حين تقوم المشاريع الأميركية على الخرافات.. والعرب يدفعون التكاليف ـ محمد شهاب

الخميس 06 شباط , 2020 12:29 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في يوم الإربعاء في 6 كانون الأول عام 2017، اخذ رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب قراره، بالاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، فهل أن هذا التاريخ هو مجرد صدفة؟

لنعود قليلا إلى الوراء إلى مئة عام خلت من هذا التاريخ، قبل مئة عام بالتمام من تاريخ هذا الإعلان، كانت قوات الدولة البريطانية في 6 كانون الأول 1917، بقيادة الجنرال اللنبي قد احتلت القدس، الذي أعلن انئذٍ، "الآن انتهت الحروب الصلبية"، والرئيس ترامب الذي كان قد انتخب قبل سنة من موعد إعلانه، لم يعلن عن قراره الذي تعهد به إبان حملته الانتخابية، وبالتالي، فقد كان اختيار هذا التاريخ يحمل رسالة واضحة الدلالة.

ولا بد هنا من الإشارة إلى المستعمر الفرنسي الذي دخلت قواته لبنان وسورية بموجب اتفاقية سايكس بيكو، حيث كان أول عمل قام به الجنرال غورو حين دخلت القوات الاستعمارية الفرنسية مدينة دمشق أن دخل إلى ضريح صلاح الدين الايوبي، حيث رفس الضريح ب"جزمته" العسكرية صارخا: "ها قد عدنا ياصلاح الدين".

السؤال هنا، هل من ترابط بين هذه التواريخ والوقائع:

تقول الوقائع، أن في الولايات المتحدة حركة واسعة، وهي حركة انجيلية مسيحية، يطلق عليها "المسيحية الصهيونية"، تؤمن بالعودة الثانية للسيد المسيح وهي تعتقد بأنه بهذه العودة للمسيح لابد من توافر شروط لها أهمها: أن يكون هناك صهيون، وأن يكون هناك الهيكل اليهودي، لأن المسيح كما تعتقد "المسيحية الصهيونية، لن يعلن عن عودته إلَّا كما فعل في المرة الأولى في الهيكل اليهودي وفي القدس.

وعليه يعتبرون أن تجمع "اليهود" وقيام "اسرائيل" وإعادة بناء الهيكل، أمر ضروري لهذه العودة.

وهنا، لابد من الملاحظة، أن "المسيحية الصهينونية" في الولايات المتحدة، كما يؤكد مفكريها أن عددهم يتجاوز ال 70 مليون أميركي، ووصل منهم أشخاص إلى رئاسة الدولة الأعظم في العالم، من امثال رونالد ريغان، الذي بدأ حياته العملية ممثلا فاشلا، لكن كان يعتبر نفسه خيارا من الله لقيادة بلاد العم سام، كذلك كان جورج بوش الابن الذي كان يزعم أن "الله يتحدث إليه"، ومنهم أيضا الرئيس الحالي دونالد ترامب، الذي لايشذ بتاتا عن مفاهيم المسيحية الصهيونية، وقد يكون الأكثر وضوحا وصلافة وعجرفة.

وهم يعتقدون ب "نبؤات توراتية" وردت في "سفر حزقيال" الذي يتحدث عن إصطدام هذا المشروع بمعارضة "الكفار" الذين هم المسلمون والمسيحيون غير الصهاينة، وبالتالي، فإنه بسبب هذه المعارضة، ستكون هناك حروب قاسية، تسيل فيها انهار من الدماء، ويطلقون عليها معركة "هر مجيدون"، وهي تسمية تعود إلى وجود سهل بين القدس وعسقلان اسمه سهل "مجيدو"، وهم يعتقدون أن المعركة ستكون هناك، وسيقتل ويفنى الملايين من الجنس البشري، ووفقا لمعتقداتهم، فإن المسيح سيظهر فوق غمامة على أرض المعركة، وبعدها يهبط المسيح إلى الأرض ويحكم ألف سنة.

وهنا يذكر، أنه حين تولى الرئيس رونالد يغن سلطانه الدستورية عام 1980، وتسلم حقيبة المفاتيح النووية قال: "ارجو أن يكرمني الله بأن أضغط على الزر النووي حتى تقع معركة هرمجيدون، وأساهم بذلك في عودة السيد المسيح".

ترامب الذي وصل إلى البيت الأبيض، وصل بقوة "المسيحية الصهيونية" الذين كما اشرنا يؤكدون أن عددهم في الولايات المتحدة اكثر من 70 مليون، وبالتالي فإننا أمام ظاهرة غائبة عن الثقافة السياسية للامتين الإسلامية والعربية، لابل أن هناك من يتواطأ معها وينخرط في المشروع، خصوصا من أصحاب القرار السياسي العربي، وإلّا مامعنى كل هذا التأمر والانخراط في الخيانة على سورية والعراق وفلسطين ولبنان وكل ظاهرة مقاومة للمشروع الاستعماري الاستيطاني المدمر.

ولهذا، فالشرق الأوسط له موقعه الأساسي والخاص في المشروع الأميركي، ولنلاحظ أنه أثناء اداء الرئيس الأميركي المنتخب، يقسم حين تسلم سلطاته الدستورية أمام قسيس من "المسيحية الصهيونية"، يذكر أن ديفيد بن غوريون وهو أول رئيس حكومة للدولة العبرية، قال حين تسلم الحكم : "لا اسرائيل من دون القدس، ولا قدس من دون الهيكل".

فهل بدأت الاستعدادات الصهيونية ـ الأميركية لتهديم أولى القبلتين وثالث الحرمين، لبناء الهيكل، لأنهم يزعمون أن المسجد الأقصى قائم على الهيكل، فالصهاينة وضعوا التصاميم والمخططات لبناء "الهيكل" المزعوم، ودربوا ويدربون، خدمة هذا الهيكل، وهؤلاء ليسوا كمن يخدم في الكنيس اليهود، فخدمة الهيكل لهم طقوس وتدريبات ولباس يختلف عن خدمة الكنيس، وهم يقومون بكل ذلك، وكأن الهيكل سيقوم غدا. علما أن التمويل يقوم على قدم وساق، بالاضافة إلى تمول قيام "المستوطنات" الصهيونية في فلسطين المحتلة وخصوصا في القدس، ويسخون بهذه المهمة، كحال ذاك الصهيوني الأميركي صاحب أكبر صالات وكازينوهات القمار في الولايات المتحدة، الذي تبرع لزميله دونالد ترامب في حملته الانتخابية ب 200 مليون دولار، مقابل الإلتزام بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وهو ما تم.

 المشكلة بأي حال، ليست في المجنون الأميركي، المشكلة في أصحاب القرار في هذه الأمة حيث ينتزع منهم ترامب أموالهم ويبيع القدس ل "اسرائيل"...


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل