الجزائر تبدأ مرحلة ما بعد بوتفليقة ـ محمد دياب

الأربعاء 03 نيسان , 2019 11:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

طوت الجزائر صفحة من سجلها السياسي باستقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من منصبه بعد 20 عاما من الحكم، وفر فيها استقراراً للجزائر بعد سنوات من حالة اللا استقرار، بدأت مع الرئيس الثالث للجزائر الشاذلي بن جديد الذي لم ينوع الاقتصاد الجزائري الذي بقي مستنداً بشكلٍ شبه كامل على النفط، ما جعله رهن تقلبات السوق العالمية على مدى فترات طويلة.

ومع الانهيارِ الشديد لأسعار النفط عام 1986، تأثر الاقتصاد الجزائري بشكلٍ محسوس، وهو ما عبَّرت عنه احتجاجات اجتماعية عارمة خرجت في الخامس من  تشرين الثاني 1988، وتركزت في الجزائر العاصمة وعنابة ووهران وقسطنطينة وتيزي وزو.

استغَل بن جديد الأحداث لضربِ خصومه، فألقى خطابا شديد اللهجة انتقد فيه بشدة ما سماه جمود الحياة السياسية والنقابية وتأثير ذلك على الوضع الاجتماعي، لَيخلص إلى أن الحل هو بالتعددية السياسية.

أقرت التعددية السياسية بموجب دستور 1989، وبدا جليا أن بن جديد ورئيس وزرائه مولود حمروش، جادان في القطيعة مع سياسة الحزب الواحد، وفي ضخ دماء جديدة في الحياة السياسية الجزائرية.

نُظمت أول انتخابات تشريعية تعددية أواخر عام 1991، لكنَّ الجيش رفضَ حكم صناديق الاقتراع وألغى نتائج الانتخابات وأعلن حالة الطوارئ.

وفي خضم ذلك، استقالَ الشاذلي بن جديد في 11  كانون الثاني 1992 لتدخل البلاد مرحلة دموية من تاريخها عُرفت بالعشرية الحمراء، ويُقدَّر أن نحو ربع مليون جزائري سقطوا في موجة العنف هذه، خصوصا في ظل تصاعد موجات اعمال الإرهاب التكفيري .

إذاً عرفت الجزائر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي حتى نهايتها مرحلة من العنف واللا استقرار، كانت بداية نهايتها مع تولي الشخصية التاريخية عبد العزيز بوتفليقة رئاسة الجزائر، وهو الذي كان مقرباً من الرئيس هواري بومدين ووزير خارجيته. 

مع تعرضه لجلطة دماغية في 2013، بدأت دائرة الأوفياء الواسعة حول بوتفليقة بالتقلص، واخيراً بدأ مقربون منه، وعلى رأسهم رئيس أركان الجيش المخلص له الفريق أحمد قايد صالح، يطالبونه بمغادرة السلطة.

 وكان الرئيس بوتفليقة بعد انتخابه رئيساً للدولة في عام 1999، عمل تدريجياً على التحرر من وصاية المؤسسة العسكرية التي أوصلته، في عام 2004، فاختار اللواء أحمد قايد صالح رئيساً لأركان الجيش ثم رقاه إلى رتبة فريق، ولا يزال في منصبه بعد 15 سنة، وهو رقم قياسي في هذا المنصب.

وخدم رئيس الأركان رئيس الدولة بأمانة، من خلال إخضاع الجيش للسلطة المدنية وليس العكس كما كان الوضع سابقا، ومساعدته في تفكيك جهاز الاستخبارات القوي المتمثل في دائرة الاستعلام والأمن.

وأصبح الجنرال قايد صالح، أحد أقوى الفاعلين في النظام بعد مرض الرئيس، لكنه دخل في صراع مع شقيق الرئيس الأصغر سعيد بوتفليقة في السنوات الأخيرة.

وبعد تحذيرات شديدة اللهجة للمتظاهرين، خفف الجنرال صالح تدريجياً من خطابه وصولاً إلى التخلي عن رئيس الدولة. في 26 آذار، ثم صدر عنه الإعلان المفاجأة الذي دعا إلى إعلان عجز الرئيس عن ممارسة مهامه بسبب مرضه، ثم طالب بـ"تطبيق فوري للحل الدستوري" الذي يؤدي إلى عزله، قبل ساعات من إبلاغ بوتفليقة المجلس الدستوري باستقالته، كما ان التجمع الوطني الديمقراطي وجزء من جبهة التحرير تخليا عن الرئيس..".

الجزائر إذاً أمام مرحلة حساسة جداً، ودقيقة داخلياً وإقليمياً ودولياً، علماً بأن بلد المليون شهيد كانت ولا تزال أحد اهداف اكذوبة " الربيع العربي ".

حمى الله الجزائر


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل