السودان في الفم "الاسرائيلي"! ـ يونس عودة

الأربعاء 12 شباط , 2020 10:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

شكل لقاء رئيس المجلس الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان , برئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو مفاجأة صاعقة , ليس فقط للشعب السوداني , وانما ايضا للحكومة الانتقالية في السودان ,التي لم يكلف البرهان عناء سؤالها او استشارتها او حتى ابلاغها بالخطوة الخطيرة , بحيث نفذ تصرفا لا يمكن الاقدام علي مثيله حتى اعتى ديكتاتور، يعتقد انه قادر على التفريط بامال الشعب، ما جعل الشعب السوداني يطلق توصيفا على اللقاء في عينتيبي بانه "لقاء مجرمي حرب" .

فالبرهان هو من اسس ميليشيا سفاحي دارفور، التي سميت بفصائل "الجنجويد" التي كانت تستبيح وتقتل ابناء دارفور وترتكب بحقهم ابشع المجازر , وهو نفسه كان مسؤولا في الحزب الحاكم في عهد عمر البشير ,اما نتنياهو فهو مستمر باستباحة الدم الفلسطيني وقاتل الاطفال والنساء والعجزة في غزة , وصاحب نظرية اطلاق النار القاتل على كل فلسطيني اكان صبيا او فتاة او امراة او رجلا يمكن لجندي ان يشتبه , مجرد اشتباه ولو كان تخيليا  بانه يمكن ان يكون حاملا لسكين .

لم يكن تبرير البرهان موفقا لاقدامه على تلك الخطوة التي اعتبرها نتنياهو "عودة اسرائيل الى افريقيا , وعودة افريقيا الى الحضن الاسرائيلي " , سيما وان البرهان ربط التطبيع مع اسرائيل بالازدهار الاقتصادي , وبالمصلحة الوطنية والقومية وبرفع اسم السودان عن قائمة الارهاب الاميركية , وهي شعارات ممجوجة بعد تجربة كامب ديفيد ,ووادي عربة واوسلو بحيث ازدادت مصر فقرا وتعمقت الازمة الاقتصادية في الاردن , وزاد قهر الفلسطينيين رغم ما قدمته السلطات في البلدان الثلاثة من تنازلات وتنسيقات امنية تحت شعارات اقتصادية وصولا الى الانبطاح الكلي .

ليس ما اقدم عليه البرهان ,خطوة غير محسوبة منه شخصيا , سيما انها تزامنت مع اعلان "صفقة القرن" السيئة بكل مضامينها , وان حاول الناطق باسمه  العيد عامر محمد الحسن الباسها ثوبا مع مساحيق تجميلية , وعنوانها ان السلطة الفلسطينية تقيم علاقات مع اسرائيل "ولنا الحق ان نعيش مع الاخرين ضمن المنظومة الدولية لدراسة مزايا وعيوب العلاقة مع اسرائيل". 

 لقد اثار لقاء  البرهان برئيس الكيان المحتل بمدينة عنتيبي الأوغندية ردود أفعال واسعة على مستوي الشارع السوداني والأحزاب المختلفة، التي أكدت فيها رفضها وتنديدها لهذا اللقاء الذي وصفته بالمعزول، فمعظم الاحزاب عارضت هذا اللقاء من مبدأ التأكيد علي حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وأن قضية بحجم العلاقة مع الكيان المحتل يقرر فيها الشعب السوداني عبر مؤسساته التي تعبر عن إرادته.واوضح من ذلك فقد تشكلت حركة "مقدسيون التي  اعتبرت نفسها امتدادا للكتيبة السودانية التي قاتلت في فلسطين عام 1948 وقدمت عشرات الشهداء وترى كما الشعب السوداني  ان "العدو الصهيوني"  الذي كان داعما لنظام الفصل العنصري  في جنوب افريقيا بحيث ان النظامين من رحم العنصرية نفسها, وساهم في اغتيال قادة التحرر الافريقي ,وهو بالتالي عدو افريقيا ويهدف الى تأجيج النزاعات العرقية فيها ليزيد مبيعاته في سوق السلاح. 

لم تأت خطوة البرهان معزولة عن زيارته الى السعودية والامارات المتحدة عشية لقاء عينتيبي المشؤوم بحيث ان السلطات في المملكة والمشيخة من الساعين بشغف لتنفيذ خطة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية، وفي هذا السياق  نشرت صحيفة "يسرائيل هايوم" أن هناك اتصالات مكثفة بين واشنطن وتل أبيب والرياض لعقد قمة في القاهرة سيجتمع خلالها رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.وقالت  أن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يجري اتصالات ماراثونية لعقد اللقاء منذ عدة شهور.ونقلت عن مصدر عربي أن القمة ستجمع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر والسعودية والإمارات والسودان والبحرين وعُمان. 

ان القضية الفلسطينية خرجت من ضمير غالبية الانظمة العربية وتحول الخجل من اعلان مواقف التبعية للغرب ولاسرائيل ضمنا الى وقاحة والكشف عن الوجوه التي كانت تختبئ خلف رداء شفاف لستر الخيانة الواضحة ويقول السوداني إنه مثلما أسقط النظام السابق بسبب فساده فإنه يستطيع أن يسقط أعتى الحكومات إذا ما فرطت في مبدئها تجاه القدس الشريف.        


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل