الاحتجاجات السودانية تطيح بالبشير لكنها لا تتوقف حتى لا يتكرر بنسخة أخرى ـ أحمد زين الدين

الخميس 11 نيسان , 2019 12:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

بصرف النظر عن المآل التي سترسو عليه التطورات السودانية، فإن النهاية التي وصل الرئيس عمر حسن البشير، كانت متوقعة، بسبب كثرة لعبه على الحبال، والتي توجها بانخراطه في في الحرب السعودية على اليمن، التي أزهقت أرواح المئات من جنود الجيش السوداني، الذين كانوا يزجون في المعارك العبثية التي يخوضها التحالف السعودي في البلد الفقير، والصعب الذي عجزت قوى كبرى عن احتلاله.

مرحلة حكم البشير على مدى 30 عاماً للسودان، تميزت بتقلباته السياسية البهلوانية، التي فرطت بوحدة السودان، وأدت إلى انفصال الجنوب، وهو ما جعل الولايات المتحدة تتغاضى عن البشير الذي كان مطلوباً أمام "الجنائية الدولية".

اما انخراط البشير في الحرب العدوانية على اليمن، فقد كان له الثمن الذي قبضه وكشف فيه عن حقيقة دوره وتوجهه، باعلانه أن مشاركة السودان في هذه الحرب القذرة هو بهدف "تحقيق النصر وهزيمة المشروع الايراني"، علماً أن طهران كانت قد قدمت له مساعدات كبرى في شتى المجالات التنموية والاقتصادية والعسكرية، لكنه انقلب على كل ذلك، مضحياً بالجنود السودانيين في هذه الحرب العبثية على اليمن الفقير، وهو ما زاد الغضب الشعبي على البشير ووصل صداه إلى البرلمان السوداني حيث تصاعدت المطالبات لسحب القوات السودانية التي   تتشكل من آلاف جنود المشاة، كانوا يشكلون متاريس حقيقية للقوات السعودية، وربما لهذا السبب قتل المئات من السودانيين وبعضهم لم يتم أخبار عائلاتهم عن مصيرهم المأساوي.

تقلبات البشير تشبه إلى حد كبير بهلوانيات جعفر النميري الذي وصل به الأمر إلى قبض مبالغ كبرى من الدولة العبرية لتهريب اليهود الفالاشا، إلى فلسطين المحتلة، ولكن مصيره في النهاية كان نهاية حكمه وفراره مرذولاً ليموت في مصر.

وما زاد الطين السوداني بلة هو اقدام حكم البشير، على رفع اسعار الخبز والمحروقات وزيادة الضرائب على الشعب السوداني الذي انتفض ضد الحكم الجائر منذ شهر كانون الأول 2018 مصراً على وضع نقطة النهاية لهذا الحكم الجائر.

هل ستتوقف حركة الشعب السوداني بعد نهاية عمر حسن البشير؟

من الملاحظ أن الحركة الاحتجاجية السودانية التي وصلت إلى تطويق مقر وزارة الدفاع السودانية ومقرات القيادات العسكرية، أنها تأتي تلبية لنقابات المهن الحرة وخصوصاً نقابات المحامين والمهندسين والأطباء، وقوى ديمقراطية وثورية وشعبية وطلابية،   تصر على عودة الحياة الديمقراطية إلى هذا البلد الغني بثرواته، والتي لم يتم كشفها واستغلالها بشكل أمثل لصالح الشعب السوداني الفقير، ولهذا مع اتضاح أن البشير صار معزولاً في ظل تمرد عسكري في أكثر من موقع ومكان، كان التحرك على مستوى الجيش والقوات المسلحة السودانية لإنهاء سلطة البشير، لكن ذلك لم يحل دون استمرار الحراك الشعبي الواسع، حيث توسع الاعتصام الشعبي أمام مقر وزارة الدفاع في وسط العاصمة الخرطوم، حتى لا يكون هناك مجلس عسكري "انتقالي" يدوم ويجدد بشكل أو بآخر حكم البشير بنسخة ثانية، فالمهمة الأساسية هي التحول نحو ديمقراطية حقيقية، سبق للسودان أن مارسها بعكس كثير من الدول العربية، علماً أن القوى الأمنية السودانية كانوا قد مارسوا شتى انواع الضغوط والقمع منذ عدة أيام لفض الاعتصامات الشعبية الحاشدة التي تطالب برحيل البشير، بيد أن العشرات وربما المئات من ضباط الجيش السوداني انضموا إلى جانب المحتجين المطالبين برحيل البشير، ومنعوا القوى الأمنية من ارتكاب مالا تحمد عقباه، وحالوا دون نجاح دعوة البشير لاعتصامات مضادة قد تقود إلى حرب أهلية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل