لبنان يصارع .. "صفقة القرن" ـ عدنان الساحلي

الجمعة 26 نيسان , 2019 10:00 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

يتعرض لبنان لشتى أنواع الضغوط والتهديدات لإجباره على الأنضواء تحت لواء "صفقة القرن" التي تخطط الإدارة الأميركية لإعلانها بعد شهر رمضان المبارك، حسب ما أعلن صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، جاريد كوشنر. وتتراوح هذه الضغوط بين تهديدات أمنية وحملة شائعات حربية وبين حملة إقتصادية خارجية، تتناغم معها قوى داخلية عرف عنها إنقيادها للمشاريع الأميركية في المنطقة.

وحسب ما نقل عن مساعد وزير الخارجية الأميركية، السفير الأسبق في لبنان، ديفيد ساترفيلد، فإن الأميركيين يضغطون على لبنان للتشارك مع كيان العدو في مشروع طرحته اليونان، لإقامة أنبوب لتصدير الغاز إلى أوروبا يمر بشواطئها بالاشتراك مع قبرص و"إسرائيل". في موازات تشكيل "منتدى غاز شرق المتوسط"، الذي يضم مصر، "إسرائيل"، قبرص، اليونان، إيطاليا، الأردن وفلسطين. ويرفض لبنان الإنضمام إليه بفعل وجود الكيان العبري.    

كذلك يضغط المسؤولون ألأميركيون لقبول لبنان ب"خط هوف" (نسبة إلى الوسيط الأميركي فريدريك هوف)، الذي يعترف بحق لبنان بإستثمار زهاء 60 في المائة من المنطقة المتنازع عليها، على أن تبقى المساحة المتبقية معلقة تمتنع "إسرائيل" عن التنقيب فيها، في انتظار التفاوض بين الدولتين على الحدود البحرية. إلا أن الجانب اللبناني أبلغ المسؤولين الأميركيين عدم قبوله بهذه الصيغة لأنها تعني تنازله عن 360 كيلومتراً مربعاً من مساحته البحرية.

ولا تقل خطورة عن ذلك، عودة الأميركي مجدداً، إلى ربط عودة النازحين السوريين إلى بلدهم بالحل السياسي فيها. توازياً مع إسقاط حق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم المغتصبة، فيكون لبنان أمام مشروعين توطينيين أميركيين: توطين النازحين الفلسطينيين فيه وكذلك السوريين. في تأكيد أميركي متجدد بأن الولايات المتحدة الأميركية تتبنى بالكامل مطامع الكيان الصهيوني التوسعية؛ ولا تقيم أي اعتبار لأي دولة أخرى في المنطقة، خصوصاُ أن الرئيس الأميركي يعمل جاهداً لإلغاء تقديمات وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، لنزع صفة اللاجىء عن الفلسطيني.

ولا يمر يوم إلا وتقوم وسائل إعلام خليجية محسوبة على الأميركيين، بنشر تسريبات عن حرب سيتعرض لها لبنان هنا، أو إفلاس مالي يتهدده هناك، في حين تتولى جوقة داخلية التهويل على اللبنانيين بأن إقتصادهم على شفير الإنهيار، كل ذلك للإمعان في سياسة نهب المال اللبناني العام وبيع قطاعاته الخدماتية ، إنسجاماً مع سياسة الإقتصاد الريعي التي فرضتها الحريرية السياسية منذ حوالى ثلاثة عقود، فحولت البلد من مستقر إقتصادياً، إلى بلد ينوء تحت دين يفوق طاقته. كل ذلك لإجبار لبنان على السير في ركاب الدول العربية، التي أدارت الظهر لقضية فلسطين وشعبها، وأقامت في السر أو العلن علاقات مع العدو الصهيوني، مستبدلة العداء معه بالعداء لكل من يعاديه ويحاربه، أي محور المقاومة.

ويبدو التكامل جلياً بين الضغوطات الأميركية والحرب الإقتصادية التي تشنها الأخيرة على لبنان، بحجة حصار المقاومة، وبين إصرار رئيس الحكومة سعد الحريري وشركائه في السلطة، على مراكمة الديون على لبنان، في مؤتمرات متسلسلة، أخرها مؤتمر "سيدر" الذي يقدم ديوناً وليس هباتاً، يفرض معها شروطاً تتراوح بين بيع القطاع العام وبين توطين النازحين السوريين وتشغيلهم في المشروعات التي ستمولها تلك القرو  ض. وسط تهديد أصحاب السلطة، تارة بوقف رواتب موظفي الدولة، وطوراً بالمضاربة على الليرة اللبنانية، مثلما حدث عند إسقاط حكومة الرئيس الراحل عمر كرامي وجيء برفيق الحريري رئيساً للحكومة للمرة الأولى، فبدأ بالإستدانة بحجة أن دول النفط العربية ستسددها عن لبنان عندما ينفذ "مشروع السلام" مع كيان العدو. والأمر نفسه يتكرر حالياً، عبر الإيغال في إغراق البلد بالديون لدفعه إلى الإنخراط في "صفقة القرن".

لقد بات واضحاً أن كل من يواصل إغراق لبنان في المديونية، كل من يضع إقتصاد لبنان أمام حائط مسدود، كل من يهدد اللبنانيين في لقمة عيشهم، كل من يريد تحميل الفقراء ومحدودي الدخل وزر الأزمة الإقتصادية، كل من يعمل على بيع القطاع العام ؛ وكذلك كل من يروج لمشاريع التوطين، هو متورط في المشروع الأميركي-"الإسرائيلي" القديم –الجديد المسمى "صفقة القرن". وسيكون اللبنانيون له بالمرصاد حماية لوطنهم ولحقهم في العيش بكرامة وحفظاً لحقوق لبنان والعرب في كل شبر إغتصبه العدو الصهيوني.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل