وعظيم أثره في الحياة والمآل ... الحبيب عمر بن حفيظ اليمني

الثلاثاء 18 شباط , 2020 04:59 توقيت بيروت مقالات فكريّة

الثبات - مقالات

 

ميزان التعامل بالأموال وعظيم أثره في الحياة والمآل

الحبيب عمر بن حفيظ اليمني

 

مِن أعظم مجالات تقوى الربِّ سبحانه وتعالى إقامةُ الميزان والعدلِ والاستقامةِ في التعاملِ بالأموال، والتعاملُ بالأموالِ وما اتصل بذلك شأنٌ يُخاطَبُ عليه المؤمن، ويُسألُ ويُحاسَب عنه، بل لا يدخلُ إلى يدِ وُملكِ أحدٍ مِن المكلفين مِن قليلٍ ولا كثيرٍ إلا وكانَ له أمامَ ما يمتلكُه مِن أنواعِ الأموالِ سؤالان يُسأل عنهما يوم القيامة، يسأل بهما قبل أن يَمُرَّ على الصراط: مِن أين اكتسبه، وفِيمَ أنفقَه.

فالمؤمنون يعيشون على ظهر الأرض ومعهم مِن أجهزةِ المراقبةِ والانتباهِ مِن بواطنِهم وقلوبِهم ما يُغنِيهم عن محاسبةِ المحاسبين أو متابعةِ المتابعين ومُراقبةِ المراقبين، مِن أهلِ الوظائفِ أو أهلِ الحكوماتِ أو الجهات المختلفة، يعيش المؤمنُ وفي قلبِه مِن مراقبةِ الجبارِ الأعلى ما يكفيهِ عن أن يلاحظَ عينَ أحدٍ، أو محاسبةَ أحد، أو متابعةَ أحدٍ مِن الخلقِ أجمعين، فلا يحصلُ الزيغُ في أخذِ المال ولا في إنفاقِه إلا لخللٍ في قلب هذا المؤمن وإيمانه، إلا لضعفٍ في يقينِه، إلا لانقطاعٍ بينه وبين حقيقةِ عبوديَّتِه لله، وإيمانِه بألوهيَّةِ المولى وربوبيَّته.

"مِن أين اكتسبَه وفيمَ أنفقه"، سؤالٌ ليس من قِبَل استخباراتٍ على ظهر الأرض، ولكن مِن قِبَلِ خبيرٍ أحاط بكلِّ شيءٍ علماً، وأحصى كلَّ شيء عدداً، وقال جل جلاله: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِم بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَآئِبِينَ}.

يقول ربنا تبارك وتعالى، أنا معكم، مع الرسل وما بلغوا، وما المُرسَل إليهم مِن الأمم وما سمعُوا وما وصل إليهم، أنا كنت حاضراً وشهيداً عليهم {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ}، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}.

ألا إنَّ شرائعَ الرحمنِ مِن عهد آدمَ حتى اكتملت شريعةُ الربِّ على ظهر الأرض ببعثةِ حبيبِ الربِّ خاتمِ النبيين محمد، إنَّ هذه الشريعةَ الإلهيةَ في أبوابها: باب البيع والشراء.. باب الوكالة.. باب القَرض.. باب القِراض.. باب المساقاة.. باب المزارعة.. والمخابرة، باب الرباء وأنواعه، إلى غير ذلك من جميع أبواب نظامِ الحقِّ في المعاملة بالأموال، ليست عبثاً ولا هُزواً، وليس للخلقِ في صلاحِ معاشِهم ثم مَعادِهم إلا نظام هذا الإله، الذي خلقَهم وهو أعلمُ بهم وبمصالحِهم.

 

المصدر: موقع الحبيب عمر بن حفيظ

 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل