الرئيس ميشال عون: لوجوب اتخاذ موقف عربي موحّد تجاه الصراع العربي ـ "الإسرائيلي"

الأحد 07 نيسان , 2019 10:14 توقيت بيروت لـبـــــــنـان

الثبات ـ لبنان

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن أفق الصراع العربي الصهيوني يعود الى مدى القدرة على توحيد كلمة العرب، مكررًا الدعوة الى وجوب اتخاذ موقف عربي موحد تجاه هذا الامر، او على الاقل التنسيق حول قضية فلسطين والقدس.

ورداً على سؤال حول بدء العرب مفاوضات مع الكيان الصهيوني بالسر والعلن، اجاب الرئيس عون انه يمكنه التحدث في ما يخص لبنان، معتبرًا من جهة اخرى انه ليس من المقبول تلّقي ضربتين على معالم الاسلام والمسيحية والاراضي المقدسة في القدس، وسط صمت الجميع.

مواقف رئيس الجمهورية جاءت في خلال مقابلة اجراها معه التلفزيون التونسي لمناسبة وجوده في تونس لحضور القمة العربية الاخيرة، وبّثت اليوم، حيث أكد أن العلاقة بين تونس ولبنان قوية وقائمة على قيم مشتركة تحترم حرية المعتقد وحق الاختلاف وليس الخلاف، وحرية الرأي وفق ما تنص عليه الاصول الديمقراطية.

واعرب عن سروره لزيارة هذا البلد للمرة الثانية بعد زيارته الاولى له في اواخر الثمانينات خلال انعقاد اللجنة السداسية التي شكّلت لمعالجة ازمة لبنان ولم تنجح في سعيها بعد تدخل اياد اجنبية. وشدد على ان اوجه التشابه بين البلدين عديدة ومنها القدرة على التخلص من آثار الحرب، والوعي الذي تميّز به التونسيون من خلال تسليم المعارضة بالديمقراطية رغم الصعوبات والنكسات، الا ان تونس بقيت على الطريق القويم.

واستذكر الرئيس عون المكانة الخاصة التي للبنان لدى الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، وتفاعل اللبنانيين معه في هذا المجال. واعاد الى الاذهان ما كان قاله الرئيس الراحل حول الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي وضرورة اعتماد مبدأ "خذ وطالب"، اذ نصح الفلسطينيين عند التفاوض مع الاسرائيليين ان يأخذوا ما يمكنهم اخذه وان يطالبوا بعدها بالباقي، "وهي نصيحة غاية في الاهمية، ولكن من الصعب الاخذ بها اليوم لاننا خسرنا كل شيء. فقد ضاعت القدس، وها ان الجولان ايضاً يضيع،" معربا عن خشيته من ان يأتي الدور على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيتين، "لأننا نعيش اليوم في حال قرار ظنّي".

وقد شدد فيها على اهمية عدم اليأس، وقال: "انني ادعو دوماً الى عدم اليأس، وعلينا التفكير جيداً بالغد"، داعيا الدول العربية "الى توحيد القرار الصالح الذي بامكانه ان يشكّل لنا مساراً، بعدما كنا اقتربنا مسافة جيدة تجاه السلام على إثر المبادرة العربية للسلام التي قدّمها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز في بيروت عام 2002، وقوامها الارض مقابل السلام"، محذرا في الوقت عينه من انّه اذا لم تعد الارض موجودة، من الطبيعي ان يُفقد السلام ايضاً، لان الارض والسلام وحدة لا تتجزأ".

 

الوضع في سوريا

وفي ما يتعلق بالصراع في سوريا، اشار رئيس الجمهورية الى انه يدعو دائماً الى السلام، "لذلك يجب اولاً ان تتوقف الحرب، وان تتم العودة الى الحوار، الذي من شأنه ان يساهم في احترام المصالح المشتركة للدول، معتبرا ان اسباب معظم الحروب اقتصادية مع نزعة الى سيطرة طرف على آخر، انما الاهم العمل على وقفها.

وردا على سؤال آخر حول الجرح السوري، قال انه من ابلغ الجراح، " ذلك ان سوريا كانت توصف بأنها قلب العرب النابض، فماذا فعلنا بهذا القلب؟"، مشيرا الى ان في سوريا نظام حكم وشعب، "فإذا كنت ضد النظام، لا يمكنك قتل الشعب"، معتبرا ان الشعب السوري هو الضحية.

وحين سئل عن تاريخه مع سوريا، وخصوصاً صراعه معها فيما يبحث اليوم عن سلام لسوريا وشعبها، وعن علاقته بأخصامه اللبنانيين وتغيّر المواقف بعد عودته الى لبنان، قال الرئيس عون: "لقد تعرضت لثلاث محاولات اغتيال فاشلة، وعرفت من حاول اغتيالي. وعندما عدت من منفاي في فرنسا، التقيت بهم ولم اشعر بأي كراهية تجاههم، وعلاقتي باتت طبيعية معهم، وباتوا جزءاً من الحكومة."

 

الربيع العربي والتجربة اللبنانية

وعن قوله سابقاً ان ما سمّي بـ"الربيع العربي" هو اقرب الى "الجهنم العربي"، اوضح الرئيس عون ان هذه التسمية تليق بما حصل بعد الاحداث التي شهدتها سوريا وليبيا واليمن، حتى ان مصر لا تزال تعاني من تداعيات الارهاب. وقال: "لقد عانينا في لبنان من تجارب الاحداث التي شهدناها في سبعينيات القرن الماضي، وادركنا اننا خسرنا الكثير وتسامحنا مع بعض. لكن اثر الجراح في المجتمع اللبناني بقيت، وقد علمنا كيفية السيطرة عليها. لذلك، حافظ لبنان خلال الحروب التي اندلعت حوله اخيراً، على الاستقرار والسلم الداخلي على الرغم من الانقسام السياسي، لأنّ وحدة الوطن كانت مصانة."

واشار الرئيس عون الى "اننا في لبنان توصلنا الى التوافق على مبدأ ان من ينتصر او يخسر في رهانه السياسي سيبقى في هذا الوطن ومن الافضل له ان يكون مزدهراً، وعليه لا لزوم للاختلاف والحاق الضرر بالوطن".

ورداً على سؤال حول طيّ صفحة الخلاف التي كانت قائمة بينه وبين فرقاء آخرين، ورسالته في هذا الخصوص الى العرب، اعتبر رئيس الجمهورية "ان الاختلاف شيء والعداوة شيء آخر". وقال: "مهما اشتدت النزاعات بين العرب، فإنها يجب ان تبقى ضمن خانة الخلاف، ولا بد للجميع ان يعي ان اي خسارة لأحد منهم فإنها تطاول الجميع".

 

نتائج القمة العربية

وتطرق الرئيس عون الى مقررات القمة العربية في تونس، معربا عن اعتقاده بأنها تحمل واقعا جديدا، "لا سيّما بعد تلقي صدمتين قويتين في القدس والجولان ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانيتين. فصدمة القدس تنال من العرب والمسلمين في العالم اجمع، والثانية تصيب بلدين معاً هما لبنان وسوريا، واذا لا نملك الوعي اللازم لهذه القضية ونتائجها، فهناك الكارثة."

 

دور لبنان

وسئل رئيس الجمهورية عن كلامه في روسيا من "ان لبنان يمثل العقل بالنسبة للعرب والعاطفة بالنسبة للغرب"، فأوضح "أنه غالباً ما كان يقال ان لبنان هو مفتاح الشرق. وانا بحكم اقامتي في اوروبا ايضاً، قلت عن لبنان انه قلب للغرب وعقل للشرق. ذلك اننا في لبنان اخذنا من العقلانية الاوروبية واعطيناها من عاطفتنا الشرقية، والتوازن ضروري بين هذين العاملين. والانتشار اللبناني موزّع ما بين القطبين الشمالي والجنوبي، وعدده اكبر بكثير من عدد السكان المقيمين في لبنان."

وسئل رئيس الجمهورية عن قدرة لبنان على المحافظة على تقدمه في المجالات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية على الرغم من كل التحديات، فأجاب: "من الناحية الثقافية، هناك تعدد جامعات من عربية واميركية وفرنسية. ومن الناحية الاقتصادية، فإننا عايشنا ثلاث ازمات كبرى: الركود العالمي، والحروب في المنطقة التي عملت على تطويقنا بالنار والحديد وهي كانت صعبة جداً، اضافة الى ازمة النازحين السوريين الذين بات عددهم في لبنان اكثر من مليون ونصف المليون فيما لم يقبل الاوروبيون بضعة آلاف منهم. ونحن نحاول مع الدول الصديقة والشقيقة اعادتهم الى سوريا في ظل الاجواء الآمنة في كل المحافظات السورية ما عدا ادلب. وحتى المنطقة الواقعة شرق الفرات التي تشكو بعض الدول الغربية من عدم الاستقرار فيها، فهي تشهد تواجداً اميركياً لحفظ الامن فيها." وتابع: "منذ اسبوعين تقريباً، زارنا وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، ويبدو انه بات مقتنعاً بوجوب عودة النازحين، وهو ما قاله في شهادته امام الكونغرس الاميركي."

وسئل الرئيس عون عمّا اذا كانت فرنسا لا تزال صديقة للبنان، فأكد انها لا تزال كذلك، "انما في ميزان القوة الدولية، فإنه ليس في استطاعة فرنسا ان تكون في مستوى قوة الولايات المتحدة وروسيا، اللتين بات رأيهما الاكثر ترجيحاً."

وعن علاقته بالرئيس الاميركي دونالد ترامب، قال رئيس الجمهورية انه لم يتعرّف عليه بعد.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل