​طالبان .. الدور المستقبلي ـ يونس عودة

الثلاثاء 19 آذار , 2019 09:52 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

لم تعد العناوين البراقة التي اعتمد عليها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، لا سيما سحب القوات الاميركية الموجودة  كقوات احتلال في مناطق عدة من العالم، تغري احدا، لانها سرعان ما تفقد لمعانها مع انطلاق محادثات بشأن الانسحاب، بسبب الادوار التي تريد واشنطن رسمها لمخلفاتها في اي بقعة تتركها، وهذا ما يحصل حاليا مع حركة طالبان في افغانستان.

لا يمكن لعاقل ان يفكر بأن الولايات المتحدة تنوي مغادرة عسكرها من مكان دون ان تكون قد نثرت بذور فتنة تستمر لاعوام، بعد ان تكون جهزت البيئة المناسبة لذلك، فكيف بافغانستان التي تتميز بموقع جغرافي مفصلي في العالم، فهي تربط بين شرق اسيا وجنوبها - طريق الحرير القديم - كما تربط جنو ب وو سط اسيا،وتقع على حدودها دول محورية، فالصين التي تعمل على إعادة الروح الى طريق الحرير من اجل تجارتها تحدها من الشرق وتعتبرها الادارة الاميركية العدو التجاري رقم واحد، وايران الغريم السياسي الأول للولايات المتحدة تحدها من الغرب، وباكستان التي تتردى علاقاتها مع الولايات المتحدة تحدها من الجنوب، ومن الشمال تحدها 3 دول من الاتحاد السوفياتي السابق هي طاجيكستان واوزبكستان وتركمانستان.

اذن، كيف تغادر القوات الاميركية بعد 17 عاما من الاحتلال وفقدان أكثر 2700 ضابط وجندي في ارض المعركة  من دون حساب خسائر الدول الاطلسية المتورطة ايضا في الحرب الافغانية، فضلا عن صرف الاموال الطائلة، دون ان تقطف ثمرأ طالما حلمت به الادارات الاميركية، او على الاقل من دون حفظ الحد الادنى من ماء الوجه؟.

لقد عقدت الولايات المتحدة جولتي مفاوضات مع ممثلين لقيادة طالبان في الدوحة، للتوصل الى اتفاق جوهره الانسحاب الاميركي وكل القوات الاطلسية من افغانستان، وتحديد جدول زمني لبدء العملية، كان يفترض ان يكون تطبيق المرحلة الاولى مطلع شباط الفائت وتنتهي في اواخر نيسان المقبل ومضمونها سحب نصف القوات الاميركية، لكن هذا الامر لم يحصل حتى الساعة.

يقابل ذلك التزام طالبان بالتحرك ضد داعش في افغانستان، اي ان داعش التي انتقلت قيادات منها من العراق وسوريا الى افغانستان عبر طائرات اميركية - وهذه بيانات موثقة- سوف تقوم بتسخين الوضع هناك ولاسيما على الحدود القريبة من روسيا والصين وايران وفق المقتضيات مع تحضير بنية الفقراء في الدول السوفياتية السابقة ذات الغالبية المسلمة لتكون جزءً من الحرب المراد اشعالها في تلك المنطقة. وتكون واشنطن ضربت 5 عصافير بحجر واحد اذا نجح السيناريو الموضوع، سيما ان الحكومة الافغانية والرئيس اشرف غني، مستبعدون من المفاوضات التي عنوانها ارساء سلام شامل في افغانستان. وفي السياق  شدد الرئيس اشرف غني الذي ابدى استياءه من التوجهات الاميركية على "انه لا يمكن لاحد تنحية الحكومة، لان استبعادها لا يصنع القرار". 

ان هدف تهميش  الحكومة الافغانية، وعقد اتفاق اميركي منفرد مع طالبان  ظهر سريعا مع شن الحركة ذات الاصول القاعدية هجمات واسعة في ست ولايات ضد المراكز الحكومية وقتل عشرات الجنود، لا بل دفع العشرات منهم الى حدود تركمنستان، لتصبح الارض الافغانية بعد استكمال المشروع في غالبيتها تحت السيطرة الطالبانية، اي اشبه بسيناريو اختلاق وجود داعش في العراق، تم تمدد بسرعة النار في الهشيم.

بالمقابل فان موسكو شهدت ايضا برعاية روسية اجتماعان لقوى افغانية ركيزتها طالبان وشخصيات افغانية اعتبارية معارضة للسلطات الحالية،غابت عنها حكومة اشرف غني التي رحبت بابتعاد حركة طالبان عن التنظيمات "الارهابية" وقد وصف رئيس وفد طالبان شير محمد عباس ستانيكزاي المحادثات بانها "ناجحة جدا" وامل تحقق المحادثات المقبلة التي تسعى موسكو الى اشراك الحكومة فيها،نجاحات اكبر في المستقبل يقود الى حل يرسي سلاما  شاملا في افغانستان.

لا شك ان الاهداف الاميركية ليست محصورة فقط بفتنة داخلية مطلوب ان تستمر لسنوات، وانما الهدف الاوسع تأخير اعادة طريق الحريرالذي سيمر الى باكستان  من خلال عدم الاستقرار، وكذلك اشعال المنطقة الحدودية مع روسيا، ومحاولة تطويق ايران ايضا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل