هل يحترق السودان وفق النموذج الليبي؟ ـ د.نسيب حطيط

الجمعة 19 نيسان , 2019 10:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

فجأة وبدون مقدمات تم اسقاط الرئيس السوداني "عمر البشير" في عملية انقلابية يشوبها الغموض والريبة وهوية الجهة التي أشرفت على التنفيذ بالإضافة للغموض الذي يتعلق بمصير الرئيس البشير او أعمدة النظام الحاكم وكأن النظام كان مختصرا بالبشير فقط؟

لم يبرز أي دور للأحزاب والشحصيات السودانية التاريخية بل اقتصر الموضوع حتى اللحظة بالقيادة العسكرية والتي تميزت بالتخبط والإرتباك وعدم وضوح الرؤيا لمستقبل السودان السياسي والإقتصادي بل الأسوأ عدم وجود مخطط لإدارة الفترة الإنتقالية وتسليم السلطة للسياسيين والمجتمع المدني الذي تظاهر واحتل الشارع منذ أسابيع.

ما يثير القلق والإستغراب في المشهد السوداني امرين لا بد من تسليط الضوء عليهما يتمثلان بما يلي:

  • عدم ظهور جهة إقليمية او دولية واضحة تدير الإنقلاب او العملية السياسية بل محاولات لعدة دول خليجية خاصة بمحاولة اقتحام المشهد السوداني ومحاولة اصطياده ماليا عبر الرشوة او المكرمات الملكية والأميرية.
  • لم يشفع للرئيس السوداني تنازلاته الكبرى وانخراطه في المشروع الأميركي ضد محور المقاومة فتحت سلطته تم تقسيم السودان وولدت دولة جنوب السودان من رحم السودان الكبرى وتحت سلطته تم سد المنافذ امام المساعدات الإيرانية الاقتصادية والصناعية والإجتماعية وتحت سلطته تم اغلاق طرق تهريب الأسلحة للمقاومة الفلسطينية في غزة .. وتم تتويج تنازلاته وتنفيذ الأوامر الأميركية المباشرة وغير المباشرة  بإرسال الجنود السودانيين الى حرب اليمن لمقاتلة الشعب اليمني في وطنه مقابل دراهم معدودة ووعد سعودي بإبقاء البشير في السلطة!

نام الرئيس المخلوع "عمر البشير" على الضمانات الخليجية والأميركية واستيقظ على الغدر ممن تعهد له بالحماية وفق ظواهر الأمور .. لكن نسأل .. هل ما حصل كان انقلابا "حقيقيا"؟

هل ان الإنقلاب مسرحية بين البشير ومن انقلب عليه لإمتصاص الإنتفاضة الشعبية؟

هل سيوضع السودان على طريق المحرقة الليبية المستمرة منذ سبع سنوات؟

هل سيكون دور ووظيفة الإنقلاب متابعة تقسيم السودان وتجزئته ضمن المشروع الأميركي الشامل؟

هل سيكون السودان قاعدة أميركية ــ صهيونية في قلب افريقيا للسيطرة على القارة الإفريقية ضمن المشروع الأميركي؟

أسئلة كثيرة يطرحها الحدث السوداني .لكنها تثير القلق حول مصير السودان وامن وإستقراره ويضع الشعب السوداني على مائدة الأدوات ألأميركية دول المال والنفط ويعرّضه للإستباحة المستدامة.

ان الشمال الإفريقي قد وضع على نار ساخنة في الجزائر وليبيا وتونس والسودان ضمن المرحلة الثانية من عاصفة الربيع الأميركي في العالم العربي والإسلامي مما يضع شعوبنا اما عشرية ثالثة سوداء تدمر كل ما تم بناؤه وتصرف كل ما أنتجته ابار النفط وتبيد استقرار الأوطان والأسوأ انها فجّرت كل الأفكار القومية والدينية والوطنية حتى القبلية لمحو هوية الأمة وضمان عدم النهوض ثانية قبل عشرات السنين في الوقت الذي يكون المشروع الأميركي يتوسع ويثبت قواعده في المنطقة.

ماذا استفاد الرئيس البشير من تركه لمحور المقاومة والإنحياز الى محور الغدر والمصالح والإبتزاز؟

هو لم يضمن حريته ا ولا كرامته ولا وحدة أراضي السودان وسلك ذات الطريق الذي سلكها اقرانه من الرؤساء والملوك من الرئيس مبارك ومعمر القذافي وزين العابدين علي وعلي عبد الله صالح وشاه ايران وامير قطر واللائحة تطول ولن تتوقف... لكن الأغبياء الذين صدّقوا اميركا واستهلكتهم وسرقت أموالهم وكرامتهم مقابل التعهد بالحماية تركتهم على ارصفة الإهانة والذل ولم تأبه لمصيرهم المرذول ونهايتهم السيئة ومع ذلك لا يزال البعض مستمرا: بعبوديته ولن يستيقظ ابدا"!

تجربة السودان الأخيرة تدق جرس الإنذار للبعض الذين يراهنون على اميركا للإنتباه الى نهايتهم السيئة وتجربة السودان تؤكد على صوابية خيار المقاومة الذي يحفظ الأطان والكرامات ويمنح المنتمين اليه العزة والكرامة مهما بلغت الأثمان والتضحيات.

 

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل