مكافحة الفساد .. هل تمنع مؤامرة "التوطين"؟ ـ د. ليلى نقولا

الإثنين 11 آذار , 2019 09:26 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تتشابك الملفات الداخلية اللبنانية مع الحركة الخارجية والاقليمية في المنطقة ككل، إذ يتوجه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو الى لبنان خلال هذا الشهر في الوقت الذي يتوجه فيه رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون الى روسيا في زيارة رسمية على جدول أعمالها بحث المبادرة الروسية لحل أزمة اللاجئين السوريين بالدرجة الاولى بالاضافة الى بحث إمكانية التعاون المستقبلي، خصوصاً في مجال النفط.

وضمن الزيارات المكثفة للمسؤولين الاميركيين الى لبنان، بداية فوتيل ثم ساترفيلد وبعدهم بومبيو، يمكن أن يستشف اللبنانيون، التوجهات الاميركية في لبنان، وهي كما يلي:

- يصرّ الأميركيون على اعتبار لبنان جزءًا من حيّز نفوذهم الشرق الأوسطي الذي لن يقبلوا بالتخلي عنه، وبالرغم من أن الأميركيين، وانطلاقًا من واقعيتهم وبراغمايتهم، يدركون أن لبنان كما العراق سيبقى مساحة نفوذ مشتركة بينهم وبين الايرانيين، إلا أنهم حريصون على محاولة توسيع نفوذهم في لبنان مقابل تقليص النفوذ الايراني أو على الاقل حشر حلف المقاومة في لبنان في أضيق مساحة نفوذ ممكنة.

ومن هذا الهدف الأكيد، كانت كلمة السيد حسن نصرالله التي وجهها الى جمهور المقاومة، على اعتبار ان العقوبات الأميركية على حزب الله ستزداد وعليهم أن يدركوا أن الأيام المقبلة ستكون صعبة، ولكنها معركة سينتصرون فيها كما انتصروا في حرب تموز قبلها.

- يحرص الأميركيون على أن لا يفسحوا في المجال لتغلغل النفوذ الروسي في لبنان، خصوصاً أن الأمور تتجه الى تكريس نفوذ روسي محتوم في سوريا، لذا فإن أي امتداد للروس الى لبنان سيجعل من روسيا دولة أكثر محورية في الشرق الأوسط...

- يربط الأميركيون عودة النازحين السوريين بالحل السياسي في سوريا، وذلك لاستخدام ورقة النازحين كأداة ضغط على لبنان وسوريا معًا... لا تأبه الدول عادةّ للأمور الإنسانية في سياستها الخارجية، وتبقى المصالح هي الفيصل في تحديد أهداف الدول وحركتها الخارجية، لذا فإنهم يتعاطون مع ملف النزوح السوري من باب مصالحهم وليس من باب الحرص على اللاجئين، ولا يعنيهم إن كان لبنان قد تحمّل ما لا يحتمل من جرّاء أزمة النزوح.

وفي هذا الإطار، تشير التقارير المختلفة أن الأوروبيين ربطوا مساعدات مؤتمر "سيدر" بقيام اللبنانيين بتشغيل اللاجئين السوريين وإدماجهم في المجتمع وفي سوق العمل اللبناني. وهذا مؤشر خطير، يدّل على أن أزمة النزوح السوري، في حال لم يتنبه لها اللبنانيون والسوريون، ستتحول الى أزمة تشبة أزمة اللجوء الفلسطيني في لبنان والدول المجاورة.

من هنا، فإن الخيار اللبناني لمواجهة هذه المشاريع الخطيرة، تكون عبر مسارين:

- التنسيق مع الدولة السورية لإعادة السوريين الى وطنهم، للمساهمة في إعادة إعماره وللعيش بكرامة في أرضهم والحفاظ عليها.

- العمل اللبناني الجدّي والحثيث على مكافحة الفساد والعمل على إعادة الاموال المسروقة من قبل بعض السياسيين والنافذين الذي سرقوا المال العام. فلربما، تكون إعادة الأموال المسروقة عبر القضاء، مقدمة لتمويل الموازنة العامة، وعندها لا حاجة الى قروض سيدر المشروطة والتي قد تؤدي الى رهن لبنان ومستقبله للمؤسسات والدول المانحة بتحوله الى "يونان" ثانية، أو يجعله يخسر سيادته واستقراره الداخلي ويخسر إرادته عبر فرض "التوطين" الفلسطيني والسوري والذي يريح اسرائيل ويسمح لها بتمرير "صفقة القرن".


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل