الحريري يلعب في الطرقات و على المكشوف

السبت 16 تشرين الثاني , 2019 11:32 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

على وقع بدء الشهر الثاني للمظاهرات الشعبية مازالت الاوضاع في لبنان على ماهي و المتظاهرون يقطون الطرقات و على الصعيد السياسي ايضا هناك أزمة على اشدها و الاتصالات لم تنجح لتقريب وجهات النظر حول شكل الحكومة العتيدة.

و هذا السياق وجه عدد من المراقبين و بعض المواقع الاخبارية في بيروت اليوم السبت اصابع اتهام لرئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري بانه يلعب في الطرقات و علي المكشوف من أجل تحقيق مكاسب سياسية في الداخل والخارج، وهذا ما جعله يطرح ورقة محمد الصفدي ومن ثم ينقلب عليها لتعميق المأزق السياسي في البلاد.

و حسب المواقع الاخبارية، قطع الطرقات و اعتصامات الشعبية في بعض المناطق. إنها لعبة التفاوض على رئاسة الحكومة من خلال الشارع لأن البلدات التي لا تزال طرقاتها مقطوعة هي بلدات ذات أكثرية سُنّية، ولتيار المستقبل​ وجود سياسي وشعبي لافت فيها، و أن الشبان الذين يقطعون الطرقات في بعض المناطق البقاعية والشمالية ينتمون أو يؤيدون بأكثريتهم الساحقة تيار المستقبل، ومطلبهم الحقيقي غير المعلن، يمكن تلخيصه كالتالي: لا نريد رئيساً للحكومة المقبلة إلا ​ الحرريري​ نفسه، لا شخصية يسميها من داخل التيار الأزرق، ولا أخرى قريبة من تيار المستقبل، ولا الوزير السابق ​محمد الصفدي ا​ حتى لو أنه صديق الحريري وحليفه".

حتى لو أن الحريري وافق مع باقي الاطراف السياسية علي تسمية محمد الصفدي فهو في الوقت عينه أعطى الضوء الأخضر لمناصريه للتشدد في حركتهم الإعتراضية في الشارع، كل ذلك تحت راية المطالب المعيشية ومن دون أن يطالب هؤلاء علناً بعودة الحريري، ولكن في نهاية المطاف أمام عدسات النقل المباشر، وبما أن الذين يقطعون الطرقات هم ليسوا من كوادر التيار الأزرق، ولا خبرة لهم في السياسة وتحديداً في التعاطي مع وسائل الإعلام، لم يكن صعباً على بعض المراسلين أن يسمعوا منهم "لا نريد إلا سعد الحريري رئيساً للحكومة"و"لن نقبل بأن يدفع الحريري منفرداً والطائفة السنية وحدها ثمن ما حصل، فإما أن يستقيل رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب مع الحريري تطبيقاً لشعار كلّن يعني كلّن وإما أن يعود الشيخ سعد الى رئاسة الحكومة".

من ضمن الضغوط التي يمارسها الحريري ولو بطريقة غير مباشرة للعودة الى السراي، تقول مصادر مطلعة على الملف الحكومي، هو الموقف المشترك الذي صدر بالأمس عن رؤساء الحكومات السابقين، ​فؤاد السنيورة​ و​نجيب ميقاتي​ و​تمام سلام​، الذين طالبوا بإعادة تسمية الحريري وبتسهيل مهمته من قبل القوى السياسية.

و براي المراقبون إذاً، لعبة الحريري أصبحت مكشوفة، وما تردّد عن مناورته التي وافق فيها على تسمية الصفدي بهدف حرق إسمه في البازار الحكومي، بدأ يتكشّف شيئاً فشيئاً، وللساعات المقبلة المزيد من المفاجآت على هذا الصعيد.

وفي هذا السياق، سألت صحيفة "الأخبار" عن جدّية الاتفاق حول اسم الوزير السابِق محمد الصفدي لتكليفه تأليف الحكومة؟ وقالت إن وقائع أمس غير ما قبله. وبسبب استمرار سعد الحريري بالمراوغة الأمور عادت خطوة إلى الوراء، في ظلّ معلومات تتحدث عن إمكانية تراجع الصفدي، بسبب ردة الفعل السلبية في الشارع، وموقف رؤساء الحكومة السابقين.

واشارت إلى أن سعد الحريري يتحمّل نِصفَ المسؤولية عن المأزِق القائِم في البلاد. بعيداً من الحجج الخدّاعة والادعاء بأن استقالته من الحكومة سببها رغبة الشارِع المُحتقِن والمُنتفِض، وأن إصراره على تأليف حكومة تكنوقراط يعود إلى السبب نفسه، فإن ما يفعله هو مُقامرة في السياسة. وبهذه الخلاصة يعبّر، بانزعاج، سياسيون على تواصل مع الحريري من أجل التكليف. يقولون إنه يريد أن يستثمِر في الانتفاضة، ظانّاً أنه سيحصد ربحاً في الداخل والخارج، لكن بناءً على معايير مشكوك بها. بمعنى آخر، لو كان الحريري يملِك الحدّ الأدنى من الحرص لما كنّا نقِف هنا اليوم، ولو كانَ فعلاً متعاوناً في المشاورات .

صحيفة البناء قالت من جهة ثانية، إن الشهر الثاني للحراك الشعبي يبدو فاتحة مرحلة جديدة سيتم اختبار قواعد التساكن خلالها، بين صيغتين جديدتين لحضور الدولة والساحات، حيث فرضية بدء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة يوم الاثنين تتقدّم، ومعها قرار حاسم للجيش والقوى الأمنية بمنع أي محاولة لقطع الطرقات في أي منطقة لبنانية. وفي ظل هذين التطورين تعود المصارف لفتح أبوابها مع تراجع عن إجراءاتها المتشددة وفقاً لطلب حكام المصرف المركزي من المصارف التجارية، الذي دعا للعودة بالعمل بالتسهيلات المالية للزبائن وإعادة النظر ببعض الإجراءات التي جففت قدرة الزبائن على الحصول على السيولة من المصارف. ومن المفترض في السياق نفسه عودة المدارس والجامعات، على أن يستعدّ المجلس النيابي الذي سيؤجل جلسته المقررة الثلاثاء لتزامنها المفترض مع الاستشارات النيابية، ليخلي المشهد لتحضيرات ولادة الحكومة الجديدة".

ولفتت الصحيفة إلى أن تراجع الحريري عن تسمية الصفدي سيعني في حال ثبات الحريري عنده، احتمالاً كبيراً لتراجع الصفدي نفسه الذي يشترط طرح اسمه في التداول في حال عزوف الحريري عن الترشح لرئاسة الحكومة، والخشية عندها تتخطّى مجرد العودة إلى المراوحة في الملف الحكومي، للقلق على الخطوات المنتظرة في الملفات الأمنية والاقتصادية، سواء بعودة قطع الطرقات للظهور مجدداً، وتريّث المصارف في فتح أبوابها، ما سيترتّب على كل ذلك من مخاطر الدخول في نفق الفراغ والفوضى الذي حذّر منه الكثيرون، الذين يرون أن هناك مشروعاً مبرمجاً لأخذ لبنان نحو الفراغ والفوضى، ويحذرون من سيطرة هذا المشروع على ضفتي الحراك والسياسة، للتناوب في صناعة الخطوات المؤدية للخطر.

وكانت مصادر إعلامية تحدثت أن الحريري أبلغ الصفدي في آخر لقاء بينهما أنه سيدعمه حتى النهاية وسيضع فريق عمله في خدمة الصفدي، لكن موقف رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام بإصرارهم على ترشيح الحريري يثير الريبة ويضفي نوعاً من الغموض ومناورة سياسية لإحراق الصفدي ومزيد من إشعال الشارع الذي ينظر للصفدي على أنه جزء من الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود. وبالتالي عودة الحريري كمنقذ للشارع وللأزمة السياسية في آن معاً.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل