جبران باسيل وغزوات "المَعَاقِل"! ـ أمين أبوراشد

الثلاثاء 02 تموز , 2019 10:44 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
ليست "الغزوة" الأولى لِمعقلٍ إقطاعيّ، هي تلك التي قام بها الوزير جبران باسيل الى قضاء عاليه، فقد سبقتها "غزوات" الى زغرتا وبشرِّي والشوف.
وزغرتا مارونية، والزائر ماروني، ورئيس أكبر تكتَّل نيابي مسيحي، لكنه مكروه من البعض هناك، ربما لأنه يرمز الى القانون الإنتخابي النسبي الذي خَرَق معقل الإقطاع والباكاوية، القانون الذي أتى بميشال معوَّض الى المجلس النيابي.

وبشرِّي مارونية أيضاً، ومُزِّقت من على طرقات قضائها يافطات الترحيب بالوزير باسيل. وإذا كانت "معقلاً" حصرياً للقوات، فإن القانون الإنتخابي الذي ناضل من أجله باسيل، أمَّن للقوات حصَّة وازنة في المجلس النيابي، انتُزِعت من براثن مَن كانوا يُهيمنون على القرار المسيحي ويُصادرون تمثيلهم، وحسناً فعلت النائب ستريدا جعجع بإعلانها بعد زيارة باسيل أنها أطلقت خُطة خُماسية الأبعاد- كما أسمتها-  لإنماء بشرِّي، ولتقطُف تداعيات الزيارة، رغم أن باسيل لم يذهب ليقطُف زعامة قضاء من أحد، بل من واجبه كرئيس تيار وطني واسع أن يزور بيوت التيار والمُحازبين، وهو لا مشكلة لديه في التنقلات داخل الأراضي اللبنانية والذهاب الى الناس حيث هُم، سواء في بشري أو زغرتا أو أية منطقة أخرى، لأن لا يده اليُمنى مُلَطَّخة بالدم، ولا اليسرى ملوَّثة بترابة شكا المُلوِّثة للبيئة، ولا في جيب باسيل "فيشة روليت" من كازينو لبنان.

وسواء زار باسيل قضاء الشوف للمشاركة في قُدَّاس دير القمر، أو زار قضاء عاليه لمُعاينة قًرى مسيحية مُهجَّرة، بعضٌ من أجراسها ما زالت مُصادرة، فلأن مُصالحة الجبل غير الندِّية التي يتباهى بها البعض، كرَّست ذُمِّية المسيحيين تحت رحمة بيك المختارة، والمسيحيون في الشوف وعاليه مشكلتهم ليست في إعادة بناء الحجر، بل في جيلٍ جديد وُلِدَ ونشأ في بيروت خلال سنوات التهجير، وَوُلِد لديه نُفور وعدم انتماء للجبل، وإذا كان وزير الدولة لشؤون النازجين -الدرزي- صالح الغريب يسعى للمساهمة في إقفال ملف المٌهجَّرين من منطلق إنساني ووطني، فمِن واجب رئيس التيار -المسيحي- القيام بزيارة الشوف وعاليه، في محاولة تشجيع المسيحيين على العودة الى أرزاقهم وبيوتهم، وَوَجهُ الشبه بين جبران باسيل وصالح الغريب، أنهما لا ينتميان الى إرث سياسي إقطاعي، وما يَسرِي على باسيل في زغرتا وبشري، يَسرِي على غريب في المعقل الجنبلاطي، لأن غريب هو رمز للوزير اللبناني المُثقَّف الحرّ الخارج عن طاعة الباكاوية، هذه الباكاوية التي خسِرَت "بِزئبقيَّة مواقفها" ومحاولات هيمنتها على إرادات الأحرار، موقعها الدرزي في سوريا، من جبل العرب الى السويداء الى الجولان، ولم  يعُد لها سوى جزء من الجبل اللبناني معقلاً أخيراً.

مُخطىءٌ من يعتبر أن الجبل معقل درزي يرفض فيه المواطنون العاديون الدروز عودة أخوانهم المسيحيين، لأنهم دفعوا من اقتصاد جَبَلِهِم الأثمان الباهظة نتيجة تهجير نصف سكانه، والمشكلة ليست درزية - مسيحية على المستوى الشعبي، بل درزية - درزية على المستوى السياسي، وترتبط برفض القيادات الدرزية للآحادية الجنبلاطية، ولو أن أبرز هذه القيادات هُم النائب طلال إرسلان والوزير السابق وئام وهاب، إضافة الى الوجود القوي للقوميين السوريين، والى الأجيال الدرزية المُثقَّفة التي تنأى بنفسها عن ممارسة السياسة حالياً، لأن السياسة محصورة بالبيك وإبن البيك.

رحلت المبادىء الإشتراكية مع المعلِّم كمال جنبلاط، ولم يعُد هناك حزب تقدُّمي إشتراكي، بقدر ما باتت هناك هيمنة عائلية جنبلاطية مُناقضة للمبادىء الإشتراكية، وتمتدّ على شكل عقارات وأموال من الشوف الى سهل البقاع وصولاً الى فرنسا، ولن ندخُل هنا بملفات الفساد، بل ندخل المعقل الجنبلاطي من الباب كما يَطلب النائب والوزير أكرم شهيِّب من الوزير باسيل، وكما طلب النائب والوزير وائل بو فاعور من وزير الصحة الدكتور جميل جبق عندما زار المعقل الجنبلاطي في راشيا، وكفى يا أخوان نتحدَّث بلُغة مسيحي درزي ودرزي شيعي، لأن الأزمة أزمة إقطاع يستخدم الناس وقوداً له، وهذا ما يرفضه السياسيون الأوادم العصاميون من أبناء الفلاحين الكادِحين الشرفاء، أمثال جبران باسيل وصالح الغريب وجميل جبق، ولا قيامة لوطن سوى بِمَن يُشبِهُهم  والسلام ...

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل