تجربة بوليفيا لا تصلح في لبنان ـ يونس عودة

الثلاثاء 19 تشرين الثاني , 2019 09:59 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

رغم محاولات النفي , ونفي النفي , فان قواسم مشتركة تجمع مابين الحركات , تحت مسميات "ثورة" من بوليفيا , الى فنزويلا الى هونغ كونغ الى العراق , والى بلدان اخرى , ولبنان من بينها , واهم تلك القواسم ان المحرك الاساسي واحد , تقع غرفة عملياته المركزية في " لانغلي" الاميركية التي وضعت كوبا اليوم على مشرحتها من خلال عقوبات , اخرها ادراج اسم  وزير الداخلية الكوبي على القائمة الاميركية .

لا شك ان للحراك في لبنان مطالب محقة وحقيقية , وهي المطالب التي نشأت بفعل اداء السلطات المتموضعة في الحكم منذ 1990 اي ما بعد اتفاق الطائف الذي كرس المذهبيات في السلطات , ولم تكن المطالب التي انفجر الناس توقا الى تحقيقها , الا ستارا لقوى شريرة ليست في بنيتها رحمة او محاكاة للعدل والانصاف , وتمكنت الى حد بعيد من جر شوارع الى غاياتها السياسية الانقلابية , بعد الفشل المتكرر في اثبات نفسها على انها وطنية بحق , وانما هي ادوات طيعة لدى الاميركيين من النشأة حتى اليوم .

واذا وقعت المقارنة فيما يجري على مساحة الكرة الارضية , بين لبنان وبوليفيا , فيمكن الاستخلاص ان الانتقام مصدره واشنطن وان اختلفت العناوين , وتلاقت الاهداف .بعد تحضير الارضية من قبل الطامع الاكبر - اي واشنطن.  

فالرئيس ايفو موراليس بعد فوزه الذي لا غبارعليه في انتخابات  2005،وهو اول رئيس لبوليفيا من السكان الاصليين - الذين يشكلون ثلثي السكان -اي ليس من الغزاة الغربيين, بادر فورا  الى تعديل الدستور. وتم إصلاح القانون الأساسي في العام 2009. وكانت المادة المركزية  الجديدة  فيه هو إعلان جميع" ثروات بوليفيا الباطنية ملكية وطنية".

ان اهم نتيجة لذلك، كانت افقاد الشركات الأجنبية الجشعة المستغلة طريق  الوصول المباشر إلى الموارد المعدنية في بوليفيا. والثروة الرئيسية لهذا البلد هي معدن الليثيوم القلوي الخفيف. وبحسب الدراسات المختلف ، تمتلك بوليفيا ما بين 50 إلى 70% من احتياطيات هذا المعدن العالمية. وهذه الاحتياطات تتركز بشكل فريد في مكان واحد، في سبخة الملح في أويوني.

من المعروف ان  الليثيوم يستخدم  في تصنيع بطاريات الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأدوات الإلكترونية، وكذلك السيارات الكهربائية. وبالنظر إلى النمو السريع لصناعة تكنولوجيا المعلومات وإنتاج أنواع مختلفة من الإلكترونيات، فإن الطلب على هذا المعدن يتزايد باستمرار. ووفقا لمصادر مختلفة، تضاعف الطلب، خلال السنوات الـ 10 الماضية، ثلاث مرات.

رغم فوزه في الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي , ومحاولات التشكيك بالنتائج عرض على المعارضة التي يقودها البيض برعاية ودعم اميركيين , الحوار والتوصل الى ميثاق سياسي , كي يجنب البلاد حربا اهلية استشعر التحضير لها , الا ان الرفض المتكرر للحوار معطوفا على تظاهرات عنفية , وتمرد الشرطة عبر رفض حراسة المقرات الرسمية , وسط ضغوط ايضا من قيادة الجيش عليه , خلافا لما حصل في فنزويلا , اجبرته على الاستقالة واللجؤ الى المكسيك مؤقتا كي يجنب البلاد الدماء , ومع ذلك سال الدم مدرارا من الفقراء الذين قمعتهم السلطة التي سيطرت لانهم تظاهروا نصرة لرئيسهم -ابو الفقراء- مستندين الى انجازاته الوطنية والعدالة التي تحققت ودعم الشركات الوطنية .

لقد سقط مئات الضحايا بين قتلى وجرحى من السكان الاصليين , بموازاة اول خطوة سياسية قامت بها الرئيسة المؤقتة وهي الاعتراف بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو رئيسا بوجه الرئيس الشرعي نيكولاس مادورو وذلك ضمن الدور المطلوب اميركيا لجر فنزويلا الى الاتون نفسه , والهدف لم يعد خافيا بالسيطرة على ثروات البلدين الاغنى في اميركا اللاتينية , التي ستصبح بلا ادنى شك احد مراكز القوة الرئيسية في العالم مستقبلا وبالتالي  يصبح الطريق مفتوحا أمام الشركات الأميركية, اي العودة الى جمهوريات الموز.

لقد اعتقد مدبرو الحرب الناعمة عبر الثورات الملونة ان ظروف لبنان نضجت للانقلاب , فهناك القوى الموالية باتت جاهزة مع عدتها الاعلامية للتضليل , بعد سنوات من محاولات شيطنة انبل ظاهرة في تاريخ لبنان , والتي تقف بالمرصاد لمن يريد الاستيلاء على ثروات لبنان المكتشفة , والتي تجاوزت التقديرات بشأن حجمها اضعاف ما كان معروفا .

لم يعد خافيا من هي القوى التي استغلت واستثمرت الحراك المحق لتنفيذ المخطط السياسي - الاقتصادي لضرب لبنان في اعماق بنيته الوطنية , دون ان تقدر فعلا ماذا يمكن ان يحل من دمار ودماء , اذا تمادت كي تجر البلاد الى العبث الدموي , بعد يقينها بفشل خطة الترويع باسقاط السلطات كلها  فالرئيس ميشال عون ليس موراليس , والمقاومة ليست للبيع .وتركيبة لبنان اعصى من ان يطوعها اليانكي , ولعل تجربة اجتياح عام 1982 تكون درسا وعبرة ,, فالمقاومة انطلقت بثلة من الشباب , وكان القوات المتعددة الجنسيات في بيروت , والاحتلال على ثلاثة ارباع الارض اللبنانية ,, وجميعهم اندحروا وعلى رأسهم نخبة الجيوش الاميركية -قوات المارينز. 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل