​ فنزويلا .. أميركا والفشل الثاني ـ يونس عودة

الثلاثاء 07 أيار , 2019 10:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

ليس من سبب حتى لا يقر الاميركيون بفشلهم في لي ذراع الشرعية في فنزويلا، بعد فشل المرحلة الثانية من الانقلاب الذي خططوا له واشرفوا على تنفيذه خطوة خطوة، وهو ما اكدته اصلا الصحافة الاميركية بشقيها الشمالي والجنوبي.

لقد جاء الاعتراف بفشل الانقلاب بشكله العسكري على السنة ادوات اميركا، اكان  خوان غويدو الذي يلعب دور زعيم المعارضة، والذي نصبته واشنطن رئيسا على فنزويلا، او على لسان ليوبولد لوبيز، وهو الزعيم الفعلي للمعارضة واللاجئ الى سفارة اسبانيا بعد الافراج عنه من الاقامة الجبرية، وليس غوايدو سوى الظاهرة الصوتية التي تستخدمها واشنطن.

لقد توقع، سواء غوايدو او لوبيز بناء على معطيات اميركية ان تتحرك قطع واسعة من الجيش والشرطة والامن عند ساعة الصفر للانقضاض على السلطة واغتصابها، بينما الولايات المتحدة تهيء الوضع الدولي ودول الجوار للاعتراف بشرعية السلطة المغتصبة، واعتقد المحركون ان العملية ستكون سريعة مع الاخذ بعبر المحاولة الاولى للانقلاب، اذ فشلت عملية الترويع الخطابي عبر تظاهرات وتجمعات في اماكن متفرقة، ومصحوبة بحملة اعلامية - نفسية واسعة شارك فيها رؤساء دول في مقدمهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى كامل فريقه الامني والسياسي، فضلا عن الحصار الاقتصادي والحاق الضرر بشبكة الكهرباء كلها في فنزويلا كي ينتفض الشعب لمصالحه وهمومه، بمواجهة شرعية نيكولاس مادورو .

ان إفشال المحاولة الانقلابية التي اعتقد غوايدو ان اللقمة اصبحت في الفم، لم يكن ليحصل لولا ولاء الجيش بكل قطاعاته الى الشرعية البوليفارية المتمثلة بمادورو وحكومته رغم كل الاغراءات سواء المالية او المعنوية عبر المناصب والاعفاءات  وهو الامر الذي اقر به غوايدو ولوبيز، وكشفت معلومات خاصة ان التخطيط للامرجرى منذ شهر شباط الماضي، وشارك في التحضير ضباط متقاعدون يعيش بعضهم في الولايات المتحدة مارست ضغوط هائلة عليهم المخابرات الاميركية للاتصال بزملائهم الذين لا يزالون في الخدمة لاقناعهم بالتخلي عن مادورو، وتفيد معطيات ان الاميركيين هددوا هؤلاء بالتصفية واتهام حكومة مادورو بالامر اذا لم يستجيبوا لتنفيذ المطالب الاميركية. على ان يتم التركيز على التخلي عن مادورو واعلان الولاء لغوايدو .

لقد كان مادورو على اطلاع بكل حركة وكذلك وزير الدفاع واجهزة المخابرات ولا سيما محاولات الاختراق، مع البقاء في اعلى درجات الجهوزية، بينما كان الاميركيون واعوانهم يعتقدون ان الخطة سالكة وستعطي أكلها في اللحظة المطلوبة.

عشية التنفيذ قبل اسبوع مارست الولايات المتحدة والدول الدمى بيدها، والمحيطة بفنزويلا عملية  مخادعة لتنفيذ الانقلاب عبر الصمت عن إثارة اي موضوع يتعلق بفنزويلا، رغم انه لم يغب يوما عن اثارة الموضوع وربما بهدف دفع الحكومة الشرعية الى الاسترخاء ولاسيما القوى الامنية، لا سيما مع دعوات الحكومة البوليفارية المستمرة الى الحوار والحفاظ على استقرار البلاد.

لقد فشل الانقلاب، لا بل ان العدد المشارك كان هزيلا الى درجة فاجأت كل المراقبين، ونزل مادورو الى الشارع يحيطه كبار العسكريين وفي المقدمة وزير الدفاع، كمؤشر على ولاء المؤسسة العسكرية ووحدتها، فلجأ الزعيم الفعلي ليبولد لوبيزالذي يحمل الجنسية الاسبانية مثل والده الذي يعيش في اسبانيا، الى السفارة الاسبانية  بعد ان رفضته السفارة التشيلية، واقر خوان غوايدو ان رهاناته لم تكن في محلها، لتأتي الصفعة الاكبر بعد خمسة ايام بحيث لم يتجاوب الشارع الى دعوة التظاهر في محاولة لاستيعاب فشل الانقلاب.

على المستوى السياسي بادر الرئيس الاميركي دونالد ترامب بعد أن لمس تماسك الجيش الذي كان يعول عليه في انجاح الانقلاب،والتفاف الجيش  حول مادورو،الى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحادثه على مدى ساعة ونصف تركز معظمها على الوضع الفنزويلي، فيما كان مستشاره الموتور جون بولتون ووزير خارجيته يندبان الحظ ويحملان روسيا المسؤولية عن إفشال الخطة الاميركية، لا بل ان بولتون قال بوقاحته المعهودة "ان اميركا الشمالية خاصتنا ولن نسمح للنفوذ الروسي فيها، وكأنها ارض طوبها مثل غيره من الغزاة الاوائل لاميركا وابادوا الحضارات التي كانت قائمة.

لقد كانت اللطمة قوية، فالبوليفاريون تمكنوا من استدراج المتأمرين ومعهم الولايات المتحدة الى ساعة الصفر، والدليل ان بولتون توجه الى وزير الدفاع الفنزويلي ورئيس المحكمة العليا وقائد الحرس الوطني مطالبا اياهم بتنفيذ الاتفاق بالتخلي عن مادورو رغم قناعته انه أكل الطعم وعلق في الصنارة. واللافت ان "واشنطن بوست" استخفت بالمعارضة الفنزويلية كما بالادارة الاميركية بعد الفشل المدوي في الانقلاب مع السخرية، واشارت الى ان المعارضة التي فشلت تنتظر من واشنطن الخطوة التالية لتعرف ماذا عليها.

واستكمالا للمسار السياسي بعد فشل الانقلاب اصر وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو على لقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث الوضع في فنزويلا رغم ان عنتريات بومبيو الكلامية وصلت عشية اللقاء الى المطالبة بلهجة حادة  "نريد خروج الروس والكوبيين والايرانييبن من فنزويلا "، لكن تصريح لافروف بعد اللقاء يعكس "المحادثات البناءة والجيدة جدا" وعلق لافروف على تصريحات بومبيو العنترية لدى سؤاله عنها بالقول: لم نركز على تصريحات تصدر في الفضاء العلني،لانها غالبا تخضع لتأثير وواقع لا علاقة له بالسياسة الحقيقية التي حاولنا التركيز عليها ونجحنا في ذلك .

ان هذه اللغة تعني ببساطة ان فنزويلا نجت من الويلات التي اعدتها الولايات المتحدة، اذا صدقت وعود بومبيو وترامب، او ان واشنطن تخادع لرد الصفعة.. والايام الاتية ستكون فيصلا


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل