"ورشة البحرين" ... حل الصراع ليس بالمال ـ رامز مصطفى

الإثنين 24 حزيران , 2019 10:23 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ورشة البحرين والتي تعقد تحت عنوان " الازدهار من أجل السلام " خلال اليومين المقبلين في المنامة، هي الاجتماع الأول الذي يُعقد رسمياً للأطراف المنخرطة في " صفقة القرن "، أو التي في طريقها للانخراط. وهي الخطوة العملية والرسمية التي تقدم فيها إدارة الرئيس ترامب وفريقه السياسي بالإعلان عن الصفقة والبدء بتنفيذها. على رغم أن الإعلان عن الصفقة مؤجل إلى ما بعد انتخابات " الكنيست " في أيلول المقبل، ولربما بعد أن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومته في حال نجح حزبه " الليكود " بأعلى الأصوات.

الورشة عنوانها يفضح أهدافها، وهذا جوهر " صفقة القرن " الصهيوأمريكية، القائمة أولاً وأخيراً على ما يسمى ب" السلام الاقتصادي "، وهو تصفية ما تبقى من عناوين وطنية للقضية الفلسطينية، بعد أن شكلت اتفاقات " أوسلو " المنعطف الأخطر في تمرير تلك المشاريع، التي تتلاقى وتتقاطع عند هذا الهدف، حيث مثلت اتفاقات " سايكس بيكو عام 1916، ووعد بلفور المشؤوم عام 1917 القاعدة المادية لتلك المشاريع، وصفقة القرن قمة هرمها.

رؤية " السلام الاقتصادي " تعود أصلاً إلى وزير الخارجية " الإسرائيلي " آنذاك " شمعون بيرس " ونائبه " يوسي بيلين "، تحت شعار " عملية السلام والتعاون الاقتصادي في إطار مشروع بناء إقليمي جديد ". فقد عبر بيرس حينها عن ذلك في كتابه الذي صدر العام 1993 بعنوان " الشرق الأوسط الجديد ". و" بيلين " من خلال كراسه المعنون باسم " رؤية للشرق الأوسط ".

الولايات المتحدة بدورها سعت بعد التوقيع على اتفاقات " أوسلو " عام 1993، إلى عملية تسويق ما يسمى " السلام " بالحل الاقتصادي تحت مسوغ ضرورة تقديم المساعدات من أجل تأمين تنمية اقتصادية لأراضي الحكم الإداري الذاتي المحدود. من خلال  المؤتمر " الاقتصادي العالمي للتنمية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا "، والذي عقد في المغرب تشرين أول 1994، أي بعد عام على اتفاقات " أوسلو ".

" نتنياهو " عمل خلال رئاسته لحكومة الكيان على تبني رؤيتين، الأولى " السلام الاقتصادي "، بالتعاون مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق " طوني بلير "، ممثل الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط. محملاً اياه رؤيته لتسويقها فلسطينياً وعربياً ودولياً. والرؤية الثانية، ضرورة العمل على فتح كوة في العلاقة مع الدول العربية، التي ستكون جواز مروره لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين في القبول بالشروط " الإسرائيلية " لإنهاء الصراع وحسم قضايا ما سميت بعناوين الحل النهائي، وتحديداً القدس واللاجئين. وهذا ما صرح به نتنياهو لشبكة CNN الأمريكية بالقول: " كنا نعتقد في السابق أننا إذا أنهينا الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فإننا سنتمكن من حل الصراع الإسرائيلي – العربي، لكن اتضح لنا لاحقاً أن العكس هو الصحيح، ونعمل حالياً من أجل تحقيق هذه الغاية ".

" إسرائيل " ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية، تجد في صفقة القرن وورشتها في البحرين ضالتها المنشودة لفرض الأمر الواقع في عدم الانسحاب من الأراضي التي احتلها في حزيران 1967، وإزالة المستوطنات، وإبقاء القدس عاصمة لها، وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم التي طردوا منها بقوة الحديد والنار عام 1948. وبالتالي لتجد في الحل الاقتصادي تلطياً متعمداً وراء الهواجس الأمنية بهدف تسريع عمليات الاستيطان والتمسك والسيطرة على ما تبقى من أراضٍ في الضفة الغربية، وهذا ما ذهب إليه فريدمان في إيجازه للكيان الاستيلاء على أراضي الضفة.   

ورشة البحرين لن تحقق مبتغاها، ليس لرفض الفلسطينيين لها ول" صفقة القرن " وحسب على أهمية هذا الموقف، بل لأن تمرير رؤية " السلام الاقتصادي " لم تثبت جدواها وما هو مأمول منها. وخير ما عبر عنه في هذا السياق، المحلل والكاتب والمختص بالشرق الأوسط الأميركي " آرون ديفيد ميللر "، في مقالة كتبها في مجلّة " أتلانتيك " الأميركية : " لو كانت لدينا القدرة على شراء حل للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لقمنا بذلك منذ فترة طويلة، إن الأمر لا يتعلق بالمال ". نعم إن الحل لا يُشترى بالمال، بل بزوال الاحتلال.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل