إنتفاضة طرابلسية على "الحلف الذي لا يقهر" ؟ ـ حسان الحسن

السبت 23 آذار , 2019 09:51 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

حتى الساعة، لم تتضح بدقة معالم الواقع الإنتخابي في طرابلس، كذلك لم تشهد هذه المدينة حماوة إنتخابية، وإستعدادات جدية، لملء المقعد السني الخامس، الذي شغر، بقبول المجلس الدستوري الطعن بنيابة ديما جمالي، وتقتصر الأجواء الإنتخابية في الفيحاء راهناً على بعض الزيارات والمشاورات، خصوصاً التي يقوم بها إبن عمة الرئيس سعد الحريري أحمد الحريري، متحملاً أعباء السفر من الجنوب الى الشمال، في محاولةٍ لشد عصب "الشارع الأزرق"، وكسب أصوات أكبر قدر ممكن من الطرابلسيين، لمصلحة جمالي، أثر حال الإستياء الذي أصابتهم، جراء أداء رئيس الحكومة الإستعلائي تجاه أبناء عاصمة لبنان الثانية، وأكبر معاقل المسلمين السنة في لبنان، بعد تبنيه المتسرع لإعادة ترشيح جمالي، من دون العودة الى رأي أي طرابلسي، بمن فيهم أعضاء تياره السياسي. وكان أبرز هذه الزيارات، هي الأخيرة التي قام بها أحمد الحريري آتياً من صيدا الى دارة الرئيس نجيب ميقاتي في الميناء في حضور جمالي، لإيهام الرأي العام الطرابلسي بأن "المستقبل" حريص على وحدة الصف السني، بعدما كان يعتبر أمينه العام  خلال الحملات الإنتخابية الفائتة، ميقاتي، هو إمتداد "للمشروع السوري – الإيراني في لبنان، أما اليوم فبات حليفاً صدوقاً، وسداً منيعاً في وجه هذا المشروع.

وتعتبر مصادر سياسية طرابلسية أن الإستفاقة الحريرية على "وحدة الصف السني"، لا تبدو سوى محاولة لتحفيز ناخبي المدينة على المشاركة في الإنتخاب المرتقب منتصف الشهر المقبل، والتصويت لمصلحة مرشحة الحريري.

وتتوقع هذه المصادر أن تكون نسبة الإقتراع  في الإنتخاب المذكور متدنية جداً، نتيجةً حال الإستياء والقرف لدى الطرابلسيين، إزاء الفوقية التي إنتهجها الرئيس الحريري في التعاطي مع ملف الإنتخاب الفرعي وسواه، ومحاولة الهيمنة على قرار مدينتهم ومصادرته، ودائما بحسب تعبير المصادر.

ولكن واقع الحال، خصوصاً الإنتخابي في العام 2019 مختلف تماماً عن 2005 و2009، فالتجارة بدماء الشهداء لم تعد تجدي نفعاً، كذلك لم يعد ينطلي على أحد إستحضار شعارات واهية غير واقعية، كالتصدي لحزب الله وسورية في طرابلس والضنية، لاسيما بعد دخول الحريري في تسوية مع الحزب، اعادته الى السرايا الكبيرة، بعد إبعاده عنها لنحو ستة أعوام.

وكان أول من خرق جدار الصمت، المرشح الرسمي للإنتخاب المذكور يحيى مولود، الذي لم يأبه للبلطجة التي يلجأ اليها "المستقبل" في التعاطي مع الطرابلسيين،  من خلال  تركيب حلف "أقطاب" يضم الى جانب "المستقبل" وميقاتي، الوزير السابق أشرف ريفي، لإيهام الناخبين، بأن هذا الحلف "لا يقهر"، وأن ما من أحد يستطيع مواجهته.

ومولود إبن مدينة الميناء، التي تشكل باحة للتنوع، هو مهندس يعمل في مجال الطاقة، وناشط سياسي واجتماعي في طرابلس، سبق له أن شارك في الإنتخابات النيابية الأخيرة، ونال نحو الف صوت تفضيلي، رغم إبتعاده كل البعد عن الخطب الطائفية، والمذهبية، وعن العائلات والأحزاب التقليدية بمجملها، كونه متحدر من عائلة يسيارية ويحمل أفكاراً مدنية وليبرالية، ليست موسمية بالنسبة إليه، فهو متمكسك بها، وثابت عليها، ولايزال يجاهر بها، بشهادة الجميع ممن يتفق ويختلف معه بالرأي.

وفي السياق، لا تستبعد مصادر قريبة من فريق الثامن من آذار أن يحظى مولود بتأييد أنصار هذا الفريق، خصوصاً  في حال لم يتبن ترشيح أحد من مكوناته أو أصدقائه، كون ترشيحه، هو الرسمي الوحيد حتى الساعة، الهادف الى كسر الاحتكار، على حد قولها. ولكن تجزم في الوقت عينه على أن صورة الواقع الإنتخابي لاتزال ضبابية حتى الساعة، في إنتظار جلاء مواقف الأطراف كافة، المؤثرين في الساحة الطرابلسية.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل