ايران وأميركا ..الحرب التي لن تنتهي ـ د.نسيب حطيط

الخميس 13 حزيران , 2019 10:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات                                                                                                             

يتحدث التاريخ عن حروب استمرت عشرات او مئات السنين (حرب المائتي عام الدينية في أوروبا) دون ان تنتهي مفاعيلها او اثارها وان سكتت مدافعها او اغمدت سيوفها، ويبدو ان الصراع ألأميركي - الإيراني سيكون من نمط الحروب الطويلة او المستدامة التي لن تنتهي وان انتهت فلن تكون نهايتها قريبة في العقود المقبلة .

الحرب الأميركية – الإيرانية متعددة الأساليب والساحات والأدوات التنفيذية فهي حرب اما في ساحات خارج الأراضي الأميركية او الإيرانية (ما عدا غزوة صحراء طبس الأميركية) فهي تستعر عبر وكلاء او حلفاء مع استمرار اميركا بقيادة المعارك المتنقلة والمتنوعة كمايسترو ومخطط لها وتحمل مسؤولية الحرب الاقتصادية مباشرة ودون قفازات وتحشيد العالم ضد الشعب الإيراني وليس الحكومة الإيرانية والقيادة او الحرس الثوري .

لقد استفادت اميركا من الحرب على ايران اقتصاديا عبر ابتزاز دول الخليج وملوكها وامرائها بتخويفهم من ايران فاشتغلت مصانعها العسكرية وتم تأجير جيشها كخبراء عسكريين يديرون منظومات الأسلحة المتطورة التي باعتها للخليجيين والتي لا يستطيع قادتها العسكريون المحليون إدارتها ثم باعت الوهم  بالحماية لهم، لكنها لم تكتشف او تحميهم من الطائرات اليمنية المسيّرة او الصواريخ البالستية او الكروز .

الحرب الأميركية – الإيرانية لن تتوقف وان كانت تتميز بالقتال عن بعد او بالهدنة غير المعلنة في بعض الأحيان او بالرسائل الباردة غير الساخنة من حين الى آخر، وآخرها الإفراج عن اللبناني- الأميركي المتهم بالتجسس لصالح اميركا مع اختيار الساحة اللبنانية كصندوق بريد مستحدث إضافة الى الصندوق البريدي القطري .

لقد جرّبت اميركا كل الوسائل لإسقاط الثورة من الحرب العراقية – الإيرانية الى منافقي خلق والفتن المذهبية الى الحرب الأمنية والحصار الإقتصادي ..وفشلت ، وكذلك فإن ايران لم تقف مكتوفة الأيدي بل صارعت اميركا ومشاريعها وحققت الكثير من الإنجازات سواء في العراق الذي استنقذته من فم التمساح الأميركي وبدل ان يكون عدوا صار حليفا مع الحشد الشعيبي ..وكذلك انتصرت ايران ومحور المقاومة في سوريا وقبلها في لبنان في العام 2006 .

إن الصراع الأميركي - الإيراني الذي اشعلته اميركا بثقاب سعودي في اليمن وعبر جولاته المستمرة منذ اكثر من أربعة أعوام فالنتيجة كانت لصالح المحور المقاوم حيث تم استنزاف السعودية من اميركا ماليا وانهاكها من قبل اليمنيين الشجعان والصابرين عسكريا ومعنويا..بحيث يمكن القول ان النجم السعودي بدأ بالأفول والسقوط ..!

ان الهدف الأميركي من الحرب على ايران إضافة للسيطرة عليها يتمثل بإعدام التجربة الإيرانية واتخاذها نموذجا يمكن التشبه به كدولة مستقلة متمردة على الفرعونية الأميركية وهذا ما بدأ يظهر في “فنزويللا” وبعض حركات المقاومة مما يهدد المستقبل الأميركي في العالم وكسر منظومة أميركا التي لا تقهر او اميركا التي يجب ان تطاع تماما، كما تم تكسير واعدام منظومة الجيش "الإسرائيلي" الذي "لا يقهر" وتداعياته السلبية على منظومة الردع النفسية التي كانت تعتمد عليها إسرائيل لردع الدول وحركات المقاومة.

الحرب الأميركية- الإيرانية لن تنتهي بل ستتوسع والأكثر خسارة هو الطرف الأميركي الذي يهان لعدم قدرته على حسم الأمور لصالحه وطول الفترة الزمنية بالإضافة الى اضطراره لتوظيف الوسطاء مثال اليابان او روسيا  او عمان او قطر وغيرهم من الوسطاء غير المعلنين مع ما يتسبب هذا الأمر من ضرر معنوي حيث يشعر الوسيط بضعف اميركا وقوة ايران مما يشجعهم على التملص من الأوامر الأميركية ومغادرة دائرة الخوف التي تمنعهم من اتخاذ القرار المستقل والوطني ويحد من الغطرسة الأميركية وتهديم الآحادية الأميركية في العالم .

الحرب الأميركية- الإيرانية مع كل الأثمان الباهظة التي تدفعها ايران وحلفائها لكنها ستكون في مصلحة ايران ومحور المقاومة لأن وعد الله حق (إن الأرض يرثها عبادي الصالحون....) .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل