ليبيا ليست جائزة ترضية لاردوغان ـ يونس عودة

الثلاثاء 31 كانون الأول , 2019 02:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

مع اصرار تركيا على الاستفادة من الاتفاق الامني العسكري والاقتصادي ,الموقع وغير الشرعي وغير القانوني ,مع حكومة فايز السراج التي هي من نتاج عدوان حلف الناتو على ليبيا , فان المعارضة الاقليمية والدولية تتسع للاتفاق من اصله , ولارسال تركيا مقاتلين لدعم حكومة السراج التي باتت تشعر انها على طريق الانهيار , اذا نجح الجيش التابع للمشير خليفة حفتر بالسيطرة على مدينة طرابلس , وهذا الامر دونه عقبات لا يستهان بها سيما وان عملية "تحرير " العاصمة بدأت منذ عشرة اشهر , ولم تتقدم رغم "بيانات النصر "المتعاقبة.

لقد وقّع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا، علما أنه قد تم تسليم المذكرة للبرلمان, ويطلب فيها تفويضا لارسال قوات عسكرية الى ليبيا تلبية لطلب من حكومة السراج , في وقت ترددت معلومات لم يكن نفيها صارما بان مجموعات من المسلحين التابعين لانقرة في شمال سوريا وصلوا بالفعل الى طرابلس الغرب, كما تم تسجيل اسماء نحو الفي مقاتل لارسالهم كمرتزقة برواتب تتراوح بين 2500 الى 3 الاف دولار وكلما طالت فترة استخدامهم كلما ارتفع المدخول , كما ان معسكرات للتأهيل اقيمت للاعداد قبل التسفير  على ان يناقش البرلمان التركي مشروع ارسال القوات بعد رأس السنة وهو المشروع الذي يرفضه اكبر الاحزاب التركية المعارضة وفي السياق أعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري وزعيم المعارضة، كمال قليجدار أوغلو، رفضه إرسال قوات تركية إلى ليبيا، موضحا أن نواب حزبه سيقفون ضد تمرير مذكرة إرسال قوات تركية إلى ليبيا. في وقت حذر مرصد الإفتاء في مصر، من نقل تركيا مسلحين إلى ليبيا لدعم قوات حكومة الوفاق في طرابلس، معتبرة أن ذلك يجعل من ليبيا سوريا جديدة.

و يبدو ان مصر تتصدر احتضان حفتر المدعوم من السعودية وودولة الامارات ويقوم الرئيس المصري الذي ابدى الاستعداد لدعم حفتر عسكريا , بجولة اتصالات عالمية شملت قادة روسيا والولايات المتحدة وفرنسا والمانيا وكذلك ايطاليا , والاخيرة اقترحت حظرا جويا فوق ليبيا , فيما رأت موسكو ان المقترح يعيد إلى الأذهان تدخل الناتو في ليبيا في العام 2011.وقال وزير الخارجية الروسية  "أعتقد أن وقف الأعمال القتالية يعد شرطا رئيسا لبدء حوار سياسي (في ليبيا)، مع العلم أن وقفها يجب أن يتم، بحسب اعتقادنا، من دون طرح أي مطالب مسبقة".

هناك شبه اجماع دولي على ان الاتفاق التركي مع حكومة السراج تعارض القانون الدولي.حتى ان الموفد الدولي للازمة الليبية غسان سلامة اعتبر الاتفاق يشكل تصعيدا للنزاع , لانه يتعلق ايضا بالخلاف بين تركيا واليونان , فيما لم يصدر اي قرار عن مجلس الامن لوقف القتال , الا ان الغريب اعلان سلامة ان مرتزقة من جنسيات عدة يصلون لدعم قوات حفتر , وان قوات اتية من سورية ( جماعة تركيا تركمان وعرب ) قد تكون انتشرت مع قوات حكومة السراج , واللافت ان سلامة اقر بقيام اطراف "اعضاء في مجلس الامن بخرق قرار الحظر على السلاح الى ليبيا ,,ليخلص ان الوضع خطير جدا , ومصداقية الامم المتحدة على المحك ".

من الواضح ان التدخل التركي العسكري المرتقب كاحد الاذرع التي يستخدمها اردوغان من اجل مد النفوذ التركي بعد خسارته الكبرى في سوريا حيث يسمى ب "لص حلب" ,لايوجد له افضل من الساحة الليبية حيث الثروات الضخمة , غير المقتصرة على النفط ,سيما ان ليبيا بعد عدوان الاطلسي عليها كانت المنطلق المركزي لتسليح الارهابيين في سوريا بحرا عبر تركيا , ووسط تواطؤ عربي كانت قطر رأس حربته في اسكات الجامعة العربية وامينها العام عبر الرشاوى برعاية اميركية .فيما الان لا يزال الخجل العربي الواهن ضاربا اطنابه للعودة عن الخطيئة ,فالعرب صدقوا عنوة شعارالولايات المتحدة عن الديمقراطية المفترض احلالها في ليبيا , ولم يجرؤ احد على توجيه سؤال إلى الإدارة الاميركية عما حل بالتجربة الديمقراطية التي دمرت ليبيا ومزقت شعبها مع الاف الضحايا , ومن سأل كان الجواب الاميركي  الى درجة الوقاحة المطلقة " على الاقل جربنا" , واما جوهر التجربة يكمن في سرقة الثروات الليبية , اما الان فلولا احساس مصر بان تركيا ستصبح على حدودها من البوابة الليبية لما تحركت, ما يجعل الصراع اوسع , وليس هناك من يبحث عن حل انقاذي لليبيا وشعبها من براثن الناتو المصر بقيادته الاميركية على تغذية الانقسام بين شرقي ليبيا وغربها وفي خلفيته التقسيم الى 3 دول .

ان النقطة الايجابية الوحيدة في الصراع المستمر في ليبيا هو ما سيشهده الناتو من انقسام يمكن ان يعظم الصراع على الحصص بين الاعضاء الغربيين .لكن وفي كل الاحوال سيكون الشعب الليبي هو ضحية الشروخ ما لم يجد العقل مكانا له بين الضحايا , فتركيا ومهما دفعت من مرتزقة لن تكون الا عضوا في الناتو , والمجد الذي يحلم اردوغان به لن يستوي ولو على ملايين الجماجم  , ولن تكون ليبيا جائزة ترضية لهزيمته الكبرى في سوريا . 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل