حزب الله ومكافحة الفساد "وعدٌ صادقٌ" جديد  ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 27 شباط , 2019 09:43 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما وضع السيِّد حسن نصرالله يده على صدره خلال أكثر من إطلالة، أثناء الحملات الإنتخابية النيابية في ربيع العام 2018، مُعلناً قرار حزب الله مباشرة المساهمة في مكافحة الفساد، وأن لجنة برئاسة النائب حسن فضل الله قد تمّ تشكيلها لدراسة كافة الملفات المرتبطة بالمال العام، كان لافتاً أن سماحته قد أخذ على مسؤوليته الشخصية هذه الورشة المُرهِقة بتراكماتها، وعلى عكس كل الكلام الإنتخابي الممجوج بالوعود لدى الآخرين، آمن اللبنانيون بغالبيتهم الساحقة، أن صاحب "الوعد الصادق" ليس مُلزماً بالتعهُّد الشخصي، لو لم يكُن واثقاً من قدرات أهل الإختصاص في هذه اللجنة على اختراق مغاور علي بابا، والمساهمة بتطهيرها بالتكافل والتضامن مع الحليف الساكن قصر بعبدا.

ولعلَّ أخطر ما في الحملة على الفساد، أن شريحةً واسعة من المواطنين اللبنانيين تُشكِّك بإمكانات نجاحها، رغم صدق نوايا الحزب وحلفائه، لأن هناك مجموعة من الفاسدين ما زالوا يُمارسون السياسة كشركاء في الحُكمِ والقرار، سواء عبر المجلس النيابي أو عبر ممثِّليهِم داخل الحكومة، وأن الفاسد لا يُمكِن أن يتعاون لإدانة نفسه، الى أن جاءت إطلالة النائب فضل الله لتتحدث بالأرقام عن عمليات مالية مشبوهة تستوجب الإحالة الى القضاء، واعتبر النائب العام المالي علي ابراهيم أن ما ورد على لسان النائب فضل الله هو بمنزلة إخبار للنيابة العامة.

المشكلة الثانية، هي أن فريقاً سياسياً حَكَم منذ التسعينات، وهو الآن شريك أساسي في الحُكم، يعتبر نفسه مُستهدفاً لأسباب سياسية، و"يخلط شعبان برمضان"، وأن إستهدافه يأتي رداً من حزب الله على موضوع المحكمة الدولية التي قاربت النُطق بالحُكم باغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ولأن غالبية المخالفات في القيود المالية والمُحاسبية، حصلت خلال وجود الرئيس فؤاد السنيورة في السراي، انتفض الأخير عبر ما يُسمَّى مكتبه الإعلامي، وهاجم حزب الله بحقدٍ مسموم، وأعلن أنه سيعقد مؤتمراً صحفياً يوم الجمعة المقبل، يٌفنِّد خلاله الأرقام المرتبطة بال 11 مليار دولار التي "صُرفت على شؤون الناس"، لكن المطلوب من السنيورة في إطلالته، أن يحكي لا أن يبكي، وأن يدافع عن نفسه بالأرقام لا بتمثيل الأفلام، وعليه إبراز نُسَخ عن أوامر الصرف وفواتيرها والمستندات ذات الصِلَة، وعليه كذلك تبرير آلاف الأرقام المُحاسَبية المُلغاة والمُستبدلة بأخرى، كي لا تضيق قضبان قفص الإتهام عليه أكثر فأكثر، وهي سوف تضِيق لأنه لا يملِك ما يُعوَّل عليه للدفاع عن نفسه.

الحقد أيضاً نُفِثَ من طرابلس على حزب الله، واعتبر أشرف ريفي أن زيارة وزير الصحة جميل جبق الى الشمال "مسرحية"، ولأن الموسم موسم انتخابات نيابية فرعية، فإن كل ما يملكه ريفي لتجييش حفنة مُناصريه هو البخّ المسموم على الحزب، خاصة أن ما ورد على لسان مفتي عكار وفعالياتها خلال الزيارة المُثمِرة للوزير جبق كشَف زيف من يدَّعون تمثيل الشمال وفي مقدِّمتهم أشرف ريفي.

على أية حال، الأرقام باتت الآن بعهدة النائب فضل الله، ومنه الى المعنيين في المجلس النيابي والحكومة، وقد يكون من الأفضل لأي مُرتكِب لمخالفات نهب وتزوير واهمال في إهدار المال العام أن يتعاون، الى حدود إعادة بعض الأموال الى خزينة الدولة، لأن حزب الله ومنذ إنجاز التحرير عام 2000 وحتى تحقيق النصر في تموز 2006، حريص على دولة القانون والعدالة والنزاهة لتحصين وضع وطن الإنتصارات، وإخراج البلد من واقع المديونية التي فاقت قدرات الدولة لخدمة فوائد الدين العام، ونحن نعتبر أن حزب الله قد تورَّط في موضوع مكافحة الفساد، وهي أشرف ورطة، لأن لا حدود أمامه ولا حواجز تمنعه من الوصول الى "الإنتصار" في كل ما يأخذه على عاتقه، احتراماً منه لأدبيات عمله السياسي ووفاءً للشعب اللبناني الذي راهن عليه في معارك وجودية، ونحن نعتبر أن حزب الله بالتكافل والتضامن مع العهد، وبالتعاون مع القضاء، سوف ينجح في معركة الشرف هذه، وأن وعداً صادقاً جديداً سوف يتحقق ولو طال زمن مُداهمة المغاور والكهوف..


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل