فشل الانقلاب...ما الذي ينتظر الحريري؟ ـ د.ليلى نقولا

الإثنين 30 كانون الأول , 2019 10:22 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كان واضحًا منذ الأيام الاولى للانتفاضة اللبنانية أن بعض القوى السياسية، تحاول ان تقوم بانقلاب سياسي في الشارع على حلفائها في الحكومة بدعم خارجي، ويحاول الحريري أن ينقّض على التسوية التي أوصلته رئيسًا للحكومة وأوصلت الرئيس عون الى قصر بعبدا لملاقاة صقور تيار المستقبل وشارعه المعبأ مذهبيًا، والخارج الذي يريد محاصرة حزب الله عبر حلفائه.

ولكن، وكما توقعنا بالفعل، جرت الرياح بما لا تشتهي سفينة الحريري، الذي أراد أن يحتكر السلطة منفردًا، ويعيّن  موظفين برتبة "وزراء مستقلين"، لإدارة البلاد كما يشاء بدون تدخل من أحد!.

الغريب مغالاة الحريري في الوعود التي أطلقها للخارج بالقدرة على تنفيذ انقلاب سياسي، مستغلاً الشارع الذي تمت تعبئته بعد انسداد الأفق حياتيًا ومعيشيًا، وبعد مجاهرة وقحة من قبل بعض أركان السلطة باعتبار أنفسهم أعلى من القضاء، وأعلى من القانون.

اليوم، يحاول الحريري مستعينًا بجزء من الحراك، وبأركان الدولة العميقة التي ساهمت في إفقار البلد منذ التسعينات لغاية اليوم، العودة الى السلطة تحت ذريعة "الميثاقية" وتحت ضغط التحريض المذهبي، بحجة أن الرئيس المكلف حسان دياب، لا يمثّل السنّة في لبنان، وكأن الطائفة وكرامتها تُختصر بشخص الحريري فقط.

المشكلة الأولى التي تواجه الحريري والتي تمنع عودته الفعلية الى السلطة، هي غياب الدعم السعودي له، والذي تجلّى في رسالة واضحة بعدم تسمية "القوات اللبنانية" له، بالاضافة الى رسائل أخرى تلقاها شخصيًا منذ احتجازه في السعودية ولغاية عام 2017، وهو ما جعله يراهن على عودة "مظفّرة" الى رئاسة الحكومة، ليعطي السعوديين ما يريدونه علهم يرضون.

المشكلة الثانية، هي عدم قدرة الحريري على ترك السلطة، ولو لأشهر معدودة، لأن هناك الكثير من الملفات المالية والقضائية التي تنتظره في السعودية، ومنها على سبيل المثال لا الحصر قضية إفلاس سعودي أوجيه، والتي ينظر فيها القضاء السعودي، وبالتالي عدم قدرة "المواطن السعودي" سعد الحريري الدخول الى المملكة بدون حصانة "رئيس وزراء لبنان"، وإلا سيواجه تعقيدات قضائية.

المشكلة الثالثة والأهم، هي تغاضي الحريري عن التحولات الهائلة التي تحصل في المنطقة، وخصوصا في سوريا، والاتجاه الحثيث للجيش السوري لتحرير ادلب، وقيام أردوغان بإرسال مقاتلين من "الجيش الحر" الى ليبيا لقلب موازين القوى العسكرية هناك .. إن تحرير إدلب والتخلص من البؤرة الارهابية فيها، بتفاهم مسبق روسي_ تركي، سيدفع السعوديين الى الانفتاح على النظام السوري في نهاية المطاف، وذلك لقطع الطريق على أي تفاهمات أخرى يحصد فيها أردوغان النفوذ الأكبر في المعارضة التي ستفاوض الأسد على الحل النهائي. لن يخلي الخليجيون (الإمارات والسعودية) الساحة السورية لأردوغان، وبالتالي سيقومون بمحاولة إعادة التوازن، ما سيؤدي الى تفاهمات كبرى في سوريا، سيكون من ضمنها المساهمة في إعادة الإعمار وبالتالي إراحة الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان، لكن من غير المضمون ان الحريري "المتصلب" سيكون من ضمنها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل