المطرقة الاميركية .. ورأس ترامب ـ يونس عودة

الأربعاء 25 كانون الأول , 2019 10:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كلما تقلصت الفترة الفاصلة عن الانتخابات الرئاسية الاميركية كلما زادت حدّة الاتهامات المتبادلة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي على خلفية إجراءات عزل ترامب ضمن الحملة التي يقودها الديمقراطيون على امل اجتذاب بعض الجمهوريين في الكونغرس ليكون عزل الرئيس ضربة مؤلمة لشخص ترامب اولا ولسياساته بأكملها اذا نجحت عملية العزل، استنادا الى توجيه اتهامين للرئيس باستغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، وتعكس  الاتهامات المتبادلة بين ترمب وبيلوسي الأجواء المحمومة التي تعيشها الولايات المتحدة بعد مصادقة مجلس النواب على عزل الرئيس، وكانت بيلوسي قررت بعد التصويت عدم تسليم مجلس الشيوخ بنود الاتهامات رسمياً، بانتظار الاطّلاع على أطر المحاكمة التي سيجريها المجلس، وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش مكونيل، وهو المسؤول عن وضع قوانين المحاكمة، إنه لا يستطيع اتخاذ أي قرار قبل أن ترسل بيلوسي الملف إليه، وقال مكونيل  «لنوقف هذه المسرحية، هذه مناورات سياسية». واستبعد حصول أي جديد في ملف العزل في الأيام المقبلة، خصوصا خلال عطلة الأعياد في الولايات المتحدة. وقد رفع الكونغرس الأميركي جلساته التشريعية إلى السابع من كانون الثاني، ما يعني أن جلسات المحاكمة لن تعقد قبل ذلك التاريخ.

وقد دعت رئيسة مجلس النواب  الرئيس الأميركي إلى إلقاء خطاب عن حال الاتحاد السنوي أمام الكونغرس في الرابع من شهرشباط, ما يعني أنها ترجح انتهاء جلسات المحاكمة قبل ذلك التاريخ، فيما تقول بعض المصادر في الكونغرس أن بيلوسي حددت ذلك التاريخ عن عمد لأنها تريد من ترمب إلقاء هذا الخطاب خلال إجراءات محاكمته لإحراجه سياسياً.

بالمقابل  اتهم ترمب بيلوسي بخرق القوانين في إجراءات العزل، وتوقع بأن يخسر الديمقراطيون أغلبيتهم في مجلس النواب في الانتخابات المقبلة. وقال ترمب في تغريدة : «بيلوسي قدمت لي المحاكمة الأقل عدلاً في التاريخ الأميركي، وهي الآن تدعو إلى العدل في مجلس الشيوخ وتخرق كل القوانين. لقد خسرت الأغلبية في الكونغرس من قبل وسيحصل هذا مجددا،ً»وسبق ان قال ترمب: «نانسي بيلوسي المجنونة تريد تحديد شروط إجراءات العزل المزيفة لتوجيه الجمهوريين في مجلس الشيوخ»، وتابع: "لكن بيلوسي جردت الإجراءات في مجلس النواب من المحامين أو الشهود، يتمنى الديمقراطيون إنهاء هذا كله، قضيتهم خاسرة وأرقامهم في استطلاعات الرأي مخيفة"!.

وعلى غير العادة، ردت بيلوسي  وقالت إن "مجلس النواب لا يستطيع انتقاء ممثلين عنه في المحاكمة إلى أن نعرف طبيعة هذه المحاكمة، الرئيس ترامب عرقل مثول شهوده والوثائق التي طلبناها في مجلس النواب. وهو يتذمر من إجراءات مجلس النواب. ما هو عذره الآن؟".
ودعت بيلوسي ترمب إلى السماح بمثول شهود ككبير موظفي البيت الأبيض مايك مولفاني، ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، وغيرهم أمام مجلس الشيوخ، ملوحة بأن البيت الأبيض هو من منعهم من المثول أمام مجلس النواب خلال إجراءات العزل.
من جهته، كرر زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر دعواته لاستدعاء شهود من الإدارة الأميركية والإفراج عن وثائق جديدة متعلقة بالملف الأوكراني. وقال شومر إن "مكونيل يريد تأجيل الموضوع كي يتمكن من عقد محاكمة من دون شهود أو وثائق، ولن نوافق على هذا".
أما أعضاء مجلس الشيوخ، فقد أعربوا عن تفاؤلهم بانتقال ملف العزل إلى المجلس قريباً. وقالت السيناتور إيمي كلوبوتشار، وهي من المرشحين الديمقراطيين للرئاسة: "سوف يكون هناك اتفاق وسوف تمضي المحاكمة قدماً. لدينا المسؤولية الدستورية لمناقشة هذه القضية المهمة".

واذا كان المسار الدستوري الاميركي بسلوك الطريق الذي وضعه ما يسمى "الاباء المؤسسون" لتبرير إجراءات العزل عبارات مثل «الخيانة أو الرشوة، أو غيرها من الجرائم أو المخالفات الكبرى»، لكنهم لم يشرحوا  بالتفاصيل ما تعنيه تلك العبارات، لأنها بدت واضحة جداً حينها، فهي تعني: الجرائم ضد الدولة، وليست الجرائم الشخصية.ولهذا كانت تهمتا مجلس النواب باغلبيته "استغلال السلطة , وعرقلة عمل الكونغرس",وذلك كخلاصة  لخلفية الاتهام بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية السابقة , والاتصال بالرئيس الاوكراني للتأمر معه على منافسه في الانتخابات المقبلة جو بايدن , كما ان الديمقراطيين يصطادون في "بحر اخطاء" ترامب الخارجية ان كان مداهنة السعودية في جرائمها , او علاقاته مع روسيا , او الحرب التجارية مع الصين وانزال عقوبات حتى بالحلفاء بما فيهم الاوروبيون لعدم مسايرتهم له في قضايا "الابتزاز المالي"  والاهم التنصل من الاتفاق النووي مع ايران الذي يعتبره الديمقراطيون درة انتاج رئاسة الديمقراطي باراك اوباما ,مرورا بكيفية التعاطي مع ملف كوريا الشمالية  الى الانسحاب من معاهدات دولية مثل معاهدة الصواريخ ,, الخ

ان اهم نتاج للصراع في البيت الاميركي هو الدرس الذي استفادت منه شعوب العالم بان الحكومات الغربية عموما والاميركية على وجه الخصوص تتمادى  في الكذب على شعوبها وانتهاك حقوق مواطنيها، حتى أصبح الأمريكيون والأوروبيون لا يصدقون أن مجتمعاتهم تقوم على العدل، وما عادوا يصدقون حكوماتهم، وهو ما يظهر جليا في التصويت الانتخابي الاحتجاجي واسع النطاق، وفي الأزمات السياسية المستمرة في الولايات المتحدة الأمريكية , لكن صناع الاكاذيب والحروب في ارض الغير وحبك الفتن لا يمكن ان يستسلموا بسهولة , مثل جون بولتون والشريحة الاكثر عنصرية في الولايات المتحدة , مع ان الاميركيين على اختلاف اداراتهم يتقنون حشر انوفهم واعمالهم السوداء في اي مكان , ليطلقوا المارد من القمقم الذي سرعان ما يعاديهم .

بكل الاحوال فان امام ترامب فرصة لتجاوز العزل لان الجمهوريين يملكون الاغلبية في مجلس الشيوخ بعكس مجلس النواب , واذا تجاوز ذلك فان ابواب البيت الابيض ستكون مفتوحة امامه لسنوات اربع مقبلة سيما وانه ايضا تمكن من جمع" اتاوات " مالية كبرى تحاكي الغرائز الاميركية منذ الولادة حتى القبر , بالتوازي مع تهديد للاميركيين بانه اذا لم ينتخب مجددا فسيكون هناك انهيار وشيك في الاسواق .

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل