​فنزويلا صراع الكبار ـ يونس عودة

الثلاثاء 02 نيسان , 2019 09:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم يكن من الصعب الاستشراف بأن الازمة في فنزويلا ستتحول الى ازمة دولية، في ضؤ الرعونة الاميركية بالعمل الواضح على محاولة اسقاط الحكومة البوليفارية والرئيس نيكولاس مادورو للخلاص من التمرد المتنامي في اميركا اللاتينية ضد السياسة الاميركية، على ان تكون فنزويلا الزاخرة بالخيرات والقوة درسا لبقية الدول الرافضة للانصياع الى الرغبات الاستعمارية الاميركية.

لم يتوقع الاميركيون ان يصمد نظام مادورو في مواجهة الترويع الاعلامي   والتحريض الدولي بما في ذلك الاتحاد الاوروبي المقرون بجرائم على الارض ضحاياها انصار الرئيس، الذي قبل التحدي حتى النهاية، ورفض تسليم فنزويلا الى غزاة عبر ادوات محلية جرت تربيتهم على ايدي الاستخبارات الاميركية وبالاخص زعيم المعارضة خوان غوايدو.

لم يدر في خلد الاميركيين ان روسيا التي كانت تراقب الوضع بدقة،وابراز الموقف من ضمن الموثيق والقوانين الدولية، ان تنخرط في التحدي الى اعلى درجة ممكنة، وراهنت واشنطن خاطئة بان الروس سيتراجعون عن المواقف الاعتيادية، بموازاة مراهنتها، على ان الجيش سوف يتمرد ويطيح مادورو، الا ان الروس تقدموا بدل التراجع، واعلنوا الاستعداد للدفاع عن فنزويلا وترجموا ذلك فورا  عبر ارسال 99 خبيرا عسكريا على متن طائرتين عسكريتين مع حمولة 35 طنا لزوم العمل سيما ان المسؤولين الاميركيين لم يسقطوا خيارالغزو العسكري عن الطاولة.

ان الخطوة الروسية اعتبرها الاميركيون "تصعيدا متهورا"، ودعا الرئيس الاميركي دونالد ترامب روسيا للخروج من فنزويلا مع تكرار ان كل الاساليب مقبولة بما فيها الخيار العسكري لاخراج الروس، بالتوازي مع اقرار الكونغرس بالاجماع وفي اقل من 40 دقيقة مشروع قانون يهدف الى ابطال النفوذ الروسي.

لقد قابل الجيش الفنزويلي التهديد الاميركي بتفعيل منظومات "اس 300" المعدلة التي تضاهي قدراتها "اس400"، ورصدت الاقمار الصناعية الاميركية ان الصواريخ في وضعية قتالية، كما ان اقدام الدولة الفنزويلية على خطوة قضائية قانونية لها بعد سياسي هام تمثلت باتهام الدمية الاميركية - زعيم المعارضة خوان غوايدو بالخيانة وتجريده من منصبه كرئيس لمجلس النواب واصدار قرار بمنع توليه اي منصب رسمي طوال 15 عاما، وكذلك مداهمة منزل مساعده زاعتقاله بتهمة تهديد امن البلاد. فاجأت الاميركيين، الذين لم يعد امامهم الا الطلب من روسيا حوارا ينتج تفاهما ما، وقد سرب الاميركيون عن لسان رئيسهم ترامب انه يريد مناقشة الوضع مع بوتين ومع نظيره الصيني، الا ان الكرملين اعلن انه يتلق طلبا من ترامب بذلك.

ان الارباك الاميركي الناجم عن خطوة التحدي الروسية جعل الادارة الاميركية تغرق في فشل اخر، لذلك  لجأوا الى عملياتهم المعتادة في الاستعانة بمرتزقة للتخريب وهز الاستقرار علهم يراكمون حالة مثلما فعلوا في سوريا، وبدأت عمليات التجنيد في دول جوار  مقابل 1500 دولار للفرد، وهذه الخطوة وصلت اصداؤها الى المكلف الاميركي الذي يدفع الضرائب، فخرجت تظاهرات في مدن اميركية عدة بينها واشنطن تندد بالتدخل في شؤون فنزويلا.

ان اهداف روسيا لا تنحصر في الحفاظ على الحكم الثوري البوليفاري، وانما وهذه مسألة مركزية في السياسة الروسية وهي رفع مستوى المصداقية الروسية لدى الدول التواقة الى التحرر من العنجهية الاميركية، وبالتالي افهام الاميركيين انهم غير قادرين على استباحة الدول كيفما يريدون، ودفعهم الى الاقرار بانهم غادروا موقع القطب الاوحد وعليهم مراجعة اسلوب التعاطي مع العالم ككل ومع روسيا بشكل خاص، ولم تكن روسيا لتقدم على مثل هذه الخطوة لولا البأس الذي خبرته لدى الشعب والجيش والقيادة في فنزويلا، بالاستعداد لمواجهة اي غزو محتمل، وامكانية ايقاع الاميركيين في مصيدة اين منها فييتنام. 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل