أميركا وإيران .. الحرب المستدامة ـ د.نسيب حطيط

الجمعة 10 أيار , 2019 12:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

منذ اللحظات الأولى لإنتصار الثورة الإسلامية في ايران، بدأت اميركا حربها على الثورة بوسائل متعددة ومباشرة او غير مباشرة ،حيث لا زالت هذه الحرب مشتعلة منذ أربعين عاما ويمكن ان تستمر الى اكثر من ذلك ..

لقد شنّت اميركا حروبها اللأمنية ضد الثورة بالإغتيالات عبر منظمة مجاهدي خلق واشعلت حربها العسكرية ضد ايران بواسطة صدام حسين(الذي عادت اميركا وعاقبته بيديها ) بالنيابة عن اميركا وإسرائيل وعرب الخليج طوال عشر سنوات وكانت الثورة لا تزال في ايامها الأولى ولا يمكن نسيان غزوة "طبس" الأميركية الفاشلة .

انتقلت اميركا من المواجهة العسكرية المباشرة الى الحرب الاقتصادية والسياسية واطلقت على ايران صفة الإرهاب ومحور الشر وحاولت ولا تزال اعدام الشعب الإيراني بالعقوبات الاقتصادية والمالية والغذائية لترويض الثورة بعد الفشل في هزيمتها .

لكن في مراجعة تاريخية للصراع الأميركي- الإيراني بساحاته ومحاوره المتعددة يؤشر الى هزيمة الأميركيين بالنقاط في حربهم المفتوحة والمستمرة ضد الجمهورية الإسلامية وانه  خلافا" لما يظنه البعض، بان الحرب بين الدولتين هي حرب نفوذ ومصالح فقط ،بل هي في جوهرها حرب ترتكز على التناقض الإيديولوجي السياسي والإنساني بين الرأسمالية السلطوية المتوحشة بعقلية الكاوبوي -الأميركي  بما يسمى( السلطة للأقوى)حيث يتحول المسدس الى حكم قانوني وقاضيا" بالرصاص وبين أيديولوجيا دينية ترتكز على الإسلام مبنية على العدالة والإنسانية وحرية الرأي والتكافل الإنساني .

إن المواجهة البينية بدأت بالتوسع والتشدد بعد انهيار الإتحاد السوفياتي واندثار الثنائية القطبية في العالم وانفراد اميركا بالسلطة والقرار في العالم وتثبيت سلطة "القطب الواحد" الذي لا يقهر ويستطيع أن يقرّر عن الجميع بصفته "السيد العالمي" الذي يتعاطى مع الدول والشعوب والأشخاص على انهم "الهنود الحمر" الجدد المنتشرون في العالم ويمكنه القضاء عليهم كما قضى على الهنود الحمر في اميركا او كما استورد العبيد من افريقيا بالحديد والنار.

لقد استطاعت ايران ان تقوم بدور عالمي واقليمي بمواجهة اميركا عجزت عنه الدول العظمى مثل الصين وروسيا وحتى أوروبا واستطاعت مشاغلة الأميركي و"إسرائيل" في المنطقة وتعطيل مشاريعه في افغانستان والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان وتفويت الفرصة عليه في مرحلة النوم والسبات الروسي- الصيني وتضييع الفرصة الذهبية التي سنحت له حتى استيقاظ روسيا من نومها العميق الذي استمر لأكثر من عقدين .

تحاول اميركا معاقبة وتأديب ايران للأسباب التالية :

  • تحميل ايران إفشال واعاقة المشروع الأميركي في الربيع العربي.
  • تحميل ايران وحلفائها مسؤولية عرقلة "صفقة القرن" بعد تدجين العالم العربي والإسلامي وبعض الفلسطينيين.
  • فتح النوافذ لروسيا لإستعادة دورها في الشرق الوسط ولعب دور الشريك لأميركا.
  • تشجيع الدول والشعوب على التمرد على القرار الأميركي وعدم الإستسلام (فنزويلا -..)
  • تأسيس محور متعدد الأذرع على مستوى الدول والحركات الشعبية المقاومة الذي استنقذ العديد من الدول والشعوب من الإستعمار الإستعبادي الأميركي.
  • إظهار الإسلام الأصيل المتناقض مع الإسلام الأميركي – التكفيري- الوهابي او اسلام الأنظمة الطقوسي الفارغ والداعي لطاعة اميركا وتدجين الشعوب مما أدى لظهور أيديولوجيا مناقضة للإيديولوجيا الرأسمالية بعد سقوط الشيوعية ودولها.

ان جولات الصراع الأميركي- الإيراني حتى الآن كانت لصالح ايران وحلفائها مع عدم انكار الأثمان والخسائر الكبيرة التي تم دفعها على كل المستويات البشرية والمادية والإقتصادية. ولكن تم حصد النتائج الكبرى على مستوى الصمود والمواجهة واستقلالية القرار وبناء منظومات عسكرية وسياسية لحماية الثروات الوطنية وحرية الشعوب وكرامتها واستنزاف اميركا حلفائها وتصدّع بعضها على مستوى الكيانات والعائلات المالكة والإيديولوجيات المتشددة والتكفيرية وفضح التآمر التاريخي على فلسطين وأهلها وحركات المقاومة.

كما انتصرت المقاومة في لبنان وفجّرت مقولة الجيش الذي لا قهر. تستطيع ايران ان تفجّر منظومة السيدالأميركي الذي لا يقهر...وسيقهر بإذن الله .

10\5\2019

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل