إنفجارات أميركا و "دواعش" الداخل ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 06 آب , 2019 10:08 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
أجمعت وسائل الإعلام على أن التفجيرات الأخيرة في الولايات المتحدة إرهاب داخلي، وسواء كان أي إرهابي مريض نفسياً كما يصِفُونه عادة، أو كان واعياً لما يرتكب إنتقاماً لضررٍ لَحِق به شخصياً، فإن تفلُّت انتشار السلاح في أميركا بات يهدِّد السِلم الإجتماعي، في بلادٍ تجمع كل جنسيات الأرض التي سَعَت الى الجنسية الأميركية، وعاشت إنبهار الحُلم ودهشة الوصول إلى الأرض الجديدة التي بُنيَت على عظام الهنود الحُمر.
التفجيرات التي تطال الأبرياء هي من الأعمال الجبانة كما وصفها الرئيس الأميركي - لأنها حصلت في بلاده - وهي جبانة ولا إنسانية ولا أخلاقية بكل المعايير والمواثيق الدولية، عندما ترتكبها أميركا في بلاد الآخرين، منذ أغرقت نفسها في مستنقع فيتنام وحتى اللحظة، لا بل أن أميركا هي صانعة الموت العابر للقارات بالتعاون مع أدواتها الحقيرة، جاعلةً من الأطفال والنساء والعجزة حقل تجارب لمفاعيل أسلحتها المُجرِمة.
والإرهاب ليس مادةً محسوسة تنتقل بأشخاص، بل هو فِكرٌ مُتنقِّل لا تستطيع أميركا إنكاره، وتنظيم داعش الذي "صنعته" أميركا كما ورد في كتاب "خيارات صعبة" لهيلاري كلينتون، هو كناية عن إيديولوجية قد تسكن المخبولين سواء كانوا في الشرق أو الغرب، وهو في تاريخنا الحديث بدأ في الشرق مع محمد بن عبد الوهاب، العميل البريطاني الذي جاء بمذهبٍ تكفيري لتعنيف المسلمين قبل سواهم، ويتواصل هذا الإرهاب مع كل المدارس الدينية المُشيطِنة لكل آخر، والداعية لتحليل الإرهاب بكل أشكاله على أي آخر، لكن الإرهاب في الغرب موجود حيث يتوافر السلاح الفرديّ، ولو أنه في أميركا تحديداً يحصل تحت عنوان جرائم الإنحراف، والسلب والسرقة هما العنوانان البارزان لهذه الجرائم.
لا استباق لأي تحقيق، سواء في حادثة تكساس أو حادثة أوهايو، أو ما سبقهما وما سوف يليهما، لأن ما ترغب الإستخبارات الأميركية إعلانه سوف يُعلَن، وما ترغب بكتمانه سوف يُكتَم ولكن، أميركا كما سواها، سوف تدفع ثمن ارتدادات الشرق الأوسط، والرئيس ترامب كان يهدد أوروبا منذ أيام بإطلاق سراح 2500 من العناصر الإرهابية حاملي الجنسيات الأوروبية، تعتقلهم قوات أميركية أو حليفة في العراق وسوريا، طالباً من الدول الأوروبية الموافقة رسمياً على استقبالهم وإلَّا أطلقهم نحو أوروبا، وأميركا قادرة على تحديد وجهة إطلاق كل مجموعة وتسهيل وصولها.
لكن انتقال الإرهاب لا يتوقَّف على إطلاق سراح 2500 عنصر، ولا على آلاف مؤلَّفة، لأنه بات في دواخل أشخاصٍ يعيشون داخل الدول الأوروبية وداخل أميركا، وفي كل انتفاضة شعبية مشابهة للسترات الصفر في باريس هناك روح "داعشية"، وأيضاً في فكر اليمين الأوروبي المُتطرِّف الذي يًسيِّر التظاهرات ضدّ المُهاجرين، وهذه الروح الرفضيَّة موجودة أيضاً في الولايات المتحدة، وبإمكان خصوم  ترامب استخدامها واستغلالها الآن وفي عزِّ الحملة الأميركية، سيما وأن الديموقراطي جون بايدن الأبرز لدى حزبه، هو الأضعف في مواجهة الحزب الجمهوري بشخص رئيسٍ في الحكم من نوعية دونالد ترامب.
أحد العاملين السابقين لدى السي آي إي قال: "العالم قد يعلم ما استطعنا تحقيقه، لكنه يجهل ما نحن فشلنا به"، وهناك عمليات كثيرة ومُتمادية لمنظمة الإستخبارات الأميركية هذه أو سواها، تُخرِّج الآلاف من الذين يتفرَّغون للعمل الإستخباراتي المأجور بعد تقاعدهم، ويٌجاهرون ربما بمواقفهم من البيت الأبيض، لكنهم يكتمون ما يفعلون خلف الأبواب المُغلقة في إدارة العمليات الخاصة، ولذلك، فإن الإرهاب الذي سوف يرتدّ حُكماً من الشرق، لا ينتظر استيراد إرهابيين، طالما أنه بات يسكن المجتمعات الغربية خصوصاً في أميركا، حيث حريَّة الأفراد منذ الصغر في حالٍ من الفلتان، وكل إرهابٍ يحصل في أية ولاية أميركية هو إنتاج محلِّي ويكاد يحمل دمغة "صُنِع في أميركا"..  

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل