مقتل البغدادي وبعض الاسئلة المشروعة ـ يونس عودة

الثلاثاء 29 تشرين الأول , 2019 11:46 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

جاء الاعلان الاميركي على لسان  رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب بان زعيم تنظيم "داعش" ابو بكر البغدادي قتل خلال عملية نفذتها وحدة خاصة من القوات الاميركية , بهدف قطع الشكوك باليقين من خلال توجيه الشكر لكل من روسيا وتركيا والعراق وسوريا , وايضا الى المجموعات الكردية الموالية للولايات المتحدة باعتبار ان تلك الدول جميعا ساهمت بطريقة او باخرى , في العملية "الجريئة" حسب وصف ترامب  . مع العلم ان الولايات المتحدة نفسها اعلنت غير مرة انها قتلت البغدادي , وكذلك العراق , كما ان روسيا اعلنت مرة انها استهدفته ولم تجزم بمقتله.وعليه تطرح اسئلة عدة حول الاعلان والاهداف والزمان والمكان .

  • في الاعلان والاهداف, يرى كثير من الخبراء في عقل ترامب والسياسة الاميركية ان مرامي الرئيس الاميركي تتلخص في تلميع صورة ترامب امام العالم وامام خصومه الساعين لعزله في الداخل ,وكل ذلك تمهيدا للانتخابات الاميركية , سيما انه يواجه ازمة متجددة بعد اعلان سحب جميع القوات الاميركية من سوريا , ومن ثم الحديث عن الاحتفاظ بنحو مئتي عسكري للسيطرة على مواقع انتاج النفط ,بزعم حماية حقول النفط , دون ان يحدد مصدر التهديد اصلا, لا بل حدد شركة "اكسون موبيل "الاميركية او شركة اميركية اخرى لادارة حقول النفط السورية , وكأنه مالكها , وليس قوة غاشمة , وهذا الامر اثار عاصفة من نخبة اميركية قانونية وسياسية , وفي هذا الصدد وصف الباحث بروس ريدل وكان مستشارا الامن القومي في السابق " تصرف ترامب بانه ليس مجرد خطوة غير قانونية مريبة , بل انها ترسل رسالة الى المنطقة والعالم اجمع بان اميركا تريد سرقة النفط" بينما اعتبر استاذ العلوم السياسية والدراسات الدولية الاميركي جيف كولغان "، انها فكرة غير اخلاقية وغير قانونية , وان الشركات الاميركية ستواجه مجموعة من التحديات العملية في سوريا ". 
  • في الزمان والمكان جاء الاعلان عن العملية بعد اسبوع من زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى جبهات ادلب , وهي الزيارة التي اعتبرت مؤشر الاستعداد لتحرير تلك المحافظة من الارهابيين ( جبهة النصرة) وغيرها من التنظيمات اللصيقة بها تحت الرعاية التركية .
  • بغض النظر عن الروايات الاميركية , ومحاولة شراء ترامب سكوت "الدول المشكورة"في خطابه , فان رئيس الاركان الروسي كذّب الرئيس الاميركي بنفيه حصول تنسيق بشأن طلعات الطائرات الاميركية والقيام بضربات جوية , وحدد 4 بنود .

1- لا علم لدينا بتقديم اي مساعدة مزعومة لتحليق الطيران الاميركي في المجال الجوي فوق منطقة ادلب .

2- لم يتم رصد اي ضربات سواء للطيران الاميركي او للتحالف الدولي على منطقة خفض التصعيد _المنطقة التي تحدث عنها الاميركيون واقعة ضمنا-.

3- كل الاراضي غير الخاضعة للحكومة السورية في منطقة ادلب تجري ادارتها والسيطرة عليها من جبهة النصرة الارهابية - وهي طردت "داعش" من هذه المنطقة ولا منافسين لها , اي انه لا يمكن لاحد ان يقدم حماية للبغدادي فيها.

 

4- منذ لحظة الدحر النهائي لداعش على يد الجيش السوري بدعم من القوات الجوية الروسية اوائل 2018 لا يوجد على الاطلاق لأي خبر عن مقتل البغدادي تأثير على الاوضاع في سوريا او انشطة الارهابيين المتبقين في منطقة ادلب.

لا شك ان مقتل البغدادي له بعد رمزي , انما السؤال لماذا لا تقرن واشنطن "بطولات" جنودها بدلائل حسية ملموسة سيما انها تحدثت عن وجود تسجيلات مصورة لكامل العملية , وتركت الاحتمال - مجرد الاحتمال - بنشرها مسقبلا , والغريب ان العملية استغرقت اربع ساعات بينما العمليات الخاصة لا يمكن ان تحتمل هذه المدة الا اذا تمت مواجهتها بمقاومة عنيفة , وهذا لم يحدث ابدا وفق نفسير الرواية الاميركية التي بدأت بمناداة المطلوب , ولاحقا الحديث عن غارات تمهيدية , واخيرا فرار البغدادي ومن معه داخل نفق , ومن ثم تفجير نفسه مع طفليه , وزوجتيه, لياتي ختام رواية اخرى على لسان ترامب بان البغدادي قتل وهو يبكي , وهذا الامر يدعو للسخرية اذا جرى الاستناد على تصريح رئيس الاركان الجنرال مارك ميلاني , الذي قال انه لا يملك معلومات ان البغدادي قتل وهو يبكي , لكنه استدرك بعد هذه الاهانة لترامب - بان "الرئيس تواصل مع الجنود في الوحدة التي نفذت العملية , وربما ابلغوه بذلك" .وهنا سؤال اخر , فكل من يعرف في مهمات الجيوش , فان التقرير الشامل عن العملية - اي عملية يرفع الى القيادة المباشرة التي تتابع المجريات لحظة بلحظة ,ولا يمكن عدم ابلاغ رئيس الاركان باي تفصيل سيما انه يكون ايضا على صلة مباشرة مع ادارة العملية اذا لم يكن في غرفة العمليات اصلا , فكيف في تنفيذ عملية لاعتقال هذا الكائن الارهابي او ما يماثله .

  • من الطبيعي ان يتباهى كثيرون بان كان لهم بيد طولى في امداد الاستخبارات الاميركية بمعلومات قيمة، افادت في الوصول الى البغدادي ,وهؤلاء الذين نالوا جوائزهم بان شكرهم ترامب , لكن اليس غريبا ان تعلن الولايات المتحدة انها دفنت اشلاءه في البحر , كما دفنت اسامة بن لادن وفق " الشريعة الاسلامية" .
  • لا شك ان اليقين الوحيد في هذه العملية بكل جوانبها واهمها الصوتية منها بان دور ابو بكر البغدادي انتهى كأحد ارانب الساحر الاميركي , بانتظار اخراج ارنب اخر من كمه الذي يتسع لمئات الكائنات كالبغدادي . 

مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل