اكتمال عناصر المواجهة بين محور المقاومة ومحور الشر في كل الساحات ـ يونس عودة

الثلاثاء 05 تشرين الثاني , 2019 10:28 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس ما يجري في الدول الرافضة الانصياع للاملاءات الاميركية , وموجبات الامن الاسرائيلي  الا من ضمن المحاولات الدؤوبة لترويض الشعوب , والانظمة الممانعة , ولو ادت المحاولات الى احتراق تلك الدول وشعوبها , وبايدي الشعوب نفسها .

الاهداف لم تعد خافية , لا بل باتت معلنة على آلسنة المدفوعين الى النزق عن سابق تصور وتصميم , وعنوانها غير المستتر ,يتكون من شقين , ضرب روح وفكرة المقاومة , كضمير شعبي يتحدى الظلم والقهر والاحتلال المباشر وغير المباشر  , وتشديد الحصار على ايران على طريق وهم اسقاطها بالضربة القاضية بعدما فشلت كل الاساليب البائدة لتطويعها عبر شروط وعقوبات , إذ تمكنت ايران من تحويلها الى فرص انتاج وقوة .

لم ترتدع الولايات المتحدة عن نهج  تعميم الفوضى كمكون اساسي لسياستها , رغم يقينها , باستحالة تطويع الذين اخذوا على عاتقهم مجابهة المشروع المثلث الاضلاع -الاميركي كقائد - والاسرائيلي كمخطط ومحرض - والسعودي - الاماراتي كممول ينتظر ان يكون له حصة اذا نجح المشروع المغامر .

ان التجربة السورية خلال 8 سنوات ونيف من الحرب المفتوحة دليل ساطع على قدرة المواجهة للمشروع الذي اجتذب 120 دولة في البداية , لا بل اسقاط المشروع وهو في ذروته , بفضل الارادة الصلبة التي لا تتهاون في المسألة الوطنية والقومية ولو اجتمعت كل القوى الشريرة في العالم , وجعلت  فئة من السوريين  حطبا على مسرح مصالحها , التي لا تقارب اطلاقا المصالح الوطنية , بعدما استقطبت ضعاف النوس ممن يطلق عليهم "المثقفون " ولا سيما اولئك الذين لم يزوروا بلدهم منذ سنوات طويلة , ونصبوهم سادة وقادة على حراك شعبي , وما يتداوله السوريون اليوم خير دليل , يقولون :" الثوار"دمروا البلد , كان يرفضون كل الحلول , وتسير خلفهم جموع الضحايا كالبلهاء , تدحرجت الامور من سلمية الى حراك مسلح ,, غاب المتظاهرون , منهم من قتل , ومنهم من هاجر ونزح , واحتل الساحات مسلحون من كل المشارب , من المتستر خلف الدين , الى رافع راية العلمانية , وغاب الابرياء عن المسرح الذي احتله الممثلون الاصليون .ومن جنسيات مختلفة ,لتطلق شعارات جديدة يتقدمها التقسيم , باسم تقرير مصير هذه الاثنية او تلك ,الى " دولة الخلافة " وبلا حدود,, وكلها في خدمة الفوضى التي  لعب الكيان الصهيوني دورا مركزيا في تعميمها من خلال دعم فصائل مسلحة ابرزها جبهة النصرة , وبعض المنظمات القاعدية , بالمال والسلاح ,, الخ. 

اما اليوم فالمشهد واضح , فعشرات الدول ترغب في العودة الى سوريا , بعد فكفكة المشروع رغم الثمن الكبير , بعدما تيقنت تلك الدول ان عملية تطويع سوريا عبر الحروب فشلت , فيما واشنطن لا تزال تمارس ابوتها على دول تريد العودة وتستخدم لذلك دولا خليجية ولا سيما السعودية , وليس تعبير امين عام الجامعة العربية احمد ابو الغيط ان عودة سوريا الى الجامعة العربية ينتظر القرار السعودي , الا واحد من مشاهد السيناريو البشع.

لقد انتصرت سوريا , وانتصر محور المقاومة كله في المواجهة , وهو ما يقر به الغرب عموما , وحتى الكيان الصهيوني , لا بل ان الكثير من المسؤولين الاميركيين يقرون بذلك من الحزبين الجمهوري والديمقراطي ويتبادلون التهم عن الاسباب والمسبب بينما جو بايدن حمل سياسة الرئيس دونالد ترامب مسؤولية الهزيمة دون تسميتها بان قال " كل شيئ تحول رأسا على عقب.. فروسيا والاسد عززا مواقعهما "..معتبرا ان تصريحات ترامب بشأن رغبته في السيطرة على النفط السوري , " يشبه ملصقا عملاقا يبلغ حجمه 300 قدم لتجنيد داعش"

ليس ما يجري في العراق ولبنان, الا محاولة جديدة لاستنساخ المشهد السوري السابق من خلال العمل لاعادة انتشار الفوضى  , وآن حتى للاغبياء اذا لم يكونوا من ادوات المسرح ان يفهموا ما يحصل , فالعراق رفض عرضا اميركيا بانشاء قواعد عسكرية دائمة , وهزم داعش , لا بل اقتلع نواتها الاساسية في مركزها في الموصل , وتزايد تأثير الحشد الشعبي الذي كان هو رأس الحربة في هزيمة داعش - صنيعة اميركا , ولذلك صم المحتجون اذانهم عن كل المبادرات التي قدمتها الحكومة من محاسبة الفاسدين الى التقديمات الاجتماعية الى كل ما يمكن , رغم انها كانت مطالبهم , وتحولت الهتافات ضد ايران ما يكشف ان اهدافا سياسية وراء الحكاية من اولها الى اخرها, وليس ابرزها الا تقسيم العراق الى دويلات طائفية متناحرة تخدم المشروع الاكبر والذي ما ان ينام حتى يستيقظ بقوة.

اما في لبنان فيعتبر محركو " الثورة" الذين تلطوا خلف المطالب الاجتماعية المحقة قد آن الاوان للانتقام من الذين هزموا اسرائيل - حليفتهم- وملاذهم الدائم , واجتثوا الارهاب،بالإضافة إلى تصفية حسابات شخصية، وقد اثبتت الوقائع ان ادارة السيطرة والتحكم تعمل باحتراف من ادارة الارض الى الاعلام , الى رفض الاستماع لاي صوت او التجاوب مع دعوات الحوار للتوصل الى حل يجنب البلاد دورة دموية سيأتي الحل بعدها حتما , ويدرك العالم ان الاسراريكشفها الصغار ,وما قاله فارس سعيد بان  اي حكومة لا تعالج مسألة سلاح حزب الله غير مقبولة , مع رهان على اسرائيل من مجموعات مفضوحة لكل الناس , لا بل ان البعض عاد للتداول في بوتقات ضيقة بامكانية اقامة دويلات من المدفون الى كفرشيما , كحلم "القوات اللبنانية" , وجمهورية جبل لبنان بزعامة وليد جنبلاط , لتكون مقدمة لحلقة جديدة من الصراع تحاصر خلالها المقاومة قبل الانقضاض من جانب اسرائيل . وهذا هو مكمن الوهم .ولذلك فان الحكومة التي سيقبل بها المنقلبون يجب ان لا يرد في بيانها الوزاري الثلاثية المقدسة " جيش - شعب - مقاومة"

كل هذا المشهد مقدمة للانقضاض على ايران وهو ما فهمه من التقوا المسؤولين الاميركيين سواء في السفارة , او خلال زيارة ديفيد شنكر الذي حدد كيفية امكانية البدء بالانقلاب ,لكن الغريب يكمن في عدم التقاط الغرب ومعهم الاغبياء ان ايران ليست وحدها ,وما التحضير لمناورات ايرانية - روسية -  صينية الا اشارة صغيرة بعد الانجازات التصنيعية المحققة ايرانيا  على المستوى الدفاعي فضلا عن ان محور اعدائها غرق في الاختلافات , وليس الوضع الان الا في مرحلة "عض الاصابع " .

لا شك ان ايران واثقة من خطواتها في المواجهة المتصاعدة بعد فشل كل محاولات الاحتواء , وليس ما قاله مرشد الثورة الاسلامية السيد على خامنئي في الذكرى الاربعين للسيطرة على السفارة الاميركية - " وكر التجسس" بعيد انتصار الثورة الا رسالة بينة  بان التفاوض مع اميركا لن يوصل الى حلول , ما يعني استحالة الحوار مع العقل الاستعماري ,مشيرا الى تجربتي كوريا الديمقراطية وكوبا مع الولايات المتحدة , وان " لا حدود لتوقعات الاميركيين , فهم يستمرون دائما في طرح مطالب جديدة من ايران "

لقد بات المشهد الكلي واضحا , وفرص هزيمة المشروع بسرعة اكبر مرهونة باسلوب التصدي والمواجهة الذي سيعتمده محور المقاومة قبل ان يبادر الى الهجوم الصاعق ضمن منهجية تصاعدية يقترب اوانها بسرعة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل